ظلت قضية المبيدات الزراعية لأعوام طويلة هى القضية رقم (1) فى مصر, شغلت الكثيرين حتى أصبحت قضية الرأى العام, خاصة أن نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة السابق د. يوسف والى كان أحد الذين وردت أسماؤهم فيها.
ورغم إسدال الستار على القضية إلا أن الغموض حول وجود مبيدات مسرطنة من عدمه أو دخول مبيدات مسرطنة مصر فى الأعوام الماضية مازال يشغل الكثيرين من الباحثين وغيرهم.
"المبيدات الزراعية فى مصر: بين سندان السياسة ومطرقة المصالح" هو عنوان التقرير الذى أصدره مركز الأرض لمعلومات حقوق الإنسان مؤخراً حول المبيدات وتأثيرها على تلويث الأراضى الزراعية فى مصر والعالم النامى على السواء.
ويوضح التقرير أن استخدام المبيدات فى مصر والعالم النامى قد ازداد خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضى. ويذكر أن هناك حوالى 250 آفة وحشرة زراعية على المستوى العالمى, ويقدر العلماء أن فاقد الإنتاج الزراعى بسببها يبلغ نحو بليون دولار سنوياً، لافتاً إلى أن تناقص الرقعة الزراعية فى العالم يؤدى إلى زيادة استخدام المبيدات بهدف القضاء على الآفات والحشرات التى تهاجم الزراعات، ويبلغ نصيب كل فرد حالياً حوالى 0.6 فدان سيصبح فى غضون الربع المقبل من القرن الحالى حوالى 0.4 فدان0
ويقدر التقرير استخدام الدول النامية للمبيدات بـ 7% من حجم الإنتاج العالمى وأن غالبيتها من المبيدات المقلدة التى تعد من أكبر المشاكل فى صناعة المبيدات والمعروفة بأعلى نسبة سمية وبحلول عام 2011 ستكون 76 % من المبيدات فى العالم مقلدة.
ويقول التقرير إن عدد المبيدات المسجلة فى مصر يبلغ 496 مبيداً تم حظر47 مبيداً منها، وفقاً لقرار المهندس أحمد الليثى وزير الزراعة السابق والذى يحمل رقم719 والصادر فى14 يونيو 2005. كما تم حظر162 اسماً تجارياً و42 مادة خام ليصبح العدد 304 مبيدات مسموح بتداولها.
ويحذر التقرير من مخاطر استخدام المبيدات وتأثيرها على تلوث التربة الزراعية، مشيراً إلى أنه كلما زادت كمية المبيد المضافة إلى التربة الزراعية كلما زادت درجة تلويثه للتربة والنبات، كما أن الزيادة المطردة فى عدد سكان الأرض مع التقدم التكنولوجى الكبير والتحسن فى مستويات المعيشة أدت إلى زيادة فى الاستهلاك اليومى مما أدى بدوره إلى زيادة المخلفات الصلبة، والتى تحتوى على القمامة والورق والبلاستيك والزجاج والعلب الفارغة وبقايا المأكولات وعندما تتعرض للأمطار أو أى مصدر للرطوبة تتحلل وتتسرب إلى التربة أو إلى المياه السطحية أو الجوفية، وتقدر المخلفات الزراعية بحوالى 16.5 مليون طن سنوياً يستخدم غالبيتها كأعلاف وأسمدة عضوية وأنشطة حقلية ومنزلية ويتبقى حوالى 3.5 مليون طن سنوياً يتم حرثها عشوائياً وتؤدى إلى تلوث التربة الزراعية.
التقرير يركز على التشريعات والقواعد المنظمة لتداول المبيدات فى مصر، والجهات الرقابية والتى تبدأ بـ "التشريعات المنظمة" لتداول المبيدات فى مصر وهى: قسم الرقابة على المبيدات بالمعمل المركزى للمبيدات وأقسام الرقابة على المبيدات بمديريات الزراعة بالمحافظات وشرطة المسطحات وأجهزة الرقابة بوزارة البيئة ووزارة التموين.
ويمضى التقرير ليتعرض إلى لجنة مبيدات الآفات الزراعية ويوضح أن هذه اللجنة مستقلة لا تخضع لإشراف أى مسئول وتختص بتنظيم وتسجيل واستيراد وتداول واستخدام المبيدات وقواعد تجريبها وكل ما يخص استخدامها فى مصر على أن تضم هذه اللجنة نخبة من الخبراء والباحثين المتخصصين.
تعرض التقرير لمشكلة المبيدات الزراعية فى مصر، مشيراً إلى أن أساليب تداول استخدام المبيدات فى مصر حالياً تسمح بحرية تداول واستخدام المبيدات فى السوق المصرية، الأمر الذى يصعب معه السيطرة على عدد وأنواع المحاصيل المسموح باستخدام مبيد ما عليها، مستعرضاً أهم مشكلات المبيدات فى مصر ومنها: الاستيراد للاستخدام الخاص والاحتكار فى سوق المبيدات0
ثم يتناول الفوضى في سوق المبيدات من خلال عدد من التقارير الرسمية منها : تقرير لجنة الشئون الصحية والبيئية وتقرير المجلس القومي للتعليم والبحث العلمى ومجموعة الثمانية، كما تناول التقرير قضية المبيدات المسرطنة.
ووفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن مصر مازالت فى «المنطقة الخضراء»، اللون الأخضر الغامق الأقل إصابة بمرض السرطان، وتمثل نسبة الإصابة بالمرض فى مصر حوالى ١٥٠ حالة لكل ١٠٠ ألف نسمة سنوياً، وتتراوح بين ١٠٠ و١١٠ آلاف حالة سنوياً، إلا أن مصر وكل الدول النامية مهددة بالتحول من تصنيف المنطقة الخضراء إلى المنطقة الحمراء بحلول عام ٢٠٢٠ وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، إذا استمر الحال كما هو عليه الآن فى مجال مكافحة السرطان0
ثم يتساءل التقرير عن العلاقة بين المبيدات ومرض السرطان، حيث يؤكد العلماء أنه لا توجد مادة يمكن أن يقال عنها مسرطنة أم لا، ولكن الأمر يتوقف على كيفية استخدام هذه المادة، وبالنسبة للمبيدات إذا أسىء استخدامها أو التعامل معها.
وحسب التصنيفات العالمية هناك ثلاثة أنواع من المبيدات، هى مبيدات مؤكد علاقتها بالإصابة بالسرطان ومبيدات محتمل أن تؤدى إلى الإصابة بالسرطان ومبيدات ممكن أن تؤدى إلى الإصابة بالسرطان.
وكشف تقرير علمى أن تركيزمادة الـ "دى. دى. تى" وتسمى المادة الأم للمبيدات، فى أجسام المصابين بالسرطان يعادل مرتين ونصف المرة غير المصابين. أما فى مصر فتكمن المشكلة فى عدم وجود إحصاء على مستوى الجمهورية يمكن به معرفة نسبة الأورام فى السنوات الماضية، إلا أنه من الملاحظ زيادة عدد مراكز الأورام فى مصر خلال السنوات الأخيرة.
وتقدر المصادر الرسمية فى مصر أن عدد المصابين بأمراض خطيرة مثل الفشل الكلوى أو فيروس (C) والفشل الكبدى والسرطان بحوالى 6.5 مليون مواطن.
وكشفت الدراسات أن ٩٠% من أسباب الإصابة بالسرطان فى مصر ليست لها علاقة بالمبيدات، وأبرز مسببات السرطان فى مصر هو الفيروس الكبدى "B وC"، ومرض البلهارسيا والتدخين وهو أخطرها، وتلوث البيئة سواء من عوادم السيارات والمصانع والإسبستوس، وأكثر أنواع السرطان انتشاراً بين الذكور فى مصر هو سرطان المثانة البولية بنسبة ١٧% من المصابين بالسرطان من الذكور، يليه سرطان الكبد بنسبة ١٢% والغدد الليمفاوية بنسبة ١٠% والدم ٩% والرئة ٦% وكلها لا علاقة لها بالمبيدات نهائياً.
حسب خبراء، تسبب المبيدات سرطان القولون والذى تمثل نسبة الإصابة به فى مصر ٤% من الحالات.
وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود ربع مليون مصاب بالسرطان سنوياً، أى ما يقرب من حوالى 6 أو 7 ملايين أصيبوا بالسرطان خلال العشرين عاماً الماضية. تشير مصادر أخرى إلى أن إجمالى نسب الوفيات من الأورام بجميع أشكالها لا يتعدى 6% من إجمالى الوفيات من السكان.
وفى نهاية التقرير حذر مركز الأرض لحقوق الإنسان من تداعيات ومخاطر استخدام مبيدات الآفات الزراعية فى مصر على الصحة العامة، نتيجة تراكم متبقيات المبيدات بالأغذية والمحاصيل الزراعية والأعلاف وظهور موجات وبائية من الآفات، بالإضافة إلى التلوث البيئى بالمبيدات ومتبقياتها وتواجدها بمستويات مختلفة بكل من التربة والماء والهواء والكائنات الحية وتفشى الأمراض المختلفة والأوبئة.
بعض أنواع المبيدات الشائعة الاستخدام وفترات بقائها فى التربة:
المصدر: معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة
المثانة البولية 17%..والكبد 12%..والغدد اللليمفاوية 10%
مصر موبوءة بالسرطان فى ٢٠٢٠
الثلاثاء، 03 يونيو 2008 08:35 ص
أمين أباظة وزير الزراعة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة