المصريون يرفضون تهويد التاريخ

الثلاثاء، 15 يوليو 2008 02:22 م
المصريون يرفضون تهويد التاريخ التاريخ يثبت أن العبرانيين لم يكن لهم وجود فى مصر
إعداد لولا لحام عن فرانس 24 الفرنسية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعززت الساحة الأدبية المصرية والعربية، بمؤلف جديد بعنوان "تهويد التاريخ"، وهو ثمرة عمل باحثين مصريين طيلة 10 سنوات، جمعوا خلال مجلداته المتعددة، أبحاثاً ومؤلفات فى الترجمة ومناقشة المحتويات طيلة عصور من الزمن.
مجموعة "تهويد التاريخ" عمل ضخم يشكل إنجازاً كبيراً، من حيث الترجمة ومناقشة المحتويات موضوعياً وعلمياً، كما يشكل مرجعاً مهماً للقارئ ولأصحاب الاختصاص. وفى السياق الذى سماه الشعراء والنقاد العرب القدامى "المدح فى معرض الذم"، فإن من يود أن يكتب عرضاً نقدياً عن هذا العمل البارز قد يشعر بحرج، ربما وصل إلى نوع من أنواع "الضيق" ـ اللازم ـ إزاء ضخامة العمل.
العمل المتعدد المجلدات ضخم ومتشعب، ولابد إذن من التركيز على مجالات تشكل سمات عامة فيه، وتقدم صوراً جلية عن اتجاه المؤلف اليهودى الروسى الأصل إيمانويل فليكوفسكى، و"المهمة" التى وضعها نصب عينيه، كما تقدم فى الوقت نفسه صورة عن المنهج الذى اتبعه الباحثون المصريون وبشكل خاص محرر هذا المشروع، الباحث رضا الطويل.
تحضر إلى الذهن، نتيجة ما نقرأ فى الكتاب، تلك النظرية الساخرة التى تقول بوجوب "التحكم" بالقدم نفسها كى نجعلها تصبح مناسبة للحذاء، ويمكن إيجاز كثير من مواقف إيمانويل فليكوفسكى، ببعض ما قال الباحث رضا الطويل فى نقده للمؤلف فى الجزء الأول من المجلد الأول، ومنه "لا يعدو مشروع فليكوفسكى لإعادة ترتيب أحداث التاريخ القديم فى "عصور فى فوضى" غير محاولة لضبط مسلسل أحداث التاريخ المصرى مع إيقاع التاريخ الإسرائيلى، الذى يقف بلا شواهد تاريخية تؤكد مصداقيته حتى أواسط القرن التاسع قبل الميلاد".
جاء هذا المشروع الضخم فى حوالى 2750 صفحة متوسطة القطع، وصدر عن "جماعة حور الثقافية" بالتعاون مع "العروبة للدراسات والأبحاث" التى لا تزال تحت التأسيس، واشتملت مجلداته الخمسة على ستة أسفار تحت عنوان عربى، ارتفع فى رأس كل مجلد منها هو "تهويد التاريخ" وفى القسم السفلى تحت صورة لتمثال أخناتون، يرد العنوان الذى أعطاه فليكوفسكى لعدد من مؤلفاته وهو "عصور فى فوضى".

الباحثون الذين أنجزوا هذا المشروع، هم رضا الطويل وكمال رمزى ورفعت السيد على ومحمود الطويل وفكرى منير وعلى قلامى وخالد شاكر. وقال هؤلاء أن ترجمة سلسلة "عصور فى فوضى" بكتبها الستة وإعدادها للنشر استغرقت ما يتجاوز عشرين سنة كاملة من العناء، وأهدوا المشروع إلى الباحثين الراحلين أحمد عمر شاهين ومحمد جلال عباس، فقد شارك فى الترجمة الراحلان أحمد عمر شاهين ومحمد جلال عباس والباحث فاروق فريد.
اشتمل الجزء الأول من المجلد الأول "رؤى نقدية" على كتابين، أولهما حمل عنوان "عصور ليست فى فوضى" لرضا الطويل والثانى عنوانه "العلماء يواجهون فليكوفسكى" لكارل ساغان وآخرين وترجمه إلى العربية الدكتور رفعت السيد على.
الجزء الثانى من المجلد الأول عنوانه "السفر الأول: من الخروج إلى الملك أخناتون" بعده يأتى "المجلد الثانى: السفر الثانى: عوالم تتصادم" والمجلد الثالث وفيه "السفر الثالث: الأرض فى اضطراب والسفر الرابع: أوديب وأخناتون"، والمجلد الرابع وفيه سفران: الخامس وعنوانه "شعوب البحر" والسادس وعنوانه "رمسيس الثانى وعصره".

قال رضا الطويل فى المقدمة "قصتنا مع الكتاب"، إنه التزم بكتابة دراسة نقدية "تفند مزاعم فليكوفسكى فى "أوديب وأخناتون"، وتحدث عن دراسته التى "رد فيها على المؤرخ الصهيونى إيمانويل فليكوفسكى، الذى أعاد كتابة تاريخ البشرية والتاريخ الفرعونى، خاصة من وجهة نظر جديدة تثير ضجة كبيرة لو صدقت، وانتهى رضا الطويل من كتابه الأول فى هذا الموضوع، رداً على كتاب فليكوفسكى "أوديب وإخناتون" الذى "يزيف التاريخ بشكل ظاهره العلم، وباطنه الكراهية والتعصب والزيف".
فى "عصور ليست فى فوضى" وتحت عنوان "فليكوفسكى وأخناتون"، نفى الطويل اعتبار فليكوفسكى "مؤرخاً من المؤرخين المدققين الذين أضاءوا لنا مجاهل التاريخ القديم، واعتبر فليكوفسكى متقوقعاً فى صدفة قناعاته المقدسة فلا يرى من التاريخ إلا ما يتوافق مع الأساطير التوراتية أو بتعبير أدق، يرغم التاريخ على الخضوع لسيطرة هذه النزعة المحددة".

يرفض الطويل، بعد عرض ونقاش مسهبين، ما زعم فليكوفسكى أنه توصل إليه من كشوف تاريخية ووصف مزاعمه، بأنها تشويه لصورة أخناتون وللتاريخ قائلاً: "وأخيراً ينتهى فليكوفسكى من حيث بدأ فلم يكن "أوديب وأخناتون" بحثا فى الجذور التاريخية لأسطورة أوديب (الإغريقية) ولا يعد دراسة فى التاريخ المصرى القديم، فهو لا يعدو أن يكون محاولة طريفة لهدم نظرية فرويد فى "موسى والتوحيد" والنظريات الأخرى المشابهة".
وفى مجال آخر، يتناول الباحث مسألة الشك عند عدد من المؤرخين فى وجود الإسرائيليين تاريخياً فى مصر، وهى نظرية قديمة أثيرت من جديد، وقالت الدكتورة هيلين صادر عالمة الآثار وأستاذة التاريخ اللبنانية فى الجامعة الأمريكية ببيروت فى محاضرة لها وفى مقابلة مع رويترز قبل نحو سنتين، أن عدداً من علماء الآثار والمؤرخين اليهود فى جامعة تل أبيب، بين أهم من يتبنى هذا الرأى من علماء التاريخ.
وتحت عنوان "تحذيرات السياسى العجوز ـ خلاصة القول"، أشار رضا الطويل إلى خلو التاريخ المصرى، مما يشير إلى وجود الإسرائيليين فى مصر "فى بحثه عن ارتباط التاريخ المصرى والتاريخ الإسرائيلى، افترض فليكوفسكى أن شواهد التاريخ المصرى القديم صمتت عن الإدلاء بأى معلومات عن العلاقة بين تاريخى أرض مصر وأرض فلسطين على ما بينهما من روابط الجوار.
ويضيف: "وعلى الرغم من وفرة الشواهد والوثائق والآثار التى وصلتنا عن علاقة مصر بأرض فلسطين والمستطيل السورى والتى ترجع بتلك العلاقات الحميمة بين الأرضين إلى عصر ما قبل التاريخ، وعلى الرغم من أن كل هذه الوثائق والشواهد والآثار، حدثتنا حديثا مستفيضا عن السكان وأصولهم وتاريخهم، لم تذكر من بين من ذكرتهم الأسباط اليهودية، مما يعد دلالة لا يمكن دحضها على عدم وجود هذه الأسباط فى تلك المناطق خلال تلك العهود، كما أن صمت شواهد التاريخ المصرى عن أى ذكر للعبرانيين لا يرجع لإغفال وجودهم أو التغافل عن تاريخهم، وإنما لعدم وجودهم أصلا خلال تلك الأحقاب الطويلة من الدهور".
لابد من القول ـ إنصافا ـ أن مجموعة "تهويد التاريخ"، إنما هى عمل ضخم مهم وممتع تجدر قراءته والبحث فى ما يتضمنه بتمعن، فهناك خطر من أن يكون فى أى عرض نقدى له شىء من الظلم لهذا العمل وإن دون قصد.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة