رفح المصرية.. مدينة الخوخ والسلام والمعبر

الخميس، 26 يونيو 2008 08:00 ص
رفح المصرية.. مدينة الخوخ والسلام والمعبر
رفح عبد الحليم سالم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الطريق إلى مدينة رفح المصرية ليس مفروشاً بالورود، مفروش بالخوخ واللوز والزيتون، تمتد زراعاته بامتداد الطريق الدولى من العريش وعلى الطرق الأوسط المعروف بطريق الجورة. وعلى الرغم من أن المسافة بين مدينة العريش ورفح 45 كم حوالى 25 دقيقة بالسيارة، إلا أننى فضلت الوصول لها عبر زراعات الخوخ خلف رفيقى على دراجة نارية، وكم كان عجبى أن هذه الآلة صينية الصنع تسير بسرعة تصل إلى 120 كم.
فضل رفيقى أن نسير إلى رفح عبر طريق الجورة، فهو طريق مقطوع وخطير، وعلى طول الطريق تتعانق الصحراء بزراعات الخوخ المثمرة، وجزء كبير منه سىء وبحاجة للرصف. المنازل متناثرة فى تجمعات قبلية معروفة، لا يمكن لأحد أن يعتدى عليها لأن كل مواطن من بين الـ70 ألفاً فى 11 قرية و45 تجمعاً تابعاً، يدركون قوة القبائل وفى مقدمتها الرياشات والرميلات والسواركة وعلى الحدود قبيلة أبو جراد.

قبل أن أصل إلى الموعد الذى سبق تحديده مع بعض أهالى رفح، تذكرت يوم أن كانت رفح المصرية والفلسطينية مدينة واحدة، شارع صلاح الدين يمتد من مصر حتى نهاية قطاع غزة، فصلهما الجدار الحدودى ثم السور الصخرى الجديد، لكن أهلها لم ينفصلوا، فأراضيهم توجد على الجبهتين ومنازلهم وعائلاتهم أيضاً، إنها أمور لا يمكن للحدود أن تخترقها.

خلال رحلتى على ظهر الدراجة النارية، مررنا بعدد من قرى الشيخ زويد ثم قرية المهدية صاحبة الإضراب الشهير، وعبرنا أشهر ميادين المنطقة ميدان الماسورة حتى وصلنا إلى الموعد على بعد متر من الحدود، عمارات غزة تطل علينا حاملة الحزن والأمل فى غد جديد، تحمله الهدنة الجديدة، وهو نفس الأمل الذى يحمله أهالى رفح أو "رافيا" المدينة التاريخية العريقة، بل كل أبناء سيناء فى انتظار الخير الذى يحمله فتح المعبر من خلال البيع والشراء والرواج التجارى وأمور أخرى، تتعلق بمصالح خاصة وعلاقات زواج ومصاهرة وجمع الأحباب.
عبد القادر سعيد الطرحى عضو المجلس المحلى للمحافظة، أثار مشكلة ملوحة الآبار وتأثيرها على الشرب وعلى الزراعات، فكل عام الملوحة تزداد وهذا أمر خطير لابد من البحث عن علاج له قبل فوات الأوان، ومياه الشرب لا تصلنا إلا مرة واحدة كل أسبوع وهذا لا يكفى، مشكلة الأسمدة اتوفرت واتحلت، ولكن مشاكل المياه بلا حل.
أحمد عبادة محمد من أبو سنار لم يهاجر من رفح رغم دخول إسرائيل، وظل فى مزرعته تمنى أن تصل مياه النيل سواء للشرب أو للزراعة علاوة على حل مشكلة تراخيص البناء، فالأولاد كبروا ومطلوب بناء مساكن لهم للزواج والمحافظة لا تصرح بذلك.

محمد سويلم محمد من حى الحرية يقول: فنطاس المياه وصل سعره 60 جنيهاً بعد أن كان سعره 45 جنيهاً فقط، الطحين لا نجده، لا نريد عيش المخابز نريد دقيقاً ونخبزه فى بيوتنا لأن لكل بدوى فرن فى بيته، أولادنا بلا عمل ومنعزلون عن كل شىء، نريد عملاً لهم ونريد أن تنظم المحافظة رحلات ليتعرفوا على محافظات مصر.
ويضيف سويلم: نريد وحدة صحية ومدرسة ابتدائية و"غراب" مياه على خزان المياه المالحة لاستخدامها فى الغسيل لتوفير المياه العزبة.. ثرواتنا الحيوانية فى طريقها للانقراض بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف.
يشير أسعد سعيد الطريحى لمشكلة انتشار السلاح بصورة كبيرة فى رفح، ويرى أن انتشار السلاح ينذر بالخطر ويقول: كل واحد عنده سلاح وعند أية مشاجرة ترتفع الأسلحة، والحل أن تسحب الحكومة هذا السلاح من خلال المشايخ الذين يعرفون عدد السلاح عند كل واحد، لكن للأسف دور الشيوخ معدوم، ولا يبلغون عن من يملك السلاح وهذا أمر خطير.

يقول الطريحى: لدينا أكثر من 12 ألف فدان زراعات خوخ، بحاجة لتسويق جيد، ونحن نتمسك بأرضنا لدرجة أن "أبو جراد"على الحدود، قتل منهم اثنان ولن يتركوا أرضهم على بعد 300 متر من الحدود.
يتساءل الشيخ سعيد محمد عيد عن مصير 5 آلاف فدان، خصصتها الدولة لأبناء سيناء على ترعة السلام، فأين ذهبت الأراضى لا أحد يعلم.

ويأمل بركات معبد شاعر رفح فى فتح الحدود ليس من أجل التبادل الثقافى مع شعراء فلسطين العظام وعودة الود بين شقى مدينة رفح.

تشعب الحديث حول مشاكل رفح، لعل أخطرها طرح مشكلة أرض المعسكر التى تحتاج لملف خاص بها لكن لحلول الظلام، اضطررنا للعودة على نفس الدراجة النارية، ومن نفس الطريق وكم كانت رحلة العودة مخيفة فالطريق مظلم تماماً، ونباح الكلاب كشف سكون الليل والقمر يعزف منفرداً، أنار رفيقى ضوء الدراجة النارية التى أبطأت سرعتها بسبب صعوبة الرؤية خوفاً من السقوط فى حفرة، ورغم أن المسافة تستغرق فى المعتاد 50 دقيقة أو يزيد قليلاً استغرق 120 دقيقة، حتى لاحت لنا أضواء مدينة العريش.
تساءلت عن تجاهل المسئولين لهذا الطريق وعدم إنارته، حتى تحول إلى مكان خطير ومثالى لارتكاب الجرائم .. لكن بمجرد أن لمحت الأضواء، قلت لرفيقى حمداً الله على السلامة، فابتسم وأكملنا السير.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة