انطوت صفحة فى تاريخ المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية، فقد شهدت الانتخابات التى جرت الأحد مشاركة قوية من أجل تجديد هيئات هذا المجلس "الملغم"، حسب تعبير لوفيجارو بالأزمات المتكررة والصراعات على السلطة. ومن المتوقع اختيار رئيس آخر للمجلس غير رئيسه الحالى، الشيخ دليل أبو بكر، الذى يشغل هذا المنصب منذ نشأة المجلس فى 2003، حيث قام هذا الأخير بسحب ترشيحه.
من ناحيتها، قاطعت الفيدرالية الوطنية لمسجد باريس الكبير (التى تهيمن عليها الجالية الجزائرية) تلك الانتخابات، على أمل الحصول، بلا جدوى، على تغيير نظام الاقتراع. وامتنعت وزيرة الداخلية الفرنسية ميشيل أليوت ـ مارى عن التدخل، وهكذا فاز الإسلام المغربى بحصول تجمع مسلمى فرنسا على 20 مقعداً من مجموع 41 فى مجلس الإدارة. أما اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا (المعروف عنه قربه من الإخوان المسلمين)، فقد حصل على 13 مقعداً فقط داخل المجلس، فى حين لم تنجح لجنة تنسيق المسلمين الأتراك فى فرنسا سوى فى الحصول على 4 مقاعد، وثلاثة مستقلين، ومقعد واحد للفيدرالية الوطنية لمسلمى فرنسا.
فضلاً عن ذلك، قام 4862 مندوباً عن 1039 جامعاً وزاوية بالإدلاء بأصواتهم لانتخاب كوادر المجالس المحلية الخمسة وعشرين الممثلة للديانة الإسلامية. وستختتم هذه العملية فى 22 يونيه مع انتخاب الرئيس الجديد للمجلس، الذى سيكون غالبا المغربى محمد موساوى (44 عاما)، مرشح تجمع المسلمين بفرنسا، والذى يعمل أستاذ رياضيات فى مدينة أفينيون. إلا أن اختيار رئيس المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية انحصر هذا العام بين الرباط والجزائر العاصمة، التى تسعى كلا منهما للسيطرة على مقاليد الديانة الثانية فى فرنسا.
هذا ويعيش فى فرنسا قرابة 5 ملايين شخص من أصل عربى مسلم، من بينهم مليون ونصف مليون جزائرى ومليون مغربى. ويعتقد الجزائريون بصفتهم من مؤسسى جامع باريس الكبير بأنهم أحق برئاسة المجلس، فى حين يؤكد المغاربة، الذين يتولون إدارة حوالى 40% من زوايا الصلاة، أنهم يضمون بين صفوفهم أكبر عدد من المسلمين الممارسين لعباداتهم.
إعداد جيد للأئمة
يؤكد محمد موساوى قائلا: "على الرغم من أن النتائج تؤكد وضعنا كأغلبية، إلا أننا لن نكون مهيمنين على المجلس"، وينوى محمد موساوى إعادة توجيه المجلس حول المسائل المادية المتعلقة بالديانة، وعلى رأسها الإعداد الجيد للأئمة الذين لا يتحدث أغلبيتهم عادة اللغة الفرنسية. فقام المغرب بإدراج معايير خاصة بفرنسا فى مناهج الدراسات الدينية بها بهدف إرسال قادة أكثر كفاءة إلى فرنسا، ويعد هذا الأمر "مرحلة انتقالية"، من وجهة نظر محمد موساوى، إذ يرى ضرورة "إنشاء معهد فرنسى" لتدريب هؤلاء الأئمة.
من ناحية أخرى، يتعين على المجلس الاهتمام بإنشاء المساجد وأماكن الدفن الخاصة بمسلمى فرنسا، وذبح الخراف فى العيد، والحج إلى مكة، وكان قد تم إنشاء مؤسسة إسلامية للأعمال الخيرية بهدف تمويل الجوامع وتدريب الأئمة، إلا أنها ظلت فى رقاد تام. أما الآن فقد أعربت وزارة الداخلية عن استعدادها لدعوة السفراء لجمع الأموال اللازمة لتنشيطها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة