فتحى الشوادفى

"رجعوا التلامذة للجَد تانى"

الإثنين، 23 يونيو 2008 12:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تشهد قائمة المشاهير فى مصر نوعاً جديداً من النجوم على الأقل من ناحية الكم، وهم "التلامذة" الذين فوجئنا بعودتهم للجد تانى وبشكل يفتح باب الأمل،وسط جيل الغش الجماعى وخصخصة الامتحانات.

صحيح أن هناك بطولة جماعية لطلاب الثانوية العامة المشاركين فى أفلام امتحانات الفيزياء والتفاضل، وصحيح أن هناك عشرات الأبطال الهزليين الذين يؤدون الامتحانات على طريقة اللمبى، وصحيح أن الكثير من أولياء الأمور عاشوا دور خالتى فرنسا فى مساعدة أبنائهم، وصحيح أن هناك حزب توفيق الدقن الذى يرفع شعار "أحلى من الشرف مفيش" ثم يتاجر فى مستقبل مصر ويبيع الامتحانات. لكن الصحيح أيضا أن بعض "التلامذة" اختار طريقة عاطف الطيب الذى رفض المقاولات و تمسك بسينما الوطن، أبطالها هم الكادحون.

هؤلاء البعض قرروا أن يقوموا ببطولات فردية ناجحة تخفف عناء وطأة ما يجرى فى الوطن وتحملوا عبء التأكيد على أن بكرة أحلى من النهاردة، وأن الجيل الجديد فى مصر له أنبياؤه وقادة فكره، وأنهم بموضوع تعبير مدرسى أو موقف لحظى يتفوقون على آلاف المدعين والكاذبين، وهم أكثر قدرة على تحريك المياه الراكدة من الواهمين والمصابين بانفصام فكرى وانتهازية ونرجسية توفر لهم القدرة العجيبة على الانتقال من موقف إلى موقف ومن معسكر إلى معسكر دون أدنى وخز ضمير، فهم بالأمس القريب دعاة ثورة عندما كانوا يعانون ضنك العيش ولما تعدلت أرصدتهم المصرفية تبدلت مواقفهم.

أول النجوم الجدد كانت الطالبة آلاء فرج مجاهد التلميذة بمدرسة شربين الثانوية للبنات بمحافظة الدقهلية، والتى قررت مديرية التربية والتعليم بالدقهلية حرمانها من الامتحان بسبب انتقادها السياسة الأمريكية فى أحد موضوعات التعبير الذى تضمن أيضا تساؤلا عن الشأن الداخلى نصه: ماذا سوف نجنى من الدولة إلا ما هو رديء وخسيس، الحقيقة أن كبار قواد مصر لا يريدون لها التقدم والحكومة لا تريد أن ترفض حتى لا نقول إنها عاجزة، وهو الرأى الذى اعتبره الدكتور مفيد شهاب فى تصريحات صحفية عبارات تمثل قذفا فى النظام العام والآداب العامة وتدل على الاستهتار .

وبالمناسبة كان يمكن لموضوع " آلاء" أن يمر مرور الكرام و أن تنضم القصة برمتها إلى أرشيف الحكايات المنسية من الذاكرة المصرية لولا حسن حظها فى صديق لوالدها استمع إلى فضفضته بخصوص ما تتعرض لها ابنته الصغيرة التى كان عمرها خمسة عشر عاما، فقرر أن يكتب لأنه " بالصدفة " الصحفى والكاتب الصديق الدكتور سعيد اللاوندى الذى ينسب له تفجير قضية آلاء وتحويلها إلى قضية رأى عام، مما أدى إلى رفع الغبن عنها، ويـُفترض أن تكون آلاء حالياً فى إحدى لجان الثانوية العامة، ومن المؤكد أنها ليست من حزب الغشاشين.

موضوع التعبير الثانى كان كاتبه صفوت أحمد محمد الطالب فى مدرسة التعليم الفنى الثانوى الصناعى، والذى كتب موضوعاً للتعبير فى ورقة إجابة امتحان الرياضيات وجه فيه انتقادات لـ "الحاكم الظالم والشعب الجبان"، فتقرر حرمانه من الامتحان، أما مبررات صفوت فكانت أن المراقبين يسمحون لزملائه بالغش لأن أهاليهم يقومون بمجاملات للمراقبين، فى حين أن والديه ليس لديهما الإمكانيات المالية لذلك، وهو نفس المعنى الذى ورد فى بلاغ الطالبة إسراء الذى فجر فضيحة بيع الامتحانات فى المنيا، حيث جاء فى البلاغ أن أسرة إسراء تعجز عن دفع 800 جنيه ثمنا لأسئلة الامتحانات، وبالتالى حرمانها فرصة التفوق لصالح من يدفعون.

وينضم إلى هؤلاء النجوم الجدد بلال دياب الطالب بكلية الآداب جامعة القاهرة الذى قاطع الدكتور أحمد نظيف أثناء كلمته فى لقاء أساتذة وطلاب جامعة القاهرة بقوله "يا ريس، التعليم والجامعة زى الفل، ورغيف العيش حلو، لنا طلب واحد، إنكم تفرجوا عن زملائنا المعتقلين"، قاصدا الشباب المعتقل على خلفية إضراب السادس من أبريل الماضى.

القاسم المشترك الأهم بين أبطال هذه الحكايات أنهم لا ينتمون إلى تيارات سياسية، ولكنهم ينتمون إلى طبقة المطحونين فى المجتمع المصرى، وهى الطبقة التى جرت عشرات المحاولات وصدرت عشرات القرارات لإبعادها عن السياسة، فعادت من بوابة موضوع التعبير، ناهيك عن نجاحهم جزئيا فى تنظيم إضراب أبريل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة