فتحى الشوادفى

هل تحتفل إسرائيل بذكرى نكسة أكتوبر ؟

الإثنين، 09 يونيو 2008 03:15 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاهدت نفسى منذ سنوات طويلة ألا أكتب فى ذكرى النكبات أو النكسات، وأمتلك من الأسباب المقنعة ما ساعدنى على الالتزام بهذا الوعد على مر السنوات الماضية، ولكنى وجدت نفسى لا أمتلك إجابات منطقية لسؤالين، يرتبط كلاهما بالمندبة العربية المتكررة كل عام فى ذكرى هزيمة الخامس من يونيه 67، السؤال الأول هو هل تحتفى إسرائيل أو الدوائر الصهيونية واليهودية فى العالم بذكرى نكسة السادس من أكتوبر بنفس الطريقة – والقوة – التى يحتفى بها العرب بذكرى الخامس من يونيه، مع الأخذ فى الاعتبار أن انتصارهم ونكستنا فى يونيه، كانت قبل إحدى وأربعين عاماً، فى حين أن انتصارنا فى أكتوبر 73 مضى عليه زمن أقل؟

أما السؤال الثانى فهو إذا كانت هزيمة يونيه 67 هى آخر انتصار عسكرى للإسرائيليين فى الصراع العربى الصهيونى، وبعدها لحقت بهم على الأقل أربع هزائم عسكرية واضحة، اعترفوا بها كـ "نكسات" فهل يحتفل العرب بانتصاراتهم مجتمعة نصف ما يحتفلون بذكرى النكبة أو النكسة ؟ وبصيغة أخرى إذا كان البعض يقول إنه علينا دراسة الهزيمة واستخلاص الدروس والعَـبر، فلماذا لا نستخلص هذه الدروس والعَـبر من أربعة انتصارات أحدث وأقرب زمنيا من نكسة يونيه؟

ومن باب تنشيط الذاكرة نتذكر أن الانتصارات العسكرية الواضحة التى اعترفت بها إسرائيل كـ " نكسات" هى حرب الاستنزاف التى بدأتها مصر عبد الناصر بعد شهور قليلة من هزيمة يونيه، واستمرت حتى أغسطس عام 1970 والتى قال عنها الجنرال عيزرا وايزمان نائب رئيس الأركان العامة الإسرائيلية فى ذلك الوقت وفى كتابه " على أجنحة النسور" إن حرب الاستنزاف التى سالت فيها دماء كثيرة لأفضل جنودنا، مكنت المصريين من اكتساب حريتهم على مدى ثلاث سنوات للتحضير لحرب أكتوبر العظمى عام 1973. وعلى ذلك فإنه قد يكون من الغباء أن نزعم بأننا كسبنا حرب الاستنزاف، فعلى العكس كان المصريون هم الذين حصلوا على أفضل ما فى تلك الحرب، وفى الحساب الختامى فسوف تذكر حرب الاستنزاف على أنها أول حرب لم تكسبها إسرائيل.

إذاً وعلى حد تعبير وايزمان حرب الاستنزاف هى أول حرب خسرتها إسرائيل، وإن المصريين حصلوا على أفضل ما فى تلك الحرب وهو ما يؤكد أن المصريين استوعبوا درس يونيه وعبراته، وتأكد ذلك من جديد فى انتصار أكتوبر 73 الذى أنهى - وعلى حد تعبير موشى دايان وزير الحرب الإسرائيلى فى وقت المعركة - حالة التفوق العسكرى الإسرائيلى قد زالت وانتهت إلى الأبد وبالتالى فإن النظرية التى تؤكد هزيمة العرب فى ساعات إذا ما حاربوا إسرائيل فهى خاطئة، ويأتى الانسحاب الإسرائيلى من جنوب لبنان فى مايو 2000 كنكسة ثالثة، قال عنها إسحاق شامير إنه لم يخطر بباله أن يحيا لهذا اليوم الذى ترغم فيه دولة إسرائيل وجيشها الذى وصفه أصدقاؤها وأعداؤها بأنه الجيش الذى لا يقهر على الفرار أمام طرف عربى، حيث بضع مئات من مقاتلى حزب الله يجبرون الدولة الأقوى فى الشرق الأوسط على الظهور بهذا الشكل الانهزامى، إما النكسة الرابعة فكانت انكسارا للجيش الإسرائيلى أمام مقاومى حزب الله قبل عامين.

ونعود للتساؤلات والمفارقات التى تبقى إجاباتها فى حدود تساؤلات أخرى ونطرح سؤالا آخر هو هل احتفال العرب بنكساتهم وهزائمهم بصورة تفوق احتفال، أو حتى اهتمامهم بانتصاراتهم يندرج تحت بند تكريس ثقافة الانهزام التى يسهل معها تمرير مشاريع ما ويكون المبرر الرئيسى لها أننا " مش قد إسرائيل"، أم أن الحكاية مجرد طقوس بعض العرب فى الشماتة و فش الغليل والانتقام من عبد الناصر، خاصة وأنه ما من حديث يجرى حول عبد الناصر وثورة يوليو إلا ويستدعون ذكرى يونيه، وربما تحالف الانهزاميين وأصحاب القلوب السودة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة