عندما تغادر القاهرة متجهاً إلى المنوفية وعلى بعد ساعة ونصف يقع مركز أشمون الذى لا يبعد كثيراً عن عزبة الإصلاح الزراعى التى تبلغ مساحتها 390 فداناً حسبما قال المزارعون بها.
العزبة من اسمها تتبع الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بموجب قانون الإصلاح الزراعى الصادر عام 1954، والتى تم بموجبه توزيع الأراضى على الفلاحين
"5 أفدنة لكل مزارع".
حكم واجب النفاذ رقم 6183 لعام 2007 من محكمة أشمون الجزئية فوجىء به الأهالى والمزارعون بالعزبة بضرورة إخلاء المساحة المذكورة لصالح على فهمى شرف المحامى، وورثة منصور يوسف باشا وهم "زينب ونفوسة وبهيجة وبهية وسكينة" وطرد الفلاحين من الأراضى بموجب هذا الحكم.
ما يقرب من مائتى فلاح ومزارع "وجميعهم ورثة لأراضى العزبة" بعد علمهم بصدور الحكم قرروا تنظيم وقفة احتجاجية أمام الجمعية الزراعية اعتراضاً منهم على صدور حكم بدون علمهم، وكذلك صدور حكم بطردهم من أراضيهم التى يزرعون فيها منذ 58 عاماً وذلك حسبما يؤكد السيد عبد العزيز أحد الفلاحين بالعزبة مضيفاً أن جميع المزارعين بعزبة الإصلاح الزراعى قاموا بسداد جميع أقساط الأراضى التى يزرعونها منذ عام 2002، ومع ذلك فإن هيئة الإصلاح الزراعى، وهى المالك الوحيد للأرض تماطل فى استخراج عقود ملكية لجميع الفلاحين.
هل هناك جهات أخرى تدخل الصراع على الـ400 فدان "وهى مساحة العزبة"؟
أجاب المزارع كمال صابر: هناك محام يدعى على شرف يدخل كأحد الأطراف الأصيلة فى النزاع، وأقام الدعوى لصالح علاء الدين محمد الشورى وهو أحد ورثة الحاجة زينب منصور يوسف باشا الإقطاعى القديم والذى كان يمتلك تلك المساحة، مضيفاً أن "على شرف" المحامى أخذ قطعة أرض من المساحة الكلية مقابل أتعاب هذه القضية.
هل تفاوضتم مع المحامى أم مع أحد من الورثة؟
رد فلاح رفض ذكر اسمه: لا نعرفه على الرغم من أنه مقيم بأشمون، مضيفاً أنه لن يستطيع أحد مهما كان أن ينتزع هذه الأراضى منهم فهم مالكون للأرض منذ عام 2002.
وبين ازدحام الفلاحين وحرارة الشمس، وغبار الأتربة المتصاعد لفت نظرى محمد الوكيل البالغ من العمر 63 عاماً، وهو الوريث لمساحة تبلغ 4 أفدنة يزرعها وأولاده الخمسة. وقال لى "ده زكريا بيه ولازم تكلمه عشان يسيبونا فى حالنا وعشان نقدر نربى عيالنا". فسألته عن زكريا بيه ومن يكون فكانت الإجابة التلقائية أنه "بتاع الإصلاح فى المحافظة".
الرجل المقصود اسمه زكريا هلال مدير عام هيئة الإصلاح الزراعى بمحافظة المنوفية الذى أكد "أن الوضع القانونى للفلاحين بالعزبة قوى جداً وأنهم بالفعل استكملوا سداد أقساط الأراضى التى يزرعونها منذ عام 2005 وأن هيئة الإصلاح الزراعى بصدد استخراج عقود ملكية للفلاحين جميعاً".
وقال هلال إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالقاهرة وهيئة الإصلاح بالمحافظة أقاموا دعوى ضد المحامى على شرف برقم 379 وتم تأجيل الجلسة إلى 30 يونيو الجارى وهى دعوى عدم اعتداد بالحكم الصادر لصالحه.
"عقودات الملكية" كما ينطقها أهالى العزبة أصبحت هى الشغل الشاغل لجميع الفلاحين فى مصر وأصبح البحث عنها غاية حتى يستطيعوا العيش بمأمن ممن يريدون طردهم من أراضيهم وهو ما يحدث فى البحيرة والغربية وسيناء وغيرها من المحافظات الأخرى التى اشتهرت بظهور ورثة وأحفاد الإقطاعيين القدامى والمطالبين بعودة أراضيهم التى أخذتها منهم الدولة.
ووسط الفلاحين فاجأنى محمود سطوحى رئيس المجلس الشعبى المحلى بسمادون بقوله إن الأرض كانت ملكاً لأحد الإقطاعيين القدامى "منصور باشا يوسف" وإن علاء الدين الشورى هو ابن الحاجة زينب منصور باشا وإنه أحد الورثة فى الأرض وكلف المحامى على شرف لاسترداد أرضه.
ووصف سطوحى هيئة الإصلاح الزراعى بأنها مافيا لنهب أراضى الفلاحين لصالح الإقطاعيين مقابل رشاوى وعمولات لبعض الموظفين فيها، وتسريب بعض البيانات عن الأراضى لصالح هؤلاء الإقطاعيين، وأن هناك مماطلة من الهيئة فى استخراج عقود ملكية الأراضى للفلاحين، على الرغم من أنهم قاموا بسداد جميع الأقساط المستحقة عليهم منذ سبع أعوام.
لأكثر من ساعتين وقف الفلاحون بعزبة الإصلاح الزراعى لمعرفة مصيرهم من مدير الهيئة بالمحافظة الذى تركهم دون أية إجابات شافية سوى أن الأرض ملك للإصلاح الزراعى ولا يمتلكها أى أشخاص دون أن يضع للفلاحين سقفاً زمنياً لتسليمهم عقود الملكية التى أكد أنها من حقهم قانوناً، وأن على شرف محامى "نصاب" وأن علاء الدين الشورى شخص وهمى ليس له وجود، تم الحكم لصالحه، قالها وركب سيارته وغادر العزبة.
قررت البحث عن المحامى "اللغز" فى هذه القضية وهو أحد الأطراف الأصيلة بها أيضاً. وعرفت أن محكمة أشمون الجزئية على بعد عشر دقائق من العزبة وأخبرنى أحد الأشخاص أن على شرف موجود الآن بالمحكمة.
وصف لى أحد المحامين مكان مكتب على شرف وفجأة قرر الذهاب معى، وبالدور الثالث بالعمارة رقم 23 بشارع عبد المنعم رياض، لافتة سوداء تشير إلى مكتب على فهمى شرف المحامى بالنقض وعرفت منه أن هناك حكماً قضائياً لصالحه بأحقيته فى الأرض فسألته هل لك أحقية كمحام عن من وكلوك فى القضية، فكانت المفاجأة التى أخبرنى بها، وهى أنه شريك للورثة فى الأرض وأنه يمتلك 57 فداناً باعها له علاء الدين الشورى أحد الورثة المذكورين وأن هيئة الإصلاح الزراعى لا تمتلك أية أدلة قانونية أو حجج ملكية للأرض المتنازع عليها وهى الـ400 فدان الكائنة بعزبة الإصلاح الزراعى.
سيل من الأوراق التى تثبت أحقية شرف فى الأرض قدمها لى ومنها القضية رقم 2871 المرفوعة من جاد حسين عبد العزيز أحد الفلاحين المحكوم عليهم بالطرد وصلاح الدين محمد حسن ضد على شرف وعلاء الشورى، والتى حكمت بأحقية شرف والشورى بالأرض، وذلك بناء على عدم امتلاك هيئة الإصلاح الزراعى لأية مستندات تفيد ملكيته لهذه المساحة وهو حكم واجب النفاذ.
سألته عن ملكية الأرض؟
الأرض ملك ورثة منصور باشا يوسف وهى 398 فداناً، وتقع بخمسة أحواض وتقع فى زمام ناحية سمادون، والورثة يمتلكون الأرض بموجب عقد قسمة وتخصيص والأرض ثابتة بأسمائهم فى الشهر العقارى بشبين الكوم، وقد تم حصر هذه الأطيان منذ عام 1998 وأنا الوكيل للورثة.
ومن هم الورثة؟
هم زينب ونفوسة وسكينة وبهية وبهيجة، والثورة لم تصدر أية قرارات استيلاء على هذه الأراضى.
قال بعض الفلاحين إنك تمتلك بعض الأراضى؟
نعم أمتلك 57 فداناً اشتريتها من علاء الدين محمد الشورى وهو ابن الحاجة زينب منصور أحد الورثة.
وبكم اشتريتها، يقال إنك أخذت الأرض مقابل التلاعب فى الأوراق والقضايا لصالح الورثة؟
(انفعل) .. هذا كلام فارغ وهؤلاء الفلاحون "شوية رعاع".
وهل القضايا التى رفعتها كانت للمطالبة بالأرض كلها أم بـ 57 فقط ؟
الحكم الصادر كان لـ 57 فداناً فقط، ولكنى أيضاً وكيل الورثة وأطالب بحقوقهم، وقد أرسلت إنذارات طرد للفلاحين لـ19 منهم، فالأرض ملكى منذ عام 2003 وأرسلت أيضاً إعلاناً، أطالبهم فيه بريع عن الأرض طوال الفترة من 2003 إلى عام 2007.
زكريا هلال مدير عام الإصلاح قال إن الأرض ملك لهيئة الإصلاح الزراعى؟
(منفعلاً) زكريا كذاب وليس لدى هيئة الاصلاح الزراعى أية أوراق تثبت أحقيته أو ملكيته للأرض، والحكم الصادر لصالحى كان واجب التنفيذ منذ 24 / 5 / 2007 وتم تعطيله، لحين أن تقوم الهيئة بإثبات أحقيتها فى الأرض ولم تفعل شيئاً، وأنا أريد طرد الإصلاح الزراعى وجمعياته الزراعية من الأرض أيضاً.
المحامون والفلاحون قالوا إن هناك أحكاماً بالسجن صدرت ضدك فى قضايا أراض كهذه .. ما حقيقة ذلك؟
كل الناس ممكن تتحبس، وطلعت السادات نفسه تم حبسه وحسام أبو الفتوح تم حبسه.
انتهى الحديث مع على شرف، وذلك بعد رفضه الشديد أن يدلنى عن مكان أو عناوين أو حتى الهاتف الخاص بالمدعو علاء الدين الشورى مكتفياً بأنه أخرج توكيلاً رسمياً من الشورى لصالحه بإدارة جميع الأطيان الموجودة بالعزبة، وقال إن الرجل موجود بالإسكندرية وليس شخصاً وهمياً.
وقبل أن أخرج، طلب عدم نشر ما سيقوله، وهو أنه لا يعمل بمفرده فى هذه القضية، وأن هناك ناساً كباراً يساندون القضية وأنهم على استعداد لفعل أى شىء فى سبيل هذه الأراضى.
ورثة يوسف باشا يستردون الإصلاح الزراعى فى المنوفية
الخميس، 05 يونيو 2008 02:04 م
على شرف المحامى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة