قضية الأمن الغذائى تواجه تحديات صعبة على مستوى العالم، تفرضها الارتفاعات المضطردة فى أسعار السلع الغذائية، وتراجع المخزون العالمى من هذه السلع لأدنى مستوياته منذ عقود. وبعدما كانت الخلافات السياسية والحروب وقضايا الأمن هى الأكثر حضورا فى نشرات الأخبار وجداول أعمال المؤتمرات، أصبحت قضية الأمن الغذائى هى القاسم المشترك فى أغلب الاجتماعات والمؤتمرات الدولية، حتى فى الندوات المحلية كانت مشكلة الغذاء والتغيرات المناخية محور مناقشات خبراء الاقتصاد فى الداخل والخارج. فى اجتماع المنظمة الدولية للأغذية والزراعة "الفاو" كان محور النقاش بين كل الحضور يتركز على قضايا الأمن الغذائى وتغير المناخ وانعكاساتها الضارة على برامج الغذاء العالمى وتسببها فى اختناقات اقتصادية واضطرابات اجتماعية، خصوصا فى الدول النامية المتضرر الأول من هذه الأزمات.
وأكد الرئيس مبارك فى كلمته أمام الاجتماع اليوم أن العالم يواجه تحديا مشتركا يشهد تقاطع قضايا الأمن الغذائى وأمن الطاقة والمياه فى صلتها بقضايا تغير المناخ والطاقة الحيوية وبما يطرحه كل ذلك من إشكاليات وخيارات، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر يجب ألا يكون محفلا لتبادل الاتهامات بين الدول النامية والمتقدمة أولإلقاء اللوم فى مسببات الأزمة الراهنة على جانب أو آخر، وإنما يجب أن يكون فرصة للحوار ولبلورة "مشاركة عالمية" تتعامل مع هذا التحدى المشترك، ودعا مبارك إلى مشاركة عالمية تتعامل مع مسببات الأزمة وتداعياتها، بما يحقق مصالح الدول النامية والمتقدمة، مشاركة عالمية تتجاوز السياسات والتوجهات والمصالح فى منظورها الوطنى الضيق لتتعامل مع الأمن الغذائى للبشر فى نطاقه الإنسانى الأشمل، وفى صلته بالحق الثابت للإنسان فى الطعام وحقه فى الحياة، مشاركة عالمية تشهد تضافر الجهود على المستوى الوطنى والإقليمى والدولى تحتوى هذه الأزمة وتوقف الارتفاع المتواصل فى أسعار الغذاء وتضع معايير الاستخدام المسئول للحاصلات الزراعية كطعام للبشر وليس كوقود للمحركات.
وخلال اجتماع البنك الإسلامى للتنمية كانت المطالبة باتخاذ التدابير الكفيلة برفع نسبة التمويل المقدمة للقطاع الزراعى والأمن الغذائى فى الدول الأعضاء لمواجهة الارتفاع العالمى فى أسعار الغذاء على رأس بنود جدول أعمال الاجتماع ، ومن أهم مطالب معظم الحضور وعلى رأسهم الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية ممثل مصر فى المؤتمر ومحافظ مصر لدى البنك الإسلامى فى اجتماعات البنك بجدة والذى افتتح أعماله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وبمشاركة وزراء المالية والاقتصاد والتخطيط في 56 دولة إسلامية.
وأعلن البنك الإسلامى للتنمية عن تخصيص مبلغ مليار ونصف المليار دولار فى إطار مبادرة جديدة أطلقها لدعم الدول المتضررة فى مواجهة أزمة الغذاء العالمية، وأعلن عن المبادرة الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة رئيس مجلس محافظى البنك، وقال إن هناك منحا وقروضا ميسرة فى حدود1.5 مليار دولار لتسهم فى تحقيق الأمن الغذائى، بجانب مساهمة من المؤسسة الإسلامية الدولية للتجارة بمبلغ250 مليون دولار والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص بمبلغ200 مليون دولار.
ومؤخر صدر تقرير عن لجنة النمو والتنمية فى العالم حول مؤشرات وخصائص الدول الأكثر نموا فى العالم (لم ينشر بعد وحصلت اليوم السابع على نسخة منه) وقسم التقرير دول العالم إلى شرائح، الشريحة الأولى تضم 13 دولة على مستوى العالم ووضع لاختيار الدول التى تنتمى لهذه الشرائح مقاييس اقتصادية موحدة تتركز على بعض الخصائص لكل منها ومعدلات النمو بها، وقام بإنجاز هذا التقرير مجموعة من أشهر الاقتصاديين فى العالم من القيادات التنفيذية والأكاديميين إلى جانب اثنين من الحاصلين على جوائز نوبل فى الاقتصاد.
واعتبر التقرير أن التحدى الأكبر الذى يواجه دول العالم خلال الفترة القادمة هو التغيرات المناخية وتأثيرها على أسعار الغذاء والأزمات فى الزراعة والبيئة، وقدم التقرير شرحا مفصلا لما يمكن أن تفعل الدول لمواجهة ذلك، خصوصا أنه ليس بالضرورة أن يدفع ثمن التغيرات المناخية وما ينتج عنها من أزمات فى الحصول على الغذاء فى العالم من يتسببون فيه فعليا، فمثلا الدول الفقيرة غير متسببة فى انبعاثات الكربون لأنها لا تنتجه ولكنها ستتعرض لآثاره على البيئة والغذاء، وهو ما يحدث الآن بالفعل فى معظم الدول النامية التى أصبحت تواجه أسوأ موجه لنقص الغذاء لم يشهد العالم مثلها من قبل.
الأمن الغذائى محور اجتماعات "الفاو" والبنك الإسلامى
الأربعاء، 04 يونيو 2008 10:12 م