فتحى الشوادفى

" دى مش كورة.. دى مدعكة"

الإثنين، 14 يوليو 2008 12:10 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من المفترض أن كرة القدم مصدر للترفيه عن جمهورها، وبالتالى فهى منفذ للتنفيس عن ملايين مشجعيها الذين تطحنهم الحياة، ولما كنا فى مصر، حيث عملية الطحن أشد إيلاماً، فالطبيعى أن يهرب الملايين إلى الكرة ومبارياتها وأخبارها لتكون مادة بسيطة "لقعدات" السمر ومشاكسات الأصدقاء، ولكن ما يجرى فى مصر حاليا جعل كرة القدم مصدراً للاحتقان وتقليب المواجع وزيادة الكبت والخناقات، وأصبح لسان حالنا يقول "دى مش كورة.. دى مدعكة".

وبفضل كرة القدم أصدر المصريون شهادة وفاة رسمية لوهم العمل العام الذى يفترض فيه أنه عمل تطوعى وخدمة عامة تهدف إلى خدمة المجال الذى ينتمى إليه المتطوع، فالقائمون على اتحاد كرة القدم، ويفترض فيهم أنهم جاءوا متطوعين لخدمة وتطوير كرة القدم، "بزنسوها" أى حولوها إلى بيزنس، وحولوا ما جاءوا لخدمته إلى خدامة عندهم تحقق مصالحهم ومطامعهم فقط على حساب كرة القدم نفسها ودورها كمنفذ للتنفيس. فعلى سبيل المثال، من أجل عيون نائب رئيس الاتحاد ومطامعه فى مقعد فى البرلمان تم زيادة فرق الدورى العام وتوظيف الحكام، ليكون لدائرة طنطا فريق فى الدورى الممتاز بشرط أن "يترستك" الكابتن شوبير تحت القبة، وبعدها اشتكى القائمون على كرة القدم والمشاركون فيها من طول الموسم وإجهاد اللاعبين وربكة المواعيد.

ولأن الحكاية "شيلنى واشيلك " فقد جاء الدور على السيد ممدوح عباس لتخدمه كرة القدم واتحادها، ومقابل تنصيبه رئيساً لنادى الزمالك يتم تدمير الكرة وقوانينها والمنتخب الوطنى "وأى حد" يقف فى طريق وصول عباس إلى رئاسة نادى الزمالك، والغريب أن أزمة اللاعب هانى سعيد كشفت لنا عن تواطؤ مريب بين الجهة الإدارية المنوط بها تطبيق القانون وعباس فى الاحتيال على القانون، وهو ما تجلى فى تصريحات أحد أعضاء مجلس إدارة الزمالك، حينما برر وجود شيكات وأذونات صرف بتاريخ قديم لاستخدامها فى فترة الريبة لمساعدة السيد عباس فى الإعلان عن شراء اللاعبين فى فترة الريبة، بالمخالفة للقانون، واشترى هانى من الإسماعيلى الذى لا يجوز له ولنفس السبب بيع اللاعبين، لأنه أيضا فى فترة الريبة.

إذن فالبائع لا يمتلك حق البيع والمشترى لا يحق له الشراء، والجهة المنوط بها تنفيذ القانون تشارك وتساعد فى مخالفة القانون. أما منتخب حسن شحاتة ونجله فقد خسر صفته كمنتخب وطنى أو" قومى سابقاً"، وانضم إلى حملة "شيلنى واشيلك "، و"يتحرق" المنتخب الوطنى والقومى، مقابل أن يحتضن عباس كريم شحاتة نجل المدير الفنى للمنتخب. انضم شحاتة إلى غرفة عمليات ممدوح عباس فى الانتخابات، وأعلن بالمخالفة للأعراف والتقاليد تأييده لعباس وفتح بوابة الدخول أو الاستمرار فى المنتخب الوطنى عبر تأييد عباس، وكان أول من حاول الدخول عبرها - والأيام بيننا- الكابتن أيمن عبد العزيز الذى ترك معسكر فريقه ليعلن تأييده لعباس بالمخالفة أيضا للأعراف والتقاليد، ولا أعلم كيف سيدافع الكابتن أيمن عبد العزيز عن نفسه إذا لم يوفق عباس فى الانتخابات.

الكابتن حسن شحاتة الذى اهتم بزيادة أو مضاعفة راتبه والتغيير لاتصالات، لم يهتم بالتعامل النفسى مع لاعبيه بعد فوزهم ببطولة الأمم الأفريقية، حتى وقعت مفارقة غريبة تدل على أنه "فيه حاجة غلط"، وهى أن أكثر من ثلثى لاعبى المنتخب الوطنى من لاعبى الدورى المصرى الذين شاركوا فعليا فى نهائيات الأمم أصيبوا بفيروس التعالى على أنديتهم، فهرب عصام الحضرى من النادى الأهلى، ورفض عماد متعب التجديد للأهلى وفضل السفر لنادى درجة تانية، ومازال سيناريو عمرو زكى مع الزمالك مستمرا،ً وقرر لاعبو الإسماعيلى سيد معوض وحسنى عبدربه وهانى سعيد مغادرة الإسماعيلية.

وبمعنى آخر فإن ستة لاعبين من إجمالى تسعة من لاعبى المنتخب المصرى شاركوا فعليا فى نهائيات الأمم الأفريقية، قيل فيهم وفى إخلاصهم وفى رجولتهم وجدعتنهم قصائد شعر، أصابهم فيروس التعالى على من صنعهم وقدمهم للمنتخب، ولم يفلت من هذا الفيروس سوى محمد أبوتريكة من الأهلى ومحمود فتح الله من الزمالك وأحمد المحمدى من إنبى، وهذه الملحوظة الأخيرة تدفعنى لطرح سؤال بسيط جداً، وهو: هل لو تم التعامل بجدية واحترام مع هروب عصام الحضرى وعدم التزامه واحترامه لعقده مع الأهلى بدلاً من مساعدته على تطليع لسانه للأهلى وجمهوره، كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن من ظاهرة تعالى لاعبى المنتخب على الأندية التى صنعتهم؟

يا سادة يا أفاضل، كرة القدم يفترض أن تكون مصدراً للتنفيس ومجالاً للترفيه، أما إذا خصخصتوها لصالح حلف تجار البترول ومـُلاك المدارس، وهؤلاء وظفوها خدمة لمطامعهم، فقد أغلقتم خرم الإبرة الذى يتنفس منه المصريون، وتلك كارثة فكروا فيها إذا كنتم مصريين.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة