تتواصل ردود الفعل على الساحة المصرية منذ عرض الفيلم الإسرائيلى "زيارة الفرقة" فى القاهرة، وهو العرض الذى هاجمته العديد من الأوساط الفنية، بل والسياسية والثقافية المصرية التى اعتبرت بعضها عرض الفيلم، بمثابة خيانة كبرى فى حق الوطن، بل وطالبت الفنانة سميحة أيوب فى تصريحات نسبتها لها صحيفة البديل، بأنه يجب محاكمة كل من حضر هذا الفيلم واعتباره خائناً من غير المقبول أن يعيش فى هذا الوطن.
وبغض النظر عن هذه الآراء، سواء التى أيدت عرض الفيلم أو رفضته، فإن حضور المخرج الإسرائيلى إيران كوريلين إلى القاهرة وعرض السفارة الإسرائيلية فيلم "زيارة الفرقة"، يعتبر أمراً مهماً للغاية، بل وحدثاً فنياً يجب متابعته ونقل ما ورد فى وسائل الإعلام الإسرائيلية عنه، باعتبار أن هذا الحدث وقع على أرض مصر، بل وفى واحدة من أكبر فنادقها وبحضور العديد من كبار الأدباء والصحفيين والمفكرين مثل الكاتب الكبير أنيس منصور والروائى على سالم.
بداية، يجب أولاً معرفة قصة الفيلم والأحداث المرتبطة بها وهل هذا الفيلم يسئ إلى مصر أو يشوه صورتها أم أنه مجرد عمل فنى تقليدى أنتجته تل أبيب وحرصت على عرضه فى القاهرة، محاولة منها لفتح باب التطبيع الثقافى والفكرى المنغلق منذ التوقيع على اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب منذ عام 1979 حتى الآن.
بداية، تدور أحداث الفيلم حول حضور فرقة مصرية لإسرائيل من أجل المشاركة فى حفل فنى، غير أنه ونتيجة للإجراءات البيروقراطية وسوء الحظ لم يأت أحد لاستقبال أعضائها.
وبدلاً من أن يصل أعضاء الفرقة إلى مدينة بيتح تكفا الشهيرة فى إسرائيل، لإحياء الحفل الفنى, وجدوا أنفسهم فى بلدة صغيرة فى جنوب إسرائيل. وخلال مكوثهم فى البلدة تعرف أعضاء الفرقة على الإسرائيليين وتغلبوا على الاختلافات الثقافية فيما بينهم.
ومن هنا، فإن الفيلم فى البداية لا يعرض لعمل يسىء إلى مصر أو ينتقدها، بل على العكس يعرض جوانب إيجابية تشيد بالفن المصرى وتسعى إلى إغراء الإسرائيليين بالتعلق به، وذلك فى إطار مشاركة العرب الفلسطينيين أنفسهم فى هذا الفيلم والترويج لعظمة الفن المصرى ذاته، مثل الفنان الفلسطينى صالح بكرى ابن المخرج الفلسطينى الشهير محمد بكرى، الذى طالما انتقد إسرائيل فى أعماله الفنية وخاض معها العديد من المعارك القضائية، ومنها المعركة التى تسبب فيها فيلمه الأخير "جنين جنين" والذى رفضت المحكمة العليا فى إسرائيل تغريم بكرى أو محاكمته بسببه، الذى جسد دور خالد العضو الشقى فى الفرقة، بالإضافة إلى الممثلين الإسرائيليين البارزين ساسون جاباى ورونيت إلكابيتز.
ويشير المخرج الإسرائيلى للفيلم إيران كوريلين، أنه سعيد للغاية بزيارة مصر، موضحاً أنه سعيد بعرض هذا العمل فى مصر، لأنها أكبر دولة فى المنطقة وذات مصدر إلهام له وللعديد من الفنانين المصريين. وأعرب عن سعادته بالتواجد فى القاهرة والبقاء فيها ورؤية العديد من أشكال التراث الفنى والفكرى بها، غير أنه وفى نفس الوقت كان يتمنى حضور أكبر عدد ممكن من المصريين إلى الفيلم، غير أنه لا يريد أن يفرض على أحد حضور الفيلم، موضحاً أنه "لا إكراه" فى الفن، وعلى الرغم من أنه يتمنى أن يشاهد فيلمه أكبر عدد ممكن من المصريين، إلا أن الكثيرين رفضوا هذا العرض وبالتالى فمن رفض العرض هو حر فى رأيه ومن أتى إليه أهلاً به، غير أنه تمنى فى نفس الوقت ألا يخلط المصريون بصورة خاصة أو العرب بصورة عامة الفن بالسياسة.
وعن رأيه فى التناقض الذى عرض به كوريلين أعضاء الفرقة، وبالتحديد نموذج رئيس الفرقة توفيق الملتزم وخالد الشاب المستهتر، وحول ما إذا كان يريد أن يرمز لهذين الجيلين بالجيل الرافض للتطبيع والجيل الداعم له، يقول كوريلين إنه يعرض الفيلم للفن ومن أجل الفن فقط، ولا يهدف إلا خدمة الحبكات الدرامية التى تخدم عمله الفنى، وبالتالى فإنه لا يريد أن يرمز إلى الجيل المطبع بأنه جيل مستهتر والعكس، ولكنه قدم نموذج الشاب خالد الذى يخرج مع الشباب فى الديسكو وينام مع البطلة بلا رقيب، كنموذج موجود فى المجتمع المصرى بالفعل ولا يمكن إنكار وجوده.
جدير بالذكر أن الفيلم تم رفض عرضه فى مهرجان أبو ظبى للأفلام، الأمر الذى أصاب إيران بالإحباط، وعن هذه النقطة يقول إيران إنه أصيب بالإحباط الشديد، معترفاً بأن الإسرائيليين مسئولون عن هذا الأمر، خاصة أن إدارة المهرجان قدمت إليهم دعوة وهو ما دعاهم للتفاعل معها، وجعلهم يتحدثون للصحف الإسرائيلية عنها، وهو ما أدى إلى كتابة هذه الصحف وبصورة "احتفالية" نبأ هذه الدعوة، الأمر الذى أدى إلى غضب وسائل الإعلام العربية، ومن ثم الفنانين العرب من هذه الدعوة ورفضها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة