عماد عمر

قوانين.. بنظرة عين

الإثنين، 23 يونيو 2008 12:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
برلمانات كثيرة فى العالم لها أساليب فى ممارسة العمل البرلمانى تميزها عن غيرها. فى اليابان مثلاً هناك تكتيك "مشية الثور" الذى تستخدمه المعارضة لكى تعطل إلى أقصى ما تستطيع إصدار قوانين لا تريدها.

وفى هذه الحالة يمشى النائب المعارض بمنتهى البطء من مقعده إلى حيث مكان الإدلاء بصوته. ويمكن أن تستمر الجلسة أياماًَ يتعطل خلالها إقرار القانون الذى لا تستطيع المعارضة منع صدوره. وأما فى برلمان تايوان، فالمشاجرات بين النواب وتبادل اللكمات، ربما تعتبر أبرز ما يعرفه العالم عنهم.

وكان لابد أن يجد برلماننا المبجل ما يميزه عن غيره هو الآخر فنحن لسنا أقل من اليابان ولا غيرها فى الممارسة البرلمانية ولدينا برلمان عتيد طول عمره سيد قراره. وقبل أيام شهد البرلمان المصرى واقعة غير مسبوقة أثناء التصويت على اقتراح إعفاء المسكن الخاص من الضريبة العقارية. الاقتراح يعبر عن رغبة أغلب المصريين بلا شك، والدليل العدد الكبير من النواب الذين بادروا برفع أيديهم بالموافقة من حزب الحكومة، وأيضاً من المعارضة، فالأغلبية عبرت عن تأييدها للاقتراح.

لكن المشكلة أن الاقتراح كان مقدماً من نواب المعارضة أساساً، ويبدو أن نواب الحزب الوطنى اعتبروا أن تأييد هذا الاقتراح أمر بديهى، فسارعوا برفع أيديهم بالموافقة. لكن أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى ورئيس لجنة الخطة والموازنة فى مجلس الشعب لم يعجبه هذا الحال، وسارع إلى استنكار موقف نواب الحزب الحاكم متسائلاً بصوت مسموع "إيه ده.. إيه ده". وفى لمح البصر غير نواب الحزب الوطنى الموافقين على الاقتراح رأيهم وابتلعوا أيديهم المرفوعة. وقالت صحيفة "الأخبار" الحكومية إنهم "تراجعوا عن موقفهم بنظرة واحدة من أحمد عز".

هكذا بكل بساطة غير نواب الحزب الحاكم رأيهم، لنحقق سبقاً جديداً بصدور القرارات بنظرة عين وليس حتى بجرة قلم كما كان يحدث فى الماضى. فقد أصبحنا فى عصر السرعة وجرة القلم أصبحت تستغرق وقتاً، ولذلك كان من الضرورة استبدالها برمش العين. ولابد أن برلمان اليابان الذى يعانى من "مشية الثور" يشعر بالحسد لبرلماننا الذى يعمل بنظرة العين ليتخذ القرارات فى لمح البصر.

وإذا كان عدد كبير من نواب الوطنى غيروا رأيهم بنظرة عين من أحمد عز، فلماذا أقمنا الدنيا ضد النائبة السابقة شاهيناز النجار، واستنكرنا قرارها بالاستقالة من عضوية مجلس الشعب، والذى تزامن مع انتشار أنباء زواجها من أحمد عز، ولابد أن النجار رأت الكثير من نظرات عيون عز، فكيف كان لها بالمقاومة فى حين عجز هذا العدد الكبير من النواب عن مقاومة نظرة واحدة.

وإذا كنا بدأنا بالمقارنة مع الممارسات البرلمانية فى دول أخرى، فلا أعرف كيف سيكون حال نواب الاغلبية لدينا لو عملوا فى أجواء شبيهة بتلك التى يعمل فيها النواب فى دول عريقة ديمقراطياً. وفى تلك الدول تكون هناك على سبيل المثال سجلات بقرارات التصويت التى اتخذها كل نائب خلال الدورة البرلمانية.

ولا أعرف كيف يمكن لنائب محترم أن يعود للناخبين فى دائرته، وهو يعلم أن سجله يبين أنه غير قراره التصويتى بنظرة عين، لكن النواب يعرفون أن الناخبين عندنا طيبون، ولا يهتم كثيرون منهم بتلك الأمور وإذا اهتموا فإن ذاكرتهم ضعيفة .. وحتى إذا تذكر الناخبون فمجلس الشعب سيبقى سيد قراره.. ويدوم العز.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة