"لا مكان للإصلاحيين داخل مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين" ، هذا ما أكدته الانتخابات التى أجريت مؤخرا لتصعيد خمسة من أعضاء مجلس شورى الجماعة إلى عضوية مكتب الإرشاد، رغم وصف قواعد الجماعة لها" بالشكلية".
الأعضاء الخمسة المنتخبون إما رؤساء مكاتب إدراية بالمحافظات أو قيادات بالمكاتب الإدراية، وهم : د. محمد سعد الكتاتنى رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان بمجلس الشعب ورئيس المكتب الإدارى للجماعة بمحافظة المنيا ، الملقب بـ"سفير الإخوان لدى البرلمانات الأوروبية"، ود. أسامة نصر مسئول المكتب الإدارى بمحافظة الإسكندرية الرجل الأول فى الوجه البحرى ومنسق عام الجماعة من حيث التنظيم والعمل السرى ولديه قدره عالية لتشكيل "الشعب والوحدات التنظيمية " ويستعان برؤيته فى عمليات التنظيم بالمحافظات الأخرى، بالإضافة إلى سعد الحسينى عضو مجلس الشعب عن دائرة المحلة الكبرى عضو المكتب السياسى بعد حصوله على عضوية مجلس الشعب فى 2005، وعضو مكتب إدارى الغربية والذى يتمتع بقدرة تنظيميه كبيرة ، ود.محيى حامد نائب رئيس المكتب الإدارى بالشرقية وعضو مكتب الأمانة العامة للجماعة والذى يعتبر أهم الشخصيات التنظيمية المقربة من د. محمود عزت الأمين العام للجماعة.
أما د. محمد عبد الرحمن فهو نائب رئيس المكتب الإدارى بمحافظة الدقهلية والأكثر قربا من الجيل القديم بالجماعة والقادر على الربط بين العمل التنظيمى والعمل الدعوى. بهذا تكون جماعة الإخوان، حسب مصادر داخل التنظيم وحسب رؤية المراقبين ، قد فضلت الاتجاه للعمل التنظيمى وتقوية قواعدها والعمل على انتشار الجماعة وتغلغلها أكثر فى المجتمع ، مع تأجيل البحث عن قناة للتعامل مع القوى السياسية فى المجتمع أو مع النظام . كما أكدت تشكيلات مكتب الإرشاد الشائعات التى ترددت حول التخلص من بعض أعضاء مجلس الشورى العام . ويرى المحللون أن الأولوية الآن لدى التنظيم تتمثل فى الحفاظ على الشكل والهيكل وتحديث قواعد ووحدات الجماعة وتنشيط العمل السرى، الذى نجح فيه هؤلاء الأعضاء الجدد فى مكتب الإرشاد .
و رغم مراوغات قيادات الجماعة لـ "تمييع " الحديث عن نتائج الانتخابات، خاصة مع غياب إعلان عدد الأصوات التى حصل عليها كل عضو، سيطرت حالة التناقض على قياداتها وظهر الخلاف بين الأعضاء حول تقييم الانتخابات أو نتائجها. وانتقلت حالة الغليان إلى قواعد الجماعة خاصة الشباب الذين أعلنوا رفضهم لهذه النتائج والطريقة التى تم بها الاختيار. وأرسل شباب الجماعة سبعة استفسارات "شفهية " إلى المرشد العام مهدى عاكف- حسبما ذكر أحد شباب الجماعة مفضلا عدم ذكر اسمه - حول شفافية هذه الانتخابات واستبعاد بعض القيادات من المشاركة أمثال د.عصام العريان مسئول المكتب السياسى بالجماعة ود.عبد الحميد الغزالى مستشار المرشد العام للجماعة وعبد الستار المليجى، وجميعهم أعضاء مجلس الشورى العام ويوصفون بالإصلاحيين ولديهم رؤية ومشاركة فى العمل العام.
وطلب الشباب من المرشد - باعتباره رئيس مكتب الإرشاد - تفسيرا لكيفية إجراء الانتخابات ، وسبب السرية التى غلفتها، واقتصارها على قطاع صغير من أعضاء مجلس شورى الجماعة المكون من 90 عضوا. وكان أكثر أسباب تذمر الشباب هو اختيار سعد الحسينى الذى تم هزيمته فى انتخابات أمانة الكتلة البرلمانية للإخوان وعمله تحت إدارة العريان بالمكتب السياسى.
وبحسب مصادر مقربة من مكتب الإرشاد استفسر الشباب عن سر استبعاد د.عصام العريان وحقيقة ما يتردد حول خلافه مع كل من محمود عزت الأمين العام للجماعة ود. محمد حبيب النائب الأول للمرشد. جميع قيادات مكتب الإرشاد رفضوا التعليق أو حتى الرد على نتائج الانتخابات. واكتفى محمود عزت بالقول بأن "عضوية مكتب الإرشاد ليست مناصب أو مغانم وإنما هى أمانات يكلف بها الإخوان من يرونه قادراً على القيام بها ولا يحول السجن بين قيام الإخوان بهذه المهام"، فيما اعتبر أسامة نصر المنتخب حديثا أن الجماعة تعمل على تحديث مؤسساتها عبر الطريقة والأسلوب اللذين يناسبان ظروفها واحتياجات العمل.
وحول أسباب استبعاد شخصيات إصلاحية أمثال العريان وعبد الحميد الغزالى، رد نصر بأن الجماعة لا تعرف مثل هذه المسميات،وفى النهاية الجميع يخدم الجماعة حسب مركزه والعريان "على عينى وراسى لكن الانتخابات هى اللى قالت كلمتها وهذا ليس انتقاصا من قدره ". بينما اكتفى عصام العريان وصوته ملئ بالإحباط بالقول " لا تسألنى عن الانتخابات فلست أنا الشخص المفروض أن يٌسأل الآن "!
وهنا علق حسام تمام الباحث فى شئون الجماعة بأن الترتيبات الأخيرة تكشف عن اتجاه الجماعة للعمل التنظيمى بدلا من العمل السياسى العام عن طريق إبعاد الجماعة للإصلاحيين فى مكتب الإرشاد. ويرى تمام أن بقاء عبد المنعم أبو الفتوح وحيدا من بين الإصلاحيين فى مكتب الإرشاد يعنى سيطرة المحافظين والتقليديين تنظيميا على الجماعة، التى ستكون الأولوية فيها للحفاظ على شكل التنظيم وعمله السرى.
فالجماعة حسب تمام، انتقلت إليها عدوى الجمود السياسى الذى يسيطر على الوضع العام فى مصر، ولكن المسئولية فى ذلك تقع على عاتق التنظيم والوضع السياسى معا،خاصة وأن الجماعة افتقدت طوال الأعوام الأربعة عشر الأخيرة للمسار الديمقراطى، وهو ما أدى إلى سيطرة المحافظين وسيطرة الجناح التقليدى والتنظيمى على مقاليد الأمور.
أخيرا اعتبر حسام تمام نجاح مسئولى المكاتب الإدارية فى هذه الانتخابات نوعا من تأكيد الولاء لتيار السمع والطاعة وليس لتيار الإصلاح والرؤية وأصحاب المبادرات، كما يعنى أن غياب خيرت الشاطر النائب الثانى للمرشد - بالسجن - ترك الجماعة بدون عقلية إصلاحية قوية فى التنظيم تكون فاعلة فى طرح مبادرات مجتمعية وسياسية لها مصداقيتها ،وكل هذا يفقد الجماعة مصداقيتها وتأثيرها فى الشارع.
من ناحية أخرى، عقد مكتب الإرشاد على مدار الأسبوعين الماضيين عدة اجتماعات لتهيئة القواعد وترتيب الأوضاع، وكان آخرها الأربعاء الماضى الذى تم فيه التصديق على نتائج الانتخابات وحلف اليمين للأعضاء الجدد أمام المرشد العام على "المصحف والسيف " حسب اللائحة. وفى ظل هذه الأجواء، دعا الدكتور جمال حشمت القيادى بالجماعة إلى التزام الشفافية وإعلان أو نفى ما يتردد حول الانتخابات حتى لا يساء الفهم وحتى لاتعانى الجماعية من تضارب الآراء، وتعود لتبذل جهدا مضاعفا لتصحيح الوضع.
وكانت آخر انتخابات معلنة شهدها مكتب الإرشاد، تلك التى جرت عام ١٩٩٥، عندما اجتمع مجلس شورى الإخوان لاختيار أعضاء المكتب، وتم القبض وقتها على معظم أعضاء المجلس، وإحالتهم إلى المحكمة العسكرية، فى حين تم تصعيد الدكتور محمود حسين والدكتور محمد مرسى لعضوية المكتب دون انتخابات، وتجرى الجماعة انتخابات مكتب الإرشاد والهياكل التنظيمية كل أربع سنوات، على أن تجرى كل عامين انتخابات نصفية، (تجديد نصفى)، ولا يتم الترشح لعضوية مكتب الإرشاد، بل إن أعضاء مجلس الشورى هم الذين يختارون أسماء محددة لهذه العضوية من بينهم.
من جانبه قال سعد الحسينى "الانتخابات جرت وأسفرت عن اختيار خمسة أسماء وأجريت بشكل نزيه، وهو ما يؤكد تطبيق مبدأ الشورى والديمقراطية داخل الجماعة"،واصفا نتائج الانتخابات بأنها بمثابة ضح دماء شبابية جديدة لمكتب الإرشاد، رافضا التعليق حول رفض الشباب لوجوده فى مكتب الإرشاد.
يذكر أن مجلس الشورى العام فى جماعة الإخوان هو السلطة التشريعية التى تقوم بمناقشة وإقامة السياسات العامة والوسائل التنفيذية اللازمة لها، وكذا مناقشة التقارير السنوية التى يتقدم بها المكتب. ويتكون مكتب الشورى من 75 عضوا على الأقل و90 على الأكثر.
انتخابات الإخوان ..لا مكان للإصلاحيين داخل مكتب الإرشاد
الإثنين، 09 يونيو 2008 10:35 م
د.عصام العريان مسئول المكتب السياسى بجماعة الإخوان المسلمين
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة