أصبح المحتوى الرقمى الموجود على الإنترنت، مصدراً مهما للمعلومات فى كل المجالات، كما تسعى غالبية الدول لاستغلاله فى نشر وحفظ ثقافتها ولغتها وتاريخها عن طريق تسجيلها على الإنترنت، لتكون متاحة لكل من يريد التعرف عليها والاستفادة منها، إلا أن المحتوى الرقمى الموجود على الإنترنت باللغة العربية يعانى نقصاً شديداً مقارنة باللغات الأخرى ولا يمثل، طبقا لآخر الإحصاءات، إلا 0.5% من إجمالى المحتوى العالمى، وهى نسبة ضئيلة جدا لا تتناسب وعدد العرب والمسلمين فى العالم، مما يهدد نشر اللغة والثقافة العربية ومحاولات الحفاظ عليها فى معظم الدول..فما أسباب نقص وضعف المحتوى العربى على الإنترنت؟ وكيف نواجه هذه المشكلة لكى يكون هذا المحتوى بالقوة والحجم الذى يتناسب مع عدد ومكانة العرب والمسلمين فى الحضارة الإنسانية؟.
قال حاتم زهران رئيس شعبة الحاسب الآلى بالغرفة التجارية فى القاهرة: المحتوى الرقمى العربى والإسلامى على الإنترنت، الذى يضم المعلومات والبيانات والمعارف لا يتعدى 0.5 % بالنسبة للمحتوى الرقمى العالمى، وذلك بالرغم من أن عدد العرب والمسلمين فى العالم يقدر بنحو 1.5 مليار عربى ومسلم. مشيرا إلى أن نشر المحتوى الرقمى العربى فى أمس الحاجة لتمويل كبير، وأيضاً لابد أن يكون هناك دعم من الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى.
وأفاد بأن الكثيرين لا يشعرون بأهمية المحتوى الرقمى، الذى أصبح منتجا له قيمة معنوية ومادية وله سوق وبائع ومشتر ويساعد على تقدم الأمم، مشيرا إلى ضرورة وضع خطة استراتيجية عربية عامة بين مصر والدول العربية لمواجهة نقص هذا المحتوى باللغة العربية، لافتا إلى أن هناك مشروعا تقوم به وزارة الاتصالات فى مصر وجهات حكومية وخاصة من مصر والعالم العربى منذ عام 2006 يسمى "ذاكرة العالم العربى"، ولكنه فى مراحله الأولى والهدف الأساسى منه هو حفظ وتوثيق التراث العربى، ولكن هذا المشروع ليس كافيا، فلابد أن تكون هناك العديد من المشروعات لحفظ ذاكرة العالم العربى جغرافيا وتاريخيا.
ويرى محمود أبو شادى رئيس الجمعية العلمية لمهندسى الاتصالات أن مشكلة نقص المحتوى الرقمى باللغة العربية على الإنترنت يعود لنقص البيانات المتداولة باللغة العربية، التى تهم المواطن العادى ولذلك يجب تعريب المحتوى التاريخى والثقافى والجغرافى والإسلامى، ولكن ليس بالضرورة أن يتم تعريب البيانات الخاصة بالعلوم من طب وهندسة لأن هذه العلوم اللغة الأساسية لها هى الإنجليزية، وهذا الموضوع مرتبط أكثر بالتدويل، فالفرنسيون مثلا بدأوا منذ 30 عاما فى تقديم العلوم باللغة الفرنسية، بالإضافة إلى روسيا والصين فهذه الدول تقدم علومها بلغتها، ولكن عند تسويق البيانات والمعلومات الخاصة بالعلوم يقومون بوضعها باللغة الإنجليزية.
وشدد أبو شادى على عمل مشروع لمواجهة هذا النقص للمحتوى الرقمى باللغة العربية على الإنترنت، وذلك بإيجاد آلية لتجميع البيانات والمعلومات والمعارف فى محتوى رقمى يسهل الوصول إليه عبر خدمات الإنترنت ويتم تعريفه ونشره إلى الناس.
يرى سامح نصير مدير عام غرفة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات المصرية أن نقص المحتوى الرقمى باللغة العربية عملية ليست بالسهلة وتحتاج إلى وقت كبير، لافتا إلى أنه يجب لفت نظر الناس إلى أهمية المحتوى الرقمى على الإنترنت وأن يقوم المستخدمون بإنشاء مواقع باللغة العربية، تتضمن مراجع علمية وسياسية وثقافية، ولكن ذلك لن يتم إلا بتقديم الدعم المالى وتسويق البيانات بطريقة صحيحة، وأضاف أنه ليس هناك مشكلة أن تكون البيانات والمعلومات فى العلوم المتخصصة مثل الطب والفلك والرياضة باللغة العربية، فالآن مواقع مثل "ياهو" و"جوجل" بها محتوى باللغة العربية فى جميع التخصصات وهم يحتاجون هذه البيانات وبإمكان أى فرد أن يبحث عن المعلومات المطلوبة باللغة العربية على أى موقع.
من ناحيته أكد رشاد عبده أستاذ الاقتصاد والتمويل فى الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمصرفية، أن تمويل المحتوى الرقمى العربى غير شائع فى البنوك فى مصر، وقال أعتقد أن بعض البنوك الأجنبية يمكن أن تقوم بتطبيقه فى بلادها وبعد ذلك تطبقه فى مصر، ولكن الشائع فى البنوك هو تمويل المواقع الخدمية مثل مواقع الوزارات ومجلس الوزراء، ولابد أن يكون مربحا للبنك الذى سيقوم بتمويله وذلك مثل مشروع 0900، وهو المحتوى السمعى الذى قامت شركة المصرية للاتصالات بتمويله، أما المحتوى المرئى لم أسمع بتمويله فى قطاع البنوك فكل بنك يقوم بعمل جدوى اقتصادية حول أى مشروع قبل أن يقوم بالتمويل، ولكن إذا وجد أنه مربح سيقوم بتمويله على الفور.
