سفير د.عبدالله الأشعل

قضية "أجريوم" والأسئلة الغامضة

الثلاثاء، 01 يوليو 2008 12:25 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انشغل الناس بقضية مصنع "أجريوم"، وهو نموذج لما يحدث فى مصر ويمكن أن يؤدى إلى عواقب وخيمة، فهل الحكومة تتقاضى كل ما تحصل عليه من الخزينة العامة ويتولى أفرادها هذه المناصب الرفيعة بما يحيط بها من أهمية، بصرف النظر عن تراجع معدل الاحترام والهيبة الأخلاقية والشعبية لها، لكى تتولى تدمير مصر وإهدار مواردها؟ أم أن خطاب تكليف الوزارة والقسم الذى أقسمه رئيس الوزراء والوزراء له ترجمة أخرى غير التى قرأناها باللغة العربية؟ أم أن الحكومة عاجزة بحسن نية عن إدارة شئون البلاد فتتحلى بالشجاعة وتتخلى لغيرها الأقدر و"الأنظف"، ومصر عامرة بهؤلاء؟. وأرجو أن تعتبر هذه السطور بلاغاً إلى النائب العام للتحقيق فى الوقائع الصحفية الآتية:

أولاً: هل صحيح تلك الأضرار البيئية التى يحدثها مصنع "أجريوم" دمياط؟ وهل الحديث عن نقله سببه تحدى أهل دمياط لقرار إنشائه بصرف النظر عن أضراره؟ وإذا كان مضراً بالبيئة أينما وجد أفلا يضر أيضاً بالبيئة فى المكان الذى قيل إنه سينتقل إليه؟ ولماذا لا يصدر إعلان رسمى يزيل الغموض عن هذه القضية؟

ثانياً: إذا تقرر بالفعل فسخ العقد أو تعديله مع "أجريوم" ولجأت الشركة إلى التحكيم الدولى فمن يدفع التعويض؟ وهل لا يزال المسئولون يخطئون فلا يحاسبون، ويدفع الشعب الكادح ثمن أخطائهم؟ وإلى متى لا تنعقد المسئولية السياسية والأخلاقية والمالية للمسئولين؟

ثالثا: مادام القرار بنقل المشروع أو إنهاء التعاقد بشأنه قد تم، فهل اكتشف المسئولون فى مصر الخطأ والضرر أم أنهم انحنوا للمعارضة من جانب أهالى دمياط؟ وإذا كان المشروع سليماً من النواحى الفنية فلماذا تردد الشركة أنها دفعت رشاوى قيمتها 25 مليون جنيه أو نحوها؟ ولماذا لا تحقق النيابة العامة فيما ينشر حول هذه النقطة؟ ولماذا لا يحاسب المسئولون الفاسدون الذين تسببوا فى هذا الهراء والتستر بالرشاوى التى حصلوا عليها فى الإضرار بالمنطقة؟ بل وتعويض الشعب المصرى كله لما سمعناه جميعاً، وأساء إلى مصر كلها بسبب هؤلاء من الجانب الكندى ومن غيره؟

رابعاً: لماذا لا يتخذ قرار نهائى فى هذا المشروع الكندى ويتم إعلان الحقائق وأسماء المتورطين قبل أن تبدأ دعوى التحكيم التى سوف تعلن فيها هذه الأسماء بشكل غير رسمى؟ وهل يعلم الشعب المصرى نزيف الأموال التى تدفع فى قضايا التحكيم الخاسرة دون أن تلفت نظر المسئولين الكبار ويتم محاكمة المتسبب فى هذه الكارثة القومية؟

إن استمرار حالة التسيب وعدم المحاسبة وتحصين الفساد والإضرار بالمصالح المباشرة للوطن، هو أقرب الطرق إلى تعويض هذا الوطن الذى باع بعض أبنائه من المسئولين ضمائرهم مقابل ثمن بخس. ومعلوم أن الضمير الميت لا يحييه إلا الحزم والحساب العادل قبل أن نرى يوماً نندم جميعاً فيه على ما فرطنا فيه فى جنب الله وهذا الوطن المسكين.

لقد رفعت الدولة شعار تشجيع الاستثمار، وأصدرت العديد من التشريعات لجذب المستثمرين، ولكن المشكلة أصبحت أكبر من الاستثمار. ذلك أن مراجعة هذا الملف تشير إلى نزيف فى سمعة مصر وأموالها ومدرستها القانونية، حيث خسرت مصر معظم القضايا ودفعت تعويضات باهظة دون أن يحاسب المسئول عن الخطأ الذى تسبب فى لجوء الطرف الآخر إلى التحكيم الدولى. لقد أصبح المستثمر يعرف مواطن الخطأ ويتجه إلى التحكيم بدلاً من الاستثمار. لقد قدمنا دراسة وافية عن مصر ومنازعات التحكيم التجارى الدولى.

ويكفى أن نشير إلى أن قضية واحدة مثل قضية "وينا" دفعت فيها مصر قرابة 21 مليوناً من الدولارات، بينما جاء المستثمر وفى يده 8 ملايين لم يخسر منها شيئاً وعاد بين أقل من عامين إلى بريطانيا مقر أعماله بهذه الأموال، مما شجع المستثمرين الآخرين على أن يحذوا حذوه. ولو أن الوزير المختص يعلم أنه سوف يتحمل هذه الأموال لارتعشت يداه خوفاً وجزعاً قبل أن يوقع قراراً خاطئاً، ولكن مكافأة المسئولين فى مصر ببقائهم وعدم محاكمتهم شجعتهم على التمادى فى هذه الأخطاء القاتلة التى تذهب بسمعة مصر وأموالها، فى الوقت الذى تبحث فيه الحكومة عن مختلف الطرق لامتصاص دم المواطن إن كان قد بقى فيه دم فى ظل هذه المآسى والانهيارات فى الضمائر والأخلاق وفى كيان الدولة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة