فى منطقة وسط سيناء، وبالتحديد بجبل المغارة الشهير، وعلى بعد حوالى 80 كيلو متراً من العريش العاصمة، تعيش الحاجة سلمى المناضلة البدوية السيناوية، التى تثبت أن المرأة تستطيع عمل كل ما يعمله الرجال حتى ركوب الأهوال، والوقوف فى الصفوف الأولى على خط النار.
تحكى الحاجة سلمى التى تناهز المائة والعشرين عاماً عن ذكريات نكسة يونيو1967 وتقول: "عذبنى الصهاينة بالكهرباء، ومنعوا عنى الطعام لأتوقف عن مساعدة الجنود. عاصرت الإنجليز والأتراك، وما فى أسوأ من الصهاينة فى الدنيا. جبل المغارة مأوى أحفادى المائة، الذين لا أعرف أغلب أسمائهم.
هكذا تكلمت الحاجة سلمى مع اليوم السابع فى الحوار التالى ...
سألتها عن نشأتها وحياتها فى سيناء، فقالت:
عشت مع أسرتى فى أراضى وصحراء سيناء، أثناء الاحتلال البريطانى، وكنا نتنقل بين سيناء وفلسطين، قبل تفكير الصهاينة فى إقامة وطن لهم، وكنت ألف فيها على راحتى بالأغنام والماعز قبل مجىء اليهود.
وأين كنت تقيمين، وكيف كانت حياتكم؟
كنت مع زوجى سالمان صباح أبونيفة، أحد أبناء عمومتى من قبيلة الترابين بجبل مرار بالريسان بوسط سيناء، ولم نتوقف عن رعى الأغنام والماعز فى أراضى فلسطين الممتدة مع سيناء، وكنت أسير عشرات الكيلو مترات على الأقدام وراء الأغنام والماعز، وأقطع 25 كيلو مترا على ظهر الجمل لإحضار مياه للشرب، والأخشاب والحطب لى ولأسرتى وأولادى.
كم عدد أفراد أسرتك يا حاجة سلمى؟
قالت: 12 ابنا وابنة، أكبرهم عريف سالمان صباح أبونيفة (85 عاماً)، وأصغرهم سالم سالمان (55 عاماً)، ومنهم 9 سيدات متزوجات، ويبلغ عدد أحفادى نحو 100 حفيد وحفيدة، بخلاف عدد آخر من أبناء أحفادى المتزوجين، مثل مسلم وفرج عريف، وعدد من حفيداتى المتزوجات.
هل شعرت يوماً أن الحياة صعبة ياحاجة سلمى؟
نعم، بعد ظهور الصهاينة فى المنطقة واحتلال فلسطين، بدأت الحروب والمعارك على أرض سيناء، وبدأت معاناتى من الاحتلال البريطانى والإسرائيلى لسيناء، وأيضا أيام الحكم التركى، لكن معاناتنا الأشد كانت أيام الاحتلال الإسرائيلى لسيناء، خلال أعوام 56 و 67 وما بعدها. كنت أتجول على راحتى فى كل سيناء وأراضى فلسطين المجاورة، خلال سنوات الحكم العثمانى والاحتلال البريطانى، إلا أننى حرمت من ذلك طوال فترة الاحتلال الإسرائيلى .
ماذا حدث خلال فترة الاحتلال الإسرائيلى؟
يااااه أيام الله لا يعيدها، أثناء احتلال سيناء بعد عام 1967، قبض على الإسرائيليين، وعذبونى بالكهرباء بعد رفضى الاحتلال، ومساعدتى للقوات المسلحة المصرية، لأن ولدى عريف وسالم كانا من المجاهدين، وقاما بأعمال هجومية ضد قوات الاحتلال ثم فرا إلى القاهرة.
وتضيف الحاجة سلمى:
كنت أستضيف الجنود المصريين فأزودهم بالطعام، وأنحر لهم الذبائح وأداوى الجرحى منهم، وأساعدهم فى تبديل ملابسهم العسكرية وتهريبهم إلى غرب القناة. وكنت أسير خلفهم بالأغنام والماعز لإخفاء أثر أقدامهم، حتى لا تتمكن قوات الاحتلال من اللحاق بهم أو تعقبهم. وكان معى العديد من البدويات المجاهدات.
كيف كان رد فعل الاحتلال الإسرائيلى ؟
طردونا من أرضنا ولاحقونا داخل صحراء وجبال سيناء .. ولكننا صمدنا ولم نترك سيناء، واستمررت فى رعى الأغنام والماعز حتى تم تحرير سيناء، فعدت إلى منطقة جبل المغارة للإقامة بها مع الأولاد.
سألتها: البدو لا يذهبون للأطباء، من عمل لك النظارة الطبية؟
أعالج نفسى بالأعشاب الطبية والجبلية وعسل النحل و الكى بالنار، وأداوى المرضى الآخرين بنفس العلاج، ويتبارك الأهالى بى، لأنى أعالجهم بالرقوة والطب البدوى بالأعشاب الطبيعية والنباتات الطبية والكى بالنار، والمرة الوحيدة فى حياتى التى ذهبت فيها إلى طبيب، كانت لعمل كشف نظارة لدى طبيب العيون بالعريش، والحمد لله على الصحة.
سلمى السيناوية: الصهاينة فشلوا فى منعنا من المقاومة
الأحد، 22 يونيو 2008 09:59 م