الحب لايعيش فى جو سياسى، يختنق يصارع من أجل البقاء وتنتصر عليه مشاعر الانتهازية والمصلحة.. محمد فاروق شاب مصرى غرق فى الحب عبر الشبكة العنكبوتية، مريم نجاد كانت على الشاطئ الشرقى للخليج العربى، تعلقت هى الأخرى بمحمد.. تبادلا الصور وكلمات الإعجاب، وبعد أسابيع اعتاد كل منهما الجلوس إلى جهاز الكمبيوتر ليتبادلا الحديث لساعات طويلة.. وكثيرا ما كان كل منهما يترك منزله للذهاب إلى أحد مقاهى النت لمواصلة الحديث فى حالة انقطاع خدمة الإنترنت، أيام الشات انتهت على قرار ثنائى بضرورة اللقاء فى القاهرة أو طهران.. ولأن مريم نجاد لاتملك حق السفر من إيران فهى تمارس الحرية فقط فى غرفتها وعبر الإنترنت، فلم تكن قادرة على اتخاذ قرار السفر.. محمد أبلغها برغبته فى السفر إلى إيران حيث أسرة نجاد التى تقيم فى مدينة شيراز.
الحب وحكايات مريم عن جمال مدينتها شيراز.. المدينة الإيرانية الأقرب إلى الخليج العربى، وهى عاصمة محافظة فارس التى تقبع فوق جبال زاجروس، ويسكنها مليون و260 ألف نسمة.. بينهم عائلة نجاد التى تنتمى إليها مريم الإيرانية حبيبة محمد المصرى. فى أول مارس الماضى كان موعد إقلاع الطائرة المتجهة إلى الخليج.. ساعات ومريم فى الانتظار ولم تلتقط أنفاسها إلا بعد تليفون محمد يبلغها بوصوله طهران ومغادرته المطار قبل قليل، وأنه فى طريقه لموقف الباصات كما شرحت له ليستقل الأتوبيس إلى شيراز.وصل محمد فاروق إسماعيل مصطفى الشاب المصرى إلى شيراز فى أول أيام شهر الحب "مارس " الماضى، هناك اختار فندق الكوثر.. القريب من منزل حبيبته، وفى صباح اليوم التالى كان الموعد الأول بينهما، لم ينم محمد ليلته ينتظر ساعات النهار ليذهب إلى حديقة شيراز ليرى حبيبته للمرة الأولى.
أخيرا مريم ومحمد فى المواجهة، زاد التعلق بينهما، وانتهى اللقاء الذى استمر ساعات مع مغيب الشمس.. وعادت مريم إلى منزلها مع وعد باللقاء بترتيب مقابلة لمحمد العريس القادم من بلاد النيل مع الأسرة. بعد يومين كان محمد يجلس مع عبد الرسول قبنرى نجاد والد مريم الذى رحب على مضض بالعريس المصرى، ولكنه بدأ فى تقديم اشتراطات اتمام الزواج، وكلها قبلها محمد إلا المهر، فتحويشة العمر كله لا تكفيه.. وحاول محمد الاتصال بأسرته فى القاهرة ووافق الأب على مساعدة ابنه.. ولكن كل ما يمكن جمعه من أموال لا يكفى للمهر. بدأت المشاكل بين أسرة نجاد ومحمد، وقرر محمد ألا يغادر إيران إلا ومعه حبيبته وفكر فى العمل هناك من أجل جمع المهر.
لقاءات فى حديقة شيراز من حين لآخر، أزعجت الأسرة، خاصة مع تصميم الحبيب المصرى على الزواج من الحسناء الإيرانية. ومرت أسابيع قاسية على محمد، حتى نهاية شهر مايو الماضى، بينما كان يغادر فندق الكوثر، حتى فوجئ بسيارة تعترض طريقه ويغادر منها ثلاثة أشخاص وتم اعتقاله، لم يفهم محمد ما يدور حوله، هو اعتقد فى البداية أن أباها أبلغ الشرطة حتى يبعده عن الحبيبة، لكن الصدمة كانت قاسية ومترجم المحققين يوجه إليه اتهامات بالتجسس.. وساقوا الشاب العاشق إلى المحاكمة وبعد جلسات سريعة جاء قرار المحكمة بالبراءة، فالأوراق لا تحمل أى أدلة، لكنها البراءة الأقرب إلى الظلم، فإذا بالقاضى يقرر تغريم محمد مبلغاً يوازى 20 ألف دولار، وهو مبلغ عجز محمد عن تدبيره بعدما أنفق نقوده هناك على الإقامة بالقرب من بيت الحبيبة.
محمد مازال سجينا فى معتقل "عادل اباد ". السلطات الإيرانية تصر على عدم الإفراج عنه، رغم مناشداته للمسئولين هناك.. وتحول من عاشق سافر مجذوبا إلى الحب، إلى مظلوم يبكى وحيدا ظلمات السجن. لا أحد يعرف سر الكراهية التى تملأ قلوب ملالى إيران ضد مصر، فبينما يعاقب محمد على جريمة لم يقترفها.. خرج علينا فيلم إعدام فرعون ليعيد مشاهد استشهاد الرئيس أنور السادات، وهو إنتاج إحدى الهيئات الحكومية فى إيران.. صورته كاميرات مليئة بأحقاد أحفاد عبدة النار.. محمد فاروق والسادات جمعهما ظلم وبطش الإيرانيين فى أسبوع واحد.
السلطات الإيرانية تصر على سجن شاب مصرى رغم براءته من التجسس
جاسوس العمائم السوداء
الإثنين، 14 يوليو 2008 12:16 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة