المواطنون يتندرون على القرارات الجديدة

البطاقة والرغيف..احترام أكل العيش

الثلاثاء، 03 يونيو 2008 02:39 م
البطاقة والرغيف..احترام أكل العيش
كتبت ماجدة سالم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الحمد لله هاستريح من طابور العيش، وضمنت أنى مش هاكل عيش تانى أبداً لأن بطاقتى ضاعت" ..هكذا صاح الحاج يسرى (56 عاماً) من قلب طابور العيش بأحد الأفران بمنطقة مصر القديمة، عندما علم بقرار الحكومة عن تسجيل الأسر بالرقم القومى للحصول على الخبز المدعم حسب عدد أفراد الأسرة، ليكون نصيب الفرد من الخبز 4 أرغفة يومياً.

آراء متضاربة حول القرار عبر عنها المواطنون وأغضبت الكثيرين منهم, فيما رأى البعض أنه قرار إيجابى إلى حد ما.
أم منة ـ ربة منزل ـ ترى أن القرار عادل لأنه سيمنع ظاهرة حصول البعض على ضعف ما يكفيهم من الخبز: "أنا باروح اشترى عيش ما القيش نصيبى علشان طيور غيرى تاكل" وتروى لنا موقفاً واجهها أثناء توجهها لأحد الأفران، فقد رأت سيدة تجلس طفلتها بجوار الفرن وفى يدها شنطة كبيرة مليئة بالخبز. تذهب السيدة للوقوف فى الطابور وتشترى الخبز وتعود لطفلتها تضعه فى الشنطة، وهكذا حتى حصلت على ما قيمته عشرة جنيهات خبز. وتضيف أم منة: "عندما سألتها اتضح لى أن لديها محلاً تبيع فيه هذا الخبز بضعف الثمن أى عشرة قروش، ولذلك أنا أؤيد الحكومة فى قرارها، وبذلك سيتعلم الناس كيفية احترام رغيف العيش".
بعض المواطنين لم يرفض القرار وإنما طرح أسئلة على الحكومة تحتاج إلى إجابة واضحة.
أحمد عبد الله ـ محاسب ـ تساءل:
"هل سيكون الحصول على الخبز من خلال أصل البطاقة أم الصورة؟، وعلى أى أساس تم تحديد عدد 4 أرغفة للفرد الواحد يومياً؟، ولماذا لا يكون 6 أرغفة على أساس رغيفين فى الوجبة؟ وهل هذا القرار يعنى أن الحكومة على استعداد لتوفير ملايين الحاسبات الآلية لتضعها فى أكشاك التوزيع؟ وهل لدينا ما يكفى من ميزانية لتنفيذ هذه الخطة الضخمة؟" وأضاف أن على الحكومة أن توضح الأمر للمواطنين وتشركهم فى اتخاذ القرار "لأنه يخصنا أولاً وأخيراً".


أما أبو هشام بائع بأحد المحلات المجاورة لمخبز بالسيدة زينب، فيرى أن القرار غير عملى وغير عادل "متسائلاً": هل تدرى الحكومة عدد من لا يملك هذه البطاقة؟ طب أولاد الشوارع ياكلوا منين"؟ وأضاف أنه على الحكومة قبل اتخاذ مثل هذا القرار أن تستصدر بطاقات رقم قومى لأطفال الشوارع "يعنى يبقى تشرد وجوع .. حرام والله".
القرار أثار ضحكات أحمد الشامى (38 سنة)" يعنى كل ما اشترى عيش لازم تبقى البطاقة فى جيبيى. طب افرض نسيتها فى البيت ما اجيبش عيش.؟ طب والحكومة تضمن لى وأنا واقف فى طابور العيش إن بطاقتى ما تتسرقش وابقى لا طلت العيش ولا طلت البطاقة ونموت من الجوع".

هانى فتحى (28 سنة) متزوج حديثاً ولم يستخرج بطاقته العائلية يقول: "ماذا أفعل أنا وزوجتى ولماذا لم تراع الحكومة فى قرارها المتزوجين حديثاً أو الأسر التى لا تمتلك بطاقات عائلية"؟ واقترح أن تلغى الحكومة المخابز وتقوم بتصنيع وتوزيع الخبز على الأفراد فى البيوت "حتى لا تسرق المخابز الدقيق وتتحكم فى كمية الخبز".

أمام أحد المخابز بمنطقة دار السلام فى الحادية عشر صباحاً، كانت هناك معركة بين سيدتين قاربتا على الخمسين من العمر بسبب ترتيب الوقوف فى الطابور كادت أن تصل إلى الاشتباك بالأيدى. وبعد أن انتهت المعركة طرحت عليهم الخطة الجديدة للحكومة فصاحت إحدى السيدات: "وماله بطاقة بطاقة بس نجيب عيش. أنا واقفة فى الطابور من الساعة 7 الصبح وبرضه مش عارفة أجيب العيش. "فردت عليها سيدة أخرى قائلة": إنتى فاهمة يعنى إيه بطاقة يعنى مش هتعرفى تاخدى غير 8 أرغفة إنتى وجوزك فى اليوم". وأضافت "طب لو جالى ضيوف أوديهم ببطايقهم يجيبوا لنا عيش"، وانقلب طابور العيش لحلقة مناقشة كبيرة فقال أحد الأشخاص:" أنا مغترب يعنى لما أعوز عيش أسافر بلدنا"، ورد آخر" أنا من شبرا ومحل عملى هنا يعنى لما أحب أكل أروح ببطاقتى أشترى عيش من شبرا وارجع تانى".

وفى مخبز آخر بنفس المنطقة خرجت إحدى السيدات من الطابور مضحية بمركزها المتقدم مشيرة إلى ابنتها التى تقف فى نفس الطابور للحصول على كمية كبيرة من العيش ـ لأن الفران لا يبيع بأكثر من جنيه للفرد الواحد ـ قائلة" شايفين بنتى دى ما يكفيهاش 3 أرغفة فى الوجبة الواحدة يبقى أربعة أرغفة فى اليوم يكفوها إزاى وده غير الأربعة اللى فى البيت"؟!.

وفى أحد المحلات المجاورة لهذا المخبز جلست السيدة نعمة تصف لنا حالة هذا الفرن منذ بداية أزمة العيش وحتى الآن وتقول: "فى بداية المشكلة كان فى كل يوم ضحايا لحد ما الحكومة عينت أمن على الأفران والطوابير اتظبطت وأول ما الأمن بطل يقف على الأفران بعد الرشاوى اللى أخدوها من أصحاب الأفران، رجعت الأزمة تانى. لأن الفرن بيبطء سير الماكينات فيقلل الإنتاج علشان يكتر من كمية الدقيق اللى بيسربه". وأضافت أنها ترى بشكل يومى فى الصباح الباكر أجولة الدقيق خارجة من المخبز "ومنعرفش رايحة فين".
ويرى مصباح صاحب مطعم للفول والفلافل أن الحكومة بهذا القرار ستقضى على عمله نهائياً. ففى الوقت الحالى تبيع له الأفران الخبز بثلاثة أضعاف ثمنه, وبعد القرار سترفض البيع لالتزامها بحصة معينة "يعنى أخد كل زبون ببطاقته على الفرن ونجيب عيش، والله لأقلب المطعم فرن عيش ويا أنا يا هما".
فى حين يرى صاحب مطعم أن هذا يتيح فرصة أكبر أمام السوق السوداء قائلاً: "أين الدعم الذى كان يصل لنا أيام السادات فكان لكل مطعم حصة معينة من الخبز المدعم مقابل وضع تسعيرة معينة للسندوتشات ومن يخالف يعاقب". بينما يرى عامل فى مطعم كباب وكفتة أنه بعد القرار "سنقدم مع الوجبات عيش فينو بدل البلدى".

أما أصحاب المخابز فلم نجد أياً منهم لأن معظمهم يأتى للمخبز بعد انتهاء العمل ليشرف بنفسه على عملية خروج أجولة الدقيق بسلام من مخبزه وهذا على حد قول المحيطين بالمخابز، وعندما سألنا هؤلاء الشهود عن سر عدم تدخلهم لوقف هذه العملية قال أحدهم: "المهم إن العيش يوصلنا ولو ضايقنا أصحاب المخابز مش هنطول ولا رغيف". ورفض عمال المخابز الحديث إلينا بينما علق أحدهم"، مش كفاية علينا الحكومة ومشاكلها".
بعض المواطنين قدموا اقتراحات بديلة لقرار الحكومة. فرأى بعضهم أن صرف الخبز عن طريق كروت خاصة بكل أسرة محدد فيها نصيب الأسرة أفضل من بطاقة الرقم القومى "حتى لا تضيع البطاقات". واقترح آخر التوسع فى نظام توصيل الخبز للمنازل من خلال مجموعة من الشباب يحصلون على مقابل لخدمتهم آخر الشهر حتى تختفى الطوابير وظاهرة تسريب الدقيق فضلاً عن المساعدة فى تشغيل الشباب.
أخذنا آراء واقتراحات المواطنين إلى المسئولين بالحكومة، للتوضيح ومعرفة مزيد من التفاصيل خصوصاً مع ما تردد حول أن هذا النظام قد تم تنفيذه بالفعل فى محافظة الجيزة فأكد لنا درويش مصطفى مستشار وزير التضامن عدم صدور أية تعليمات بشأن تنفيذ القرار فى محافظة الجيزة أو أية محافظة أخرى، وأن الوزارة لم تصدر أية تعليمات لأية جهة حتى الآن: "القرارات مازالت محل دراسة وأمامنا وقت طويل لتنفيذها". هذا فى حين تؤكد تصريحات سامى زغلول ـ الأمين العام لمجلس الوزراء ـ بأن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء أعطى توجيهاته لكل مخبز أو منفذ بتسجيل "الرقم القومى" لمن يريد أن يكون تابعاً له فى صرف حصة الخبز.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة