الدكتورة منال الصاوى واحدة من السيدات التى قالت " لا " للفساد، و تصدت له بكل قوة بدافع من الضمير، والحرص على المصلحة الوطنية دون ادعاء أو مزايدة. وبحكم عملها باحثة بالمعمل المركزى لتحليل بقايا المبيدات و العناصر الثقيلة فى الأغذية بمركز البحوث الزراعية، كان عليها أن تحذر من خطورة خلط القمح بالذرة لتصنيع الخبز لما يسببه من أمراض سرطانية لتلوث الذرة المضافة إلى الخبز بمادة مسرطنة تسمى الافلاتوكسين، و هو المعمول به فى مصر حاليا وتسعى حكومة الدكتور نظيف لزيادة نسبته من 30 % إلى 50 %.
مواقف الدكتورة منال المتكررة لكشف الفساد أدت إلى تعرضها للكثير من المشاكل من قبل القائمين على مركز البحوث، بدأت فى العام 2003 وما زالت مستمرة حتى الآن. صدرت أول أمس الخميس توصية من لجنة فض المنازعات التابعة لمجلس الدولة بمركز البحوث الزراعية بصرف جميع المستحقات المالية التى حرمت منها بشكل تعسفى، بينما أجلت اللجنة نظر تظلمها من نقلها من عملها فى القسم الذى كانت تشغله على مدى 20 عاما. التقينا الدكتورة منى للوقوف على تفاصيل القضية التى سببت لها العديد من المشاكل ..
ما سبب الأزمات المستمرة التى مرت بك داخل المعمل المركزى بوزارة الزراعة ؟
عقب تخرجى من قسم المبيدات بكلية الزراعة والتحاقى بالعمل بالمركز، لم تحدث أى أزمات حتى عام 2003، عندما تولى الدكتور محمد حسن العليمى وقتها إدارة المعمل وأحضر مواد كيماوية تستخدم فى فحص المواد الغذائية للمركز دون سابق اختبار و بعد تحليل 60 عينة منها تم اكتشاف رداءتها، ووقتها حاولت منع إصدار شهادات بصلاحية العينات التى تم تحليلها، خاصة أن ذلك المعمل هو الرقيب الوحيد لعينات المواد الغذائية الواردة، وهى أكثر خطورة لأننا نعلم أن الدول المستوردة تقوم بتحليل العينات التى نصدرها، وهو ما حدث بالفعل ليتم رفض 26 شحنة فول سودانى، وعندما رفضت العمل بهذه المواد الكيماوية وأرسلت خطابا للوزير يوسف والى وقتها، نقلت لقسم السموم الفطرية بمعهد أمراض النبات، وهو قسم غير موجود أصلا بالمعهد فتقدمت ببلاغ للنائب العام.
أزمة إضافة الذرة للقمح التى أعلنت عنها مؤخرا هل تمثل خطورة على الشعب المصرى ؟
هناك خطر يهدد الجميع بالفعل، لأن الأبحاث أكدت أن الذرة بها كميات عالية من " التوكسينات "- السموم الفطرية- أخطرها الافلاتوكسين التى تصيبه أثناء الزراعة لأنه من أكثر النباتات التى تستقطب الفطريات، فكلما كانت "الموتكس" أو شوشة الذرة طويلة، كلما استقطب كميات كبيرة من الفطر الذى يتعايش مع الذرة ليظهر على شكل نقط سوداء أو بيضاء وغيرها، ويلتصق بالقشرة الخضراء التى تغطى الذرة، لترتفع نسبة السموم مع التخزين السىء خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة لتتكاثر تلك الفطريات، وبالتالى لا بد من عدم استخدام الذرة بشكل إجبارى كما يحدث فى مصر، فكل الدول خفضت معدل استخدامه ليصل 35 جراما يوميا و بشكل اختيارى، أما فى مصر فمعدل الاستخدام اليومى يصل إلى 160 جراما، وهو ما يوازى عدد ثلاثة أرغفة من العيش. كما أن كفاءة الخبز تنخفض، مما يجعل العفن يظهر على العيش نهاية اليوم، ولا يمكن تناوله فى اليوم التالى وذلك لارتفاع نسبة الرطوبة.
وهل تلك الخطورة تنطبق أيضاً على منتجات الذرة من الزيوت ؟
لا لأن التركيبة الكميائية للزيت لا يذوب فيها فطر الافلاتوكسين الذى يحتاج لوسط رطب حتى ينمو.
تحدثتى عن العديد من الأمراض التى تتسبب فيها إضافة الذرة للخبز فما هى ؟
للأسف معظم الأمراض التى يسببها الذرة عند تناوله بكميات كبيرة تكون مرتبطة بالجهاز الهضمى، فهو يتسبب فى سرطان الكبد كما يقوم بتغيير D N A الخاص بخلايا الكبد ليحولها لخلايا غير طبيعية، بالإضافة لارتباطه بالجهاز المناعى للكبد الذى يجعل مقاومته صفراً ليتحول فيروس A إلى C، وينشط و هو ما يثبت أن ذلك الفيروس قد يتطور داخل جسم الإنسان، ولا يأتى له من الخارج كما هو متعارف، لذلك فمعظم الشعب المصرى مصاب بأمراض الكبد نتيجة سوء التغذية ولا تتوقف آثاره الضارة عند هذا الحد، بل يؤدى أيضا للإصابة بسرطان القولون و المعدة، وهو ما يفسر أيضا انتشار ذلك المرض خلال السنوات الأخيرة الماضية.
لكن هناك توجهاً من الحكومة لزيادة نسبة الذرة المخلوط بالقمح لمواجهة أزمة الخبز ؟
أزمة الخبز التى تفتعلها الحكومة يمكن حلها بإضافة الشعير أو الشوفان إلى القمح، كما أن النباتين أعلى فى القيمة الغذائية وأقل فى نسبة المخاطر، فمن غير المعقول أن يخرج علينا رئيس الوزراء الدكتور نظيف ليعلن عن زيادة نسبة الذرة بالقمح و يضحك علينا العالم الذى أدرك خطورة ذلك وجعل تناوله اختياريا للمواطنين مثل الفيشار، ولذلك نحن نحتاج لقاعدة بيانات يمكن من خلالها تقييم المخاطر لكافة المواد الغذائية، فللأسف الدراسات التى تتم لا تستند لقاعدة بيانات ولا يتم الأخذ بالأبحاث التى أجريت من قبل، وكل باحث يعيش فى جزيرة منعزلة، وهو ما دفعنى للمناداة بتشكيل قاعدة بيانات يتم على أساسها اتخاذ القرار، وحتى لا نظل نمد أيدينا لبناء مستشفيات لعلاج السرطان الذى تزايد بخطورة.
هل سيمنعك ما تواجهينه من اضطهاد و تعنت من جانب المسئوليين بالمركز عن كشف المزيد ؟
بالطبع لا، فأنا مازلت ممتنعة عن استلام العمل فى معهد أمراض النباتات بحسب القرار الصادر برقم 2371 فى أبريل الماضى من الدكتور أيمن فريد أبو حديد رئيس المركز، وهو الثانى بعد أن ألغى وزير الزراعة أحمد الليثى القرار السابق لتتم إحالتى للشئون القانونية للتحقيق معى، فلا يمكن أن أعمل فى تخصص بعيد عن دراستى وعملى، و لماذا لا يتم الاستفادة من كل شخص فى مكانه الصحيح .
الدكتورة منال الصاوى: خلط الذرة بالقمح يدمر صحة المصريين
السبت، 28 يونيو 2008 10:30 م
الدكتورة منال الصاوى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة