علاء عبد الهادى

مطبّات قانون المرور

الإثنين، 14 يوليو 2008 12:10 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أيام ويبدأ تطبيق قانون المرور الجديد، فى محاولة للسيطرة على حالة الفوضى والتسيب التى يشهدها الشارع المصرى، حتى أصبحت مادة ثرية تتندر بها وسائل الإعلام العالمية. يحدث فى الشارع المصرى ما لا يتصوره عقل، ولا يخضع للمنطق، ويكون نتيجته، ضياع الآلاف من الأرواح بسبب حوادث الطرق التى تحتل فيها مصر المركز الثانى، وبكل فخر، على مستوى العالم، إضافة إلى إهدار مليارات الجنيهات سنويا فى صورة مواد طاقة يتم حرقها فى شوارع مصابة بحالة شلل مرورى، وفى صورة وقت يهدر بالساعات كان يمكن توجيهه لأشياء مفيدة، ناهيك عن ضياع العمر وحرقة الأعصاب، التى أصبحت من سمات المصريين، بعد أن كانوا أهل نكتة "وحظ".

القانون الجديد يلجأ إلى أسلوب التغليظ القانونى للمخالفات التى ترتكب، وبالذات لمخالفات السير عكس الاتجاه وكسر الإشارات، والقيادة تحت تأثير المخدرات والمسكرات، وهى من عادات سائقى المقطورات والترلات، وبالذات على الطرق السريعة، والنتيجة عادة ما تكون كارثية.

ولكن....
قبل كل هذا، هناك ما هو أهم، أن يكون لدينا كمجتمع، ثقافة احترام القانون من كل فئات المجتمع، وأن يطبق على جميع الأفراد، من دون أية تفرقة بين صغير أو كبير أو بين أمير وغفير، فنحن نكتب شهادة وفاة أى قانون عندما نستثنى فئة من الفئات، وكأن على رأس أصحابها ريشة أو أنهم فوق القانون.

أتحدث بصورة أكثر صراحة ومباشرة: هل سيطبق القانون على ضابط الشرطة المخالف؟
وهل ينتقص من هيبة ضابط الشرطة أو رجل القضاء أن يسدد غرامة مخالفة ارتكبها هو أو أحد أفراد عائلته؟ ثم ماذا عن أصحاب السيارات السوداء ذات الزجاج "الفيميه" التى تحمل أربعة أرقام، ومن يقودونها يعملون فى جهات سيادية. من الآخر لن تنفع كل قوانين الدنيا، مهما تم تشديد وتغليظ العقوبات فى القضاء على صور الفوضى فى الشارع المصرى.

منذ أيام عدت من الساحل الشمالى واستوقفنى أنا وغيرى كمين رادار، وكانت السيارة التى أمامى تحمل أربعة أرقام فقط، وفوقها جملة "هيئة قضائية"، فما كان من الضابط بعد أن رأى أوراق من فى السيارة، إلا أن اعتذر عن توقيف سيادته وأعطاه التحية الواجبة، وأمر بسرعة إفساح الطريق لسيادته، وبعد ذلك عاد لبقية السيارات المخالفة للسرعة المقررة، بعد أن كسا وجهه بتكشيرة وهيبة مصطنعة.

كيف يمكن لمن تابعوا هذا المشهد وغيره أن يحترموا قانونا لا يطبق على المستضعفين "اللى مالهمش ضهر" فإذا كان لك ظهر فلا تبتئس، ودوس ولا يهمك" اكسر ما شئت من الإشارات، واركن سيارتك فى أى مكان، لا تعر للمخالفات التى يسجلها عسكرى المرو أية أهمية، فكل شىء سيتم تسويته، فقط زيارة بسيطة "لفلان بيه" بعد أن يكون "علان باشا" قد قال له المطلوب، وتأكد ساعتها أن كل ما يقال عن المرور ما هو إلا تحصيل حاصل.

أستاذ جامعه أعتز بصداقته وبعلمه، قال لى إنه وهو يدرس لنيل درجة الدكتوراه من ألمانيا الغربية، وتوقف بسيارته فى إشارة مرور ليجد على يساره المستشار الألمانى فى سيارته فى انتظار أن تفتح له الإشارة، وتصادف أن كانت إشارة رئيسية يقف فيها رجل مرور وهو من الأمور النادرة، وبعد أن أضاءت باللون الأخضر، أعطى عسكرى المرور التحية للمستشار!
نحن فى مصر لم نعد نحترم أى قانون، وتربينا على أن نبحث عن الثغرات، حتى أصبحت لدينا صور مشينة للتعدى على هيبة القانون ممن هم يحسبون أنفسهم من علية القوم وأن القانون لم يسن لكى يطبق على أمثالهم، فهذا يصنع لوحة نمر على مزاجه، وهذا يسير بدون نمر وذاك يخرج لسانه للناس وللمجتمع وللدنيا كلها، عندما يحمل لوحة مكتوب عليها باللغة الإنجليزية الرقم مشغول!!

أهلا بالقانون الجديد، وإذا لم يكن على رأس أولوياتنا أن يتم تطبيقه على الجميع، فسوف يكون مصيره هو نفس مصير كل القوانين التى سبقته، نبحث فى طرق للتحايل عليها لا تطبيقها.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة