جهاد عودة

حسابات المنفعة فى أساسيات الأمن القومى الإيرانى

الإثنين، 02 يونيو 2008 12:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مقدمة :
يعتبر الأمن القومى لأى دولة بمثابة الغلاف الآمن الذى يحمى الدولة ويحافظ على وجودها وكيانها ومصالحها ومواطنيها ضد أى اعتداء خارجى مثل الهجوم المسلح والتدخل الأجنبى فى الشئون الخارجية, والجاسوسية والانقلابات السياسية والإرهاب....... الخ. والأمن القومى يعتبر نتاج عملية ارتباط لكثير من الهيئات الحكومية للدولة مثل وزارة الخارجية ووزارة الداخلية ومجلس الأمن القومى للدولة والمخابرات العامة والقوات المسلحة. ولعل فى بحثنا هذا سوف نتعرض لنموذج يطرح نفسه على الساحة السياسية الدولية ألا وهو الأمن القومى للجمهورية الإسلامية الإيرانية وما يواجهه من مخاطر وتهديدات, فإيران هى دولة كبيرة ولها مكانتها الهامة فى منطقة الشرق الأوسط فهى تقع غرب القارة الأسيوية ويحدها من الشمال اذريبجان والتركمانستان ومن الجنوب قطر والإمارات العربية المتحدة وعمان ومن الشرق أفغانستان ومن الغرب العراق وهى حدود غير آمنة وغير مستقرة.
وسوف نتعرض فى هذا المقال إلى النقاط الآتية بشيء من التفصيل:
1.مصادر الأمن القومى الإيرانى.
2.مصادر الخطر والتهديد للأمن القومى الإيرانى.
3.حسابات المنفعة لدى الأمن القومى الإيرانى.

أولا:مصادر الأمن القومى الإيرانى.
لعل من أبرز مصادر الأمن القومى الإيرانى هو مجلس الأمن القومى وهو يشمل عدد كبير من الحقائب التى ترتبط ارتباطا وثيقا مع بعضها البعض لتكوين الأمن القومى الإيرانى وهى وزارة الخارجية ووزارة الداخلية والاستخبارات العامة الإيرانية والقوات المسلحة ووزارة الدفاع......الخ ، ولعلنا نتعرض الآن إلى مجلس الأمن القومى الإيرانى حيث انه أهم مصادر الأمن القومى الإيرانى. ويتكون هذا المجلس من ثلاث عشرة عضوا منقسمين إلى قسمين هما التيار الإصلاحى والتيار المحافظ.

ويرأس المجلس الرئيس الإيرانى" محمد خاتمي" ، و"حسن روحانى" وهو السكرتير العام للمجلس وممثل المرشد الأعلى فى المجلس، و"رحيم صفوى"وهو قائد قوات الحرس الثورى، و"مهدى كروبى"وهو رئيس البرلمان، و"عبد الواحد موسوى لارى" وهو وزير الداخلية، و"كمال خرازى" وهو وزير الخارجية ووزير الاستخبارات العامة "على يونس" وهم من التيار الإصلاحى.

أما من التيار المحافظ فيكون مرشد الثورة "على خامنئى"وهو الذى يصادق على مقررات المجلس الأعلى للأمن القومى وفقا للدستور الإيرانى،ووزير الدفاع "على شمخانى"و"اية الله شاهر ودى" رئيس السلطة القضائية ورئيس الأركان المشتركة للجيش وقائده ورئيس أركان قوات الحرس الثورى و"محمد محمد جواد لاريجانى"وهو الممثل الثانى للمرشدو"حسين موسويان" وهورئيس لجنة السياسة الخارجية فى المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى (1).

ثانيا:مصادر التهديد والخطر للأمن القومى الإيرانى.
يواجه الأمن القومى الإيرانى كثير من المخاطر فهى مهددة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل وبعض الدول الأخرى كباكستان والهند نظراً لكونهما قوتين نوويتين، ولكن أبرز التهديدات وأهمها هى ناتجة من واشنطن وتل أبيب وسوف نتعرض لهما وهم كالتالى :
أولاً الولايات المتحدة الأمريكية كمصدر تهديد :
لعلنا إذا نظرنا إلى الموقع الجغرافى لإيران نلاحظ أنها محاطة بقوى إما غير موثوق بها" كباكستان وروسيا " أو متحالفة كلية مع الولايات المتحدة الأمريكية "كاذريبيجان وتركيا وأفغانستان"ولاسيما الوجود الأمريكى على الحدود الإيرانية فى العراق وأفغانستان.
كذلك الوجود العسكرى الأمريكى فى منطقة أسيا الوسطى والقوقاز أى فى دول هى بمثابة المحيط الاسراتيجى الحيوى لإيران.

ومما يزيد من التهديد الأمريكى هو وجود أطراف أخرى داخل الولايات المتحدة الأمريكية تتخذ مواقف معادية ضد إيران سواء فى شكل تصريحات مستفزة للرئيس الأمريكى "جورج بوش أو لوزير الدفاع "دونالد رامسفيلد" او موقف الكونجرس الامريكى، والمثال الواضح على ذلك هو إعلان 150 عضوا من أعضاء الكونجرس البالغ عددهم 432 تاييدهم لمنظمة" مجاهدى خلق"ووصفهم إياها بأنها حركة مقاومة شرعية ويجب أن يرفع اسمها من قائمة الإدارة الأمريكية المتعلقة بالتنظيمات الإرهابية وهذه الجماعة هى جماعة معارضة إيرانية وصفها الرئيسان"بوش"و"كلينتون"قبل ذلك بأنها تنظيم ارهابى(2).

أضف إلى ذلك الوجود الأمريكى فى العراق لتصبح واشنطن بذلك احدى دول الجوار الجغرافى لطهران مما يسهل عليها القيام باعمال عدائية فى مواجهة النظام الاسلامى الإيرانى وهذه الاعمال تبدا من اثارة المعارضة والقلاقل الداخلية بهدف التحرش بالنظام وتنتهى بعملية عسكرية تقودها الولايات المتحدة لإسقاط النظام السياسى الإسلامى الإيرانى وهذا الأمر ليس مستبعدا فى ظل سيطرة المحافظين الجدد على السلطة فى واشنطن ومحاولتهم فرض رغبتهم العدائية فى تنفيذ سياستهم الدولية(3). بالإضافة أيضا إلى احتلال قضية الإرهاب مساحة كبيرة من حالات الشد والجذب التى ميزت العلاقات بين واشنطن وطهران بل وازدادت حدتها بعد أحداث 11 سبتمبر2001 والحرب الأمريكية على أفغانستان.

وتم اتهام إيران بدعمها لتنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن وإيوائها لبعض قادته.
وذلك بالإضافة إلى موضوعات أخرى عالقة بين واشنطن وطهران تعتبر من الموضوعات الثانوية ومن أبرز هذه الموضوعات هى انتهاك حقوق الإنسان فى إيران وجوانب أخرى مثل مسألة وضع الأرصدة الإيرانية المجمدة لدى واشنطن(4).

كل هذا يدل على مدى التهديد الأمريكى لإيران بالإضافة إلى أن واشنطن أدرجت إيران ضمن لائحة محور الشر بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وذلك لمساندتها لتنظيم القاعدة وحزب الله اللبنانى وتنظيمات إرهابية أخرى.

ثانيا إسرائيل كمصدر قوى من مصادر التهديد :
اسرائيل هى العدو اللدود لإيران وهى مصدر تهديد ثانى لها فإيران تقوم بدعم المنظمات الفلسطينية بالسلاح وتقوم أيضا بعم حزب الله اللبنانى وتزويده بأحدث الأجهزة العسكرية والسلاح مما يشكل تهديد على أمن سكان الجليل الأعلى ومستعمرات هضبة الجولان، وذلك من خلال نقل صواريخ إيرانية عبر سوريا إلى حزب الله فى جنوب لبنان، فالمساعدات الإيرانية لحزب الله تصل قيمتها سنويا الى مائة مليون دولار, فقد صرح "نواف موسوى" عضو المكتب السياسى لحزب الله - بأن" 2.5 مليون إسرائيلى باتوا فى مدى الصواريخ"، وقبل ذلك بعدة سنوات وبالتحديد فى أثناء عملية عناقيد الغضب التى نفذها الجيش الإسرائيلى فى جنوب لبنان فى إبريل عام 1996 قال زعيم حزب الله الشيخ حسن نصر الله أن السكان فى إسرائيل سيكونون عرضة لصواريخ حزب الله حتى لو رحلت إسرائيل مليونى من سكانها القاطنين فى الشمال إلى مناطق فى الوسط لتتقى هجمات صواريخ حزب الله.

ويرى التقرير أن هذا التصريح يعنى بوضوح أن لدى حزب الله أنواعا من الصواريخ بعيدة المدى والتى حصل عليها من إيران وهى وحدها القادرة على الوصول إلى مناطق أبعد فى وسط وجنوب إسرائيل. وينوه التقرير إلى الحرب التى دارت فى إبريل عام 1996 وكيف تمكن حزب الله من إطلاق 700 صاروخ من نوع كاتيوشا نحو إسرائيل، سقط منها 84 صاروخا فوق منطقة كريات شمونة وأدت هذه الهجمات إلى إصابة 26 شخصا وتدمير منشآت وصلت قيمتها إلى 125 مليون شيكل (5).

هذا بخلاف مساعدتها لتنظيم القاعدة الذى بات مخلوقاً لاستهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية، والمثال على ذلك احداث 11 سبتمبر 2001 بالنسبة للأولى أو الولايات المتحدة الأمريكية.

ولا سيما رفض تل أبيب أن يكون لها منافساً ورادعاً نووياً اقليمياً فى منطقة الشرق الأوسط فهى لا ترغب فى أن يكون هناك توازن للقدرات فى منطقة الشرق الأوسط.
وكل ماسبق يعد دلائل بارزة على أسباب جعل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تستهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية .

حسابات المنفعة لدى الأمن القومى الإيرانى.
من المتعارف علية أن حسابات المنفعة لأى دولة تتمثل فى العناصر التالية (توازن القدرات – توازن المخاطر – إلحاحية الانتباه –الموارد – الأهداف –المعلومات ) .
وسوف استعرض هنا كل عنصر من هذة العناصر بالتفصيل لبيان كيفية حساب المنفعة للأمن القومى الإيرانى وهى كالتالى :

◄توازن المخاطر
فبعد ضم واشنطن لطهران إلى دول محور الشر وسقوط نظام صدام حسين وتربع الولايات المتحدة فى العراق, توقعت دوائر متعددة أن تكون طهران هدفاً تالياً لواشنطن بعد بغداد ولذلك قامت طهران بمراجعة حساباتها وأيقنت أنه لابد أن تحتمى بشبكة جيدة من العلاقات الإقليمية وخاصة العربية حتى تستطيع تفويت الفرصة على الولايات المتحدة من النيل منها( 6).

وعل هذا الأساس حاولت طهران العودة إلى إيجابية أكثر فى علاقاتها الإقليمية والمثال على ذلك ما يلى:
فلقد استطاعت إيران إعادة علاقاتها مع سوريا وذلك من خلال انفتاحها على دمشق وتطور علاقاتهما معاً فى مجالات مختلفة( 7). فقد أعلنت وكالة فرانس برس فى 11/9/2004 أنه تم وضع حجر الأساس لإنتاج السيارات فى سوريا بتمويل إيرانى.
وذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن"محمد غسان طيارة" وزير الصناعة السورى و" إسحق جيها"وزير الصناعة والمناجم الإيرانى قاما بوضع حجر الأساس لأول معمل للسيارات فى سوريا من نوع سيامكو فى منطقة عذرا (30 كم شرق العاصمة دمشق) وبتمويل إيرانى وذلك بتكلفة 200 مليون دولار، وأضاف المصدر نفسه أن إيران ستقيم المعمل وتقدم الأجهزة كما ستدرب 300 مهندس وفنى وعامل من السوريين والإيرانيين للعمل فى المعمل.

وعبر الوزير السورى عن ذلك بأنه "اعتبر أن احدى اللبنات الأساسية فى تطوير العلاقات الصناعية والاقتصادية بين سوريا وإيران كما أنه سيحد من استيراد السيارات ويؤمن فرص عمل مناسبة ويفتح أبوابا وآفاقاً جديدة أمام القطاعين العام والخاص لإقامة صناعات جديدة وهذا يدل عل مدى بس الروح فى العلاقات الاقتصادية السورية والإيرانية(8). كما أنه فى خلال الأسابيع السابقة كان هناك أسبوع ثقافى سورى إيرانى تم فى العاصمة السورية دمشق مما يوضح مدى التقارب والتجاذب الذى حدث بين الطرفين فى الأيام الحالية وليس هذا فقط بل إن إيران استطاعت أيضاً أن تحيى التعاون بينها وبين السعودية وغالبية الدول الخليجية لتنقية الأجواء وإعادة المسار الطبيعى للعلاقات بين الأطراف(9).

أما مصر فلقد تم إعادة العلاقات المصرية الإيرانية بعد غياب دام حوالى 25 عاماً من الانقطاع وذلك منذ عام 1979 ولقد تم عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعى عقب لقاء الرئيس المصرى "محمد حسنى مبارك" بالرئيس الإيرانى "محمد خاتمى" فى جنيف فى ديسمبر الماضى فى أول لقاء قمة مصرى إيرانى منذ 25 عاما من القطيعة(10). أما الجزائر فلقد قام الرئيس الإيرانى "محمد خاتمى" بحشد الموقف العربى بزيارة الجزائر فهى الزيارة الأولى من نوعها بعد عشر سنوات من الجفاء وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على طيلة 6 سنوات.

وهذا اللقاء دشن مرحلة جديدة فى مسار العلاقات بين الجزائر وإيران والتى ترسخت بعودة التمثيل الدبلوماسى المتبادل وزيارة الرئيس الجزائرى"عبد العزيز بوتفليقة" إلى إيران خلال العام الحالى إلى جانب تبادل الزيارات والبعثات الرسمية وكذلك تم توقيع عدة اتفاقيات تعاون فى المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية(11).

وكل ما سبق يدل على رغبة ومدى الانفتاح الإيرانى لحشد الموقف العربى حولها ودعمها فى الظروف العصيبة التى تمر بها طهران من جراء ملفها النووى وتوتر علاقتها مع واشنطن والإتحاد الأوروبى.

وبذلك نلاحظ ان إيران ترغب فى توازن المخاطر بالتوازن فى المخاطر بينها وبين الدول العربية وذلك لتجنب التهديدات الأمريكية برفع ملفها النووى إلى مجلس الأمن الدولى وتجنب ضرب إسرائيل لمفاعلها النووى الشهير فى "بوشهر" وكل هذا حماية لأمنها القومى.

◄توازن القدرات.
فكما سبق وأن ذكرنا بأن المحيط الإستراتيجى الحيوى لطهران يثير الكثير من القلق والمشاكل وذلك لأنها محاطة بجارتين نوويتين هما باكستان والهند بالإضافة إلى كوريا الشمالية وروسيا, لاسيما الوجود الأمريكى فى العراق على الحدود الإيرانية وعدوها اللدود الذى يملك ترسانة نووية كبيرة يستطيع من خلالها النيل من طهران ألا وهى إسرائيل.
فلقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية متمركزة فى العراق بصفة أساسية ورسمية وبالتالى هى جارة لإيران.

أما إسرائيل فهى جارتها التى تعمل لها طهران ألف حساب منذ قيامها.
وبالتالى قامت طهران بالاتفاق مع موسكو فى يناير عام 1994 على قيام روسيا ببناء محطة نووية فى منطقة إيرانية تدعى بوشهر فى جنوب غرب إيران بعد أن سحبت شركة "سيمنس" الألمانية مشروعها القديم بالتعاون النووى مع إيران بسبب ضغوط الولايات المتحدة عليها ووصلت قيمة العقد بين روسيا وإيران إلى 800 مليون دولار.

وبموجب هذا العقد تقوم روسيا ببناء مفاعلين نوويين فى محطة بوشهر.
وقد قامت إيران بشراء مفاعل روسى آخر من نوع (فى 213 فى فى آى آر 440) ومفاعل آخر كبير أى مجموع خمسة مفاعلات كبيرة لتصل طاقتها إلى 1300 ميجاوات.
وفى عام 2001 تم توقيع اتفاق جديد بين روسيا وإيران بهدف بناء المزيد من محطات الطاقة النووية فى إيران, لا سيما بعد ذلك ازدادت الاتهامات الأمريكية والإسرائيلية بأن إيران تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل(12).

هذا ولقد نشرت صحيفة "الحياة" فى 7/10/2004 بأن إيران تختبر نسخة معدلة من صاروخ"شهاب ـ 3" بحضور مراقبين حيث أعلن وزير الدفاع الإيرانى"على شمخانى" بأن إيران قامت بتجربة جديدة لصاروخ شهاب ـ3 الذى يبلغ مداه 2000 كم.
وأوضح شمخانى" قبل دقائق قليلة قمنا بتجربة جديدة لصاروخ شهاب ـ3 بحضور مراقبين".
وقد قال "ناصر ملكى"المدير المساعد لمنظمة الصناعات الجوية فى السابع من أكتوبر"بأن مدى صاروخ شهاب ـ3 يبلغ 2000 كم وبالتأكيد سنحسن مدى صواريخ شهاب ـ3 وصواريخنا الأخرى أيضاً" .

وهذا الصاروخ هو صاروخ مأخوذ عن نموذج لصاروخ كورى شمالى يمكنه أن يطال إسرائيل (13).
هذا ولقد قامت طهران ببناء محطتين نوويتين محاطة بجدران اسمنتية سميكة تحت الارض فى منطقتى"اراك و ناتانز" وذلك من أجل إنتاج يورانيوم عالى التخصيب ومساعدتها فى صنع الأسلحة النووية(14).

وفى الفترة الأخيرة نشطت التحليلات والأبحاث الغربية لتؤكد أن النشاط الإيرانى فى تزايد مستمر فى مجال التسلح، ولقد أعلنت القوات المسلحة الإيرانية فى مطلع يناير 2003 عن إنتاج وطرح عدد متنوع من الوحدات البحرية لصناعات الدفاع عن خطوط إنتاج جديدة تشمل صاروخا بحريا بمدى 200كم (نور) كما تم التنويه عن أن حاملة الصواريخ (سيناـ1) سيجرى طرحها فى مارس 2003 وكذلك سيتم طرح المدمرة (موج) بعد ذلك فى وقت لم يتم تحديده، وخلال الأسبوع الأول من العام الماضى.

أعلن وزير الدفاع والقوات المسلحة الإيرانى عن إنتاج الهليوكوبتر الحاملة السابعة من نوعها كمقدمة للإنتاج الكبير منها وأيضاً تم تصميم طائرة الهليوكوبتر المتعددة الأغراض الخاصة بإمدادات الجسور الجوية وقوات المظلات ، ولقد تم الإعلان رسميا عن الانتهاء من تصميم أربع طائرات هليوكوبتر لم يتم تسميتها تعد ذات قدرات عسكرية ومدنية.

ولقد خصص البرلمان الإيرانى ميزانية مقدارها 170 مليار دولار وهى تمثل الأولوية المعطاة لأغراض تنمية وتعزيز القدرات العسكرية ودعم الصناعات العسكرية الإيرانية(15).
هذا ونلاحظ أن طهران مخصصة ميزانية كبيرة للغاية من أمنها القومى مما يدل على رغبتها فى أن تكون قوة نووية فى منطقة الشرق الأوسط رادعة لأى قوة أخرى تفكر فى اختراقها.
وبالتالى فهى ترغب فى عمل توازن للقدرات بينها وبين إسرائيل والولايات المتحدة خاصة بينها وبين تل ابيب وواشنطن وإسلام اباد ونيودلهى وبيونجيانج.

◄الموارد
للموارد أهمية كبيرة بالنسبة للأمن القومى الإيرانى حيث أنها هى الممول الرئيسى له, وتتعدد هذه الموارد فمنها ما يلى:
1.بناء الترسانة النووية الإيرانية.
وهى أهم موارد الأمن القومى الإيرانى لعدة أسباب لعل أهمها هو الردع الدولى حيث إن إيران بقدراتها النووية تستطيع أن تغض بصر أى قوة ترغب فى اختراقها سواء سياسياً أو عسكرياً ولعل من أهم السيناريوهات التى قيلت، قيل على لسان وزير الخارجية الإسرائيلى "سيلفان شالوم" فى لقائه مع صحيفة روسية فى 5 يونيو بأن إيران سوف تمتلك أسلحة دمار شامل بحلول عام 2006(16).

ومن جهة ثانية تعتبر القدرات النووية الإيرانية هى مصدر للطاقة الكهربائية حيث كرر المسئولون الإيرانيون مجددا تأكيداتهم على أنه ليست هناك أغراض عسكرية من وراء البرنامج النووى الإيرانى بل إن موقع نانتز يستخدم فى مفاعلات توليد الطاقة النووية فى بوشهر وذلك من أجل تحقيق الوفرة فى الثروة النفطية الإيرانية بدلاً من بيع البترول إلى الدول الأجنبية ثم تقوم إيران بعد ذلك بشراء الوقود من هذه الدول بمبالغ طائلة لاستخدامه للمحطات النووية, ففضلت إيران انتاج الوقود محليا( 17).

وبالتالى تصبح إيران بذلك لديها القدرة على توليد الطاقة المدنية وإنتاج الوقود وتخصيب اليورانيوم محلياً بدلاً من استيراده من الخارج بتكاليف طائلة. ومن هنا يتضح أن الردع النووى هو بمثابة الدعامة الأساسية للأمن القومى الإيرانى.

2.دعم إيران للشيعة العراقيين:
فكما سبق وأن ذكرنا أن إيران تقوم بدعم شيعة العراق وذلك لأهداف أمنية قومية ودينية وعرقية حيث أن العراق من دول الجوار الغرافى لإيران وبالتالى فإنها يصبح لها عيون داخل الإدارة العراقية, تستطيع من خلالها التأثير على القوى السياسية داخل العراق وبالتالى تأمين حدودها المشتركة مع العراق، ومن هنا يصبح دعم الشيعة بمثابة مورد أمنى قومى إيرانى ضد الولايات المتحدة.

3.مساندة طهران لحزب الله اللبنانى:
حيث أن دعمها له ضد اسرائيل بكافة أنواع السلاح يعتبر بمثابة مورد حماية لها خارجى .
4.حماية الشيعة الأفغان:
فإيران تقوم بحماية الشيعة الأفغان لتأمين مصالحها فى المنطقة.

◄الأهداف:
تتعدد الأهداف الاستراتيجية التى تجعل طهران تملك كل هذا الاهتمام بأمنها القومى ولعل من أهم هذه الاهداف وأبرزها هو الردع الدولى النووى.
فإيران تريد حماية أمنها القومى من الوجود الأمريكى فى العراق وفى منطقة أسيا الوسطى والقوقاز هذا من جهة.
ومن جهة ثانية تحمى نفسها من إسرائيل .

ومن جهة أخرى فإنه هناك عوامل كثيرة اقتصادية وجيوغرافية ودينية وعرقية وتاريخية تجعل إيران تهتم بإقليم الخليج العربى وأقاليم أخرى فى القوقاز وفى الشرق الأوسط والمحيط الهندى مما يجعلها معنية بقضية تهديد مصالحها وأمنها القومى(18).

◄إلحاحية الانتباه:
لقد كان امتلاك إيران للقدرة النووية حلم يساور الشعب الإيرانى منذ تولى"محمد رضا بهلوى" للحكم ومع العلاقات الودية التى أقامها مع واشنطن والدور الذى ارتاده كشرطى للمنطقة أمام الاتحاد السوفيتى ونفوذه خلال الحرب الباردة لم يكن هناك على الساحة السياسية الدولية من يعترض على امتلاك إيران للسلاح النووى مع وجود الثروة النفطية كممول أساسى لهذا المشروع .

وبالفعل بدأ الشاه بموافقة أمريكية وتأييد شعبى حيث استطاع أن يعزف على أوتار عقائدية وقومية للإيرانيين، فالطاقة النووية تمثل الوجدان الإيرانى لأنها تعادل الأمن القومى الإيرانى فلم ينظر الإيرانيون على ما سينفقه الشاه على هذا المشروع نفس نظرتهم للاحتفال بمرور الفين وخمسمائة عام على تأسيس الإمبراطورية الفارسية، ثم جاءت بعد ذلك الثورة الإسلامية عام 1979 وسقوط الشاه ومن بعدها الحرب العراقية الإيرانية وأوقفت المشروع حتى حلول التسعينات وبدأت إيران من جديد فى مواصلة المشروع وذلك برغبة شعبية لتامين الإمبراطورية الإسلامية الإيرانية(19).

◄خاتمة:
يمكن القول إن بؤرة الصراع الساخنة فى مرحلة ما بعد العراق وما بعد إعادة انتخاب بوش والتجديد له لفترة جديدة ستكون على محور واشنطن ـ طهران، وهو صراع سيكون مريراً ومزعجاً لكلا الطرفين، ولا يمكن حسمه بسهولة، ولا يعنى ذلك أن حرباً وشيكة ستقع، بل ربما كانت الحرب هى الاحتمال الأبعد لتجسيد ذلك الصراع، فى ضوء التداعيات الكبيرة لحرب العراق والتى كان لها أثرها إقليمياً ودولياً فضلاً عن تأثيرها على الولايات المتحدة ذاتها، ويؤكد على ذلك بعض المراقبين الذين يرون أن أمريكا لا تريد الدخول فى حرب من أجل إسقاط النظام الإيرانى عسكرياً ولا تريد تغيير الخارطة الجغرافية لإيران أو تغيير التوازن القائم فى المنطقة أو فى الجمهورية الإسلامية ذاتها خوفًا من حدوث تغييرات جذرية تخل بالنسيج الاجتماعى وبالعلاقات الاقتصادية القائمة فى المجتمع الإيرانى، والتى تتماشى مع المصالح الأمريكية والغربية بشكل عام .

ومن المرجح أن كل ما تريده الولايات المتحدة هو إحداث تغيير فى النظام السياسى والعلاقات الفوقوية بين السلطة والشارع الإيرانى والشعوب المضطهدة من خلال عزله خارجيا و داخليا وتقوية التيارات الإيرانية القومية الليبرالية المتماشية مع سياساتها والظهور بمظهر عصرى يتماشى مع طموحات المرحلة الحالية للسياسة الأمريكية التوسعية تحت شعار نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان ولإقناع الناخب الأمريكى بأن الإدارة الأمريكية الحالية تقف إلى جانب الشعوب ونضالها من أجل التحرر ومن أجل تغيير الأنظمة المرفوضة شعبيًا .

◄المراجع:
◄المفاهيم المستخدمة فى هذا البحث مذكورة فى د.جهاد عودة، ادارة الصراع الدولى: تمهيد نظرى وتطبيق على مصر (دار المحروسة، القاهرة 2001 )
1ـ دعوة لإعلان حالة الطوارئ فى إيران.
2ـ هند مصطفى على ،"إيران والسعى الحثيث لتطوير القدرات العسكرية"،مختارات إيرانية.مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية،العدد 32 مارس 2003، المجلد الرابع 2003.
3ـ خالد السرجانى،"إيران وشيعة العراق:التحالف ام الخوف على الدور؟"،رؤى عربية مختارات إيرانية.مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد47 يونيو 2004،المجلد الخامس 2004.
4ـ سامح راشد، "طهران وواشنطن:قضايا قديمة"،مختارات إيرانية،مرجع سبق ذكره، العدد48 يونيو 2004،المجلد الخامس 2004.
5ـ سعيد عكاشة ،"الصحافة الإسرائيلية والحملة على إيران وحزب الله"،المرجع السابق، العدد 30 يناير 2003 المجلد الرابع 2003.
6ـ محمد سعد أبوعامود،" الإدارة الإيرانية لأزمة الملف النووى الإيراني: رؤية مصرية"،المرجع السابق ،العدد42 يناير 2004، المجلد الخامس 2004.
7ـ محمد أبوالفضل،" مكاسب وخسائر إيران من التوتر الإقليمى"، المرجع السابق،العدد47 يونيو 2004،المجلد الخامس 2004.
8_ http://www.aawsat.com/afp/economie/p041028090911.haxp0ow8_0_visu2.html
9ـ محمد ابو الفضل ، مرجع سبق ذكره.
10ـ مبعوث إيرانى إلى القاهرة لدعوة مصرلحضور "قمة الثمانى "الاسلامية،جريدة الشرق الاوسط اللندنية،العدد8 فبراير 2004.
11-
12_ http://www.alarabonline.org/index.asp?fname=\2004\10\10-04\975.httm0
12ـ أحمد إبراهيم محمود ،"الأزمة النووية الجديدة بين إيران والولايات المتحدة"،مختارات إيرانية، مرجع سابق، العدد30 يناير 2003، المجلد الرابع 2003.
13ـ إيران تختبر نسخة معدلة من "شهاب -3" بحضور مراقبين،صحيفة دار الحياة، العدد7/10/2004.
14ـ أحمد إبراهيم محمود، "هل يكون الملف النووى سببا لحرب بين إيران والو لايات المتحدة..؟ "،مختارات إيرانية ،مرجع سبق ذكره، العدد35 يونيو 2003، المجلد الرابع 2003.
15ـ هند مصطفى على ، مرجع سبق ذكره.
16ـ ابراهيم غالى، "إسرائيل ومواجهة الخطر النووى الإيراني"،مختارات اسرائيلية، العدد110 فبراير 2004
17ـ احمد ابراهيم محمود ،مرجع سبق ذكره.
18ـ هند مصطفى على ،مرجع سبق ذكره.
19ـ محمد السعيد عبد المؤمن، "إيران ومشكلاتها النووية"،مختارات إيرانية، مرجع سبق ذكره، العدد37 1غسطس 2003، المجلد الرابع 2003.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة