ترددت أنباء بوزارة التعليم الثلاثاء، عن اقتراب رحيل د. يسرى الجمل عن الوزارة، وذلك بعد توالى سلسلة الامتحانات الصعبة التى أثارت غضب البيت المصرى، وراح ضحيتها طالبان انتحرا، وأنهت آمال الطلاب المتفوقين فى تحصيل درجات تؤهلهم لكليات القمة. وقد أكد الوزير للمقربين له بالوزارة، عقب لقائه بالرئيس مبارك، أن رحيله عن الوزارة أصبح شبه محسوم، وأنه مضطر لتقديم استقالته فى أقرب فرصة، كما أكد أيضا أنه تعرض لمؤامرة خبيثة من لوبى بالوزارة، وقف خلف سلسلة الامتحانات الصعبة، التى وضعت الوزير فى موقف صعب أمام القيادة السياسية، وأنه تورط فى أحداث الثانوية رغماً عنه. وقد أكدت مصادر مطلعة بالوزارة أن الوزير قام الثلاثاء بجمع بعض أوراقه المهمة من مكتبه، فى إشارة إلى اقتراب رحيله.
الأخطاء التى قصمت ظهر "الجمل"
فضيحة تسريب امتحانات الثانوية العامة ليست الوحيدة التى قد تطيح بالجمل من منصبه، لأن أخطاءه متراكمة، فحينما تقلد الجمل منصب الوزير فرط فى صلاحياته، تاركا الكثير منها للدكتور رضا أبو سريع، وكيل أول الوزارة، الذى أصبح بشهادة العاملين فى الوزارة هو الوزير الفعلى لممارسته صلاحيات أعلى من مسئولياته، لدرجة أنه كان يتحكم فى تعيين مديرى الإدارات التابعة للوزارة، وبقى الجمل وزيرا دون صلاحيات مكتفيا بالتصريحات الصحفية وحضور اجتماعات مجلس الوزراء.
تناقض تصريحات وزير التربية والتعليم أثناء أزمة الثانوية العامة وضع الحكومة فى مأزق، فمع بداية الأزمة، أعلن الوزير أنه لا صحة لما تردد عن وقوع حالات تسريب، ثم جاءت تحقيقات النيابة لتعلن عن صحة وقائع التسريب وتكذب ما جاء على لسان الوزير، ولكن ذلك لم يثن الوزير عن عادته، فقد أبدى تعجبه من كثرة الحديث عن التسريب، مؤكدا أن التسريب صفة أصيلة فى امتحانات الثانوية العامة فى مصر وتمارس منذ 20 عاماً، هذا التصريح أثار استياء الرأى العام. خرج بعدها الوزير لينفى أن يكون قد صرح بذلك أمام مجلس الشعب.
الجمل كان أول من طبق اللامركزية فى الحكومة، ولكن بشكل خاطئ، مطلقاً العنان لرؤساء الإدارات، ليتحول كل منهم الى مركز من مراكز القوى فى محافظته، وهو ما وضح جليا بعد فضيحة تسريب الامتحانات والتى توزعت فيها الاتهامات على المسئولين، بدءا من وكيل الوزارة، وانتهاء بمراقبى اللجان، و ظهر فيها جهل الوزير التام بتصرفات مرؤسيه. عصر الجمل اتسم بغياب تام للرقابة وضعف فى المتابعة، حتى أنه لم يستطع أن يجبر واضعى الامتحانات على الالتزام الكامل بأسئلة نماذج الوزارة فى وضع ورقة الأسئلة .. لم لا وهو افتقد منذ قدومه للوزارة للشد والحزم، على عكس سلفه أحمد جمال الدين موسى الذى حاول الجمل القضاء على كل مايمت لعهده بصلة حين ألغى الاستراتيجية طويلة المدى التى وضعها جمال الدين لإصلاح التعليم.
لم يقتصر عجز الجمل على عدم السيطرة على رجال الوزارة فقط، وإنما امتد هذا العجز ليصل إلى الطلاب والمدرسين، فقد شهد عهده وقائع اعتداء متبادل بين الطلاب والمدرسين وأولياء الأمور، وهو الأمر الذى كان نذيرا بضياع هيبة المدرس والدور التربوى للمدرسة. ثم جاءت وقائع تسمم التلاميذ من التغذية المدرسية، لتكون حلقة أخرى من مسلسل إهمال الوزير الذى يبدو أنه سينتهى بإقالته.
خطيئة الجمل الكبرى تمثلت فى أنه أبقى مسئولى الوزارة السابقين أصحاب الخبرات والعلاقات فى مناصبهم دون تغيير، وهو ما جعلهم يبنون شبكات داخل الوزارة قائمة على المصالح والمجاملات .. ومن ينظر إلى تشكيلات كنترولات الثانوية العامة ومستشارى المواد يجدها ثابتة، لم يخرج منها إلا من انتقل إلى رحمة الله.
د. يسرى الجمل وزير التربية والتعليم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة