مدينة متخيلة، تكتظ ببشر من معظم جنسيات العالم ـ بخاصة شرق آسيا ـ اسمها "نور مكان" يسكنها فريق عمل فى مجلة تسمى "الصباح" ينتمون إلى جنسيات عربية مختلفة، مصرى، سورى، فلسطينى، عراقى، مطرودون من أوطانهم، منجذبون إلى أضواء تلك المدينة. هذا الإطار هو ما اختاره الكاتب الصحفى والناقد التشكيلى، والروائى ناصر عراق ليبنى فيه روايته الثانية "من فرط الغرام"، الصادرة عن مؤسسة دار الهلال.
ومن خلال أحداث الرواية، تظهر خلفيات كل شخصية محورية، المصرى يسارى معجب بكتاب "النبى المنبوذ" لتروتسكى، والعراقى ناقم على نظام صدام حسين، والسورى جاء نافراً من سطوة الأمن، والفلسطينى لاتخمد داخله نار النضال؛ سواء صدقاً أو ادعاءً. وكل هذا يظهر تحت غطاء من التناحر والتصارع بينهم.
وتتخذ الرواية من أحداث الحادى عشر من سبتمبر منطلقاً لطرح الآراء التى تعكس حال الذهنية العربية المشوشة، وتعتمد الرواية فى بنيتها على حدثين رئيسين: الأول حادث مصرع "خداش" الصحفى الفلسطينى بالمجلة، على يد زميله السورى رضوان لؤلؤة، لتبدأ الرواية وتنتهى بهذا الحدث، من دون بحث لأسباب وملابسات هذه الجريمة، وكأن البدء والانتهاء بهذا الحدث يهدف لإبقاء الذهن متقداً والحواس متفتحة.
أما الحدث الثانى فيرتبط باستعادة سامح عبد الرحمن حبيبته بعد25عاماً كاملة، واللافت أن هذه العلاقة لا تخلو من ارتباك وتشوُّش، على الرغم من رقتها المتناهية وشجنها. إنها علاقة تبدو الآن بلا مستقبل كما كانت قبل سنوات، على الرغم من تبدل الظروف، فبعد مضى سنوات يتم تأجيل أشياء كثيرة إلى حين العودة للوطن، تلك العودة التى تبدو هى الأخرى حلماً صعب المنال.
ويظهر من خلال هذه الرواية حرص الكاتب على رصد مراحل بناء المجتمع العربى سواء الواقعى أو المتخيل فى بناء مشوّق، يتميز بمراعاة جمالية اللغة، مثلما فعل "عراق" فى روايته الأولى "أزمنة الغبار" التى صدرت فى عام 2006 عن دار الهلال أيضاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة