مصر بلد فقيرة غنية جداً ..آه يابلدى

تثبت التقارير والمقاييس والمؤشرات العالمية، أن مصر من الدول الفقيرة وهذا هو الواقع، لكن الغريب أن تكتشف فجأة واقعاً آخر مغايراً للواقع المعروف.

فتحت عينى على هذا الواقع من خلال موقف تعرضت له منذ أيام فى قرية وادى الريان التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، عندما وجدت عمالاً يقومون بعمليات حفر على الطريق فسألتهم ماذا تفعلون؟ وكانت الإجابة أنهم يقومون بعملية إحلال وتجديد لشبكة مياه الشرب بالقرية، وبعد أيام توقف الحفر فجأة، وأخبرنى موظف بالوحدة المحلية بالقرية أن المسئولين اكتشفوا بعد عدة أيام من الحفر، أنهم قاموا بعملية إحلال وتجديد لشبكة المياه منذ شهرين تقريباً، ولكنهم نسوا، وعندما ذكرهم أهالى القرية توقفوا عن الحفر وانتقلوا لمكان آخر.

كم مرة فى العام يحدث هذا الخطأ؟ وكم تكلفة هذه الأخطاء من إجمالى الميزانيات المقررة لتجديد البنية الأساسية؟

كانت الاعتمادات المخصصة لقطاع مياه الشرب فى الفيوم العام الماضى، 17مليوناً و36ألف جنيه، فكم من هذا المبلغ يقع تحت بند الخطأ كما ذكرنا؟ بالتأكيد مبلغ ضخم، والمواطنون بالفيوم يتساءلون منذ سنوات عن أسباب رداءة مياه الشرب، رغم الاعتمادات المقررة لها.

يمثل خط وادى الريان مثالاً واضحاً لتكرار الأخطاء، فرغم إحلال وتجديد شبكة مياه الشرب بالخط نفسه أكثر من ثلاث مرات فى نفس العام، حتى يمكن توصيل المياه من محطة العزب إلى القرى على الخط، لم تصل المياه حتى الآن لهذه القرى طبعاً، والله يكون فى عون المسئولين، أكيد بينسوا كتير، وليس لديهم الوقت الكافى ليتذكروا هذه الأشياء البسيطة.

ترى لو طبقنا هذا المثال على استثمارات الخطة الموحدة، التى تتضمن الكهرباء ورصف الطرق والكبارى ومياه الشرب والصرف الصحى وتغطية الترع والمرور وخدمات تنمية المرأة والطفل والإطفاء، ماذا تكون النتائج.

كانت الاعتمادات المقدمة لإدارة التخطيط فى عام 2007، 99مليوناً و166ألف جنيه لتقديم الخدمات على جميع المستويات، ووزعت بواقع 6ملايين جنيه للكهرباء، رغم وجود مناطق وقرى تعانى من انقطاع التيار الكهربائى باستمرار وضعف الكهرباء ليلاً، و38مليون جنيه لرصف الطرق، على الرغم من أن الطرق الرئيسية مثل الطريق بين مركز الفيوم والمناطق التابعة له سيئة جداً وطرق مركز أبشواى، وتخصيص 17 مليوناً و36 ألف جنيه لمياه الشرب على الرغم من أن هناك مناطق بمركز يوسف الصديق، أثبتت التحاليل أن مياه الشرب بها لا تصلح للاستخدام الآدمى وتسبب أمراضاً، وتخصيص18 مليون جنيه للصرف الصحى على الرغم من وجود مناطق وقرى كثيرة فى جميع مراكز الفيوم على خريطة تنفيذ الصرف الصحى منذ سنوات، لكن الخطة لو تنفذ، وتخصيص 11مليوناً و75 ألف جنيه لتغطية الترع والمصارف، وتخصيص 3ملايين جنيه للأمن والإطفاء ومليوناً و80ألف جنيه للمرأة والطفل ومليوناً ونصف المليون جنيه منحة مجموعة النتائج، وتم تقديم إقرار فى نهاية العام بأن الخطة نفذت بنسبة 103%.

لكن إذا خصصنا بنداً للأخطاء، كم سيكون المبلغ من كل قطاع؟ ولو طبقنا هذا البند على كل المحافظات داخل مصر، بالتأكيد سترتفع النسبة، وسنكتشف بعدها أننا على الرغم من فقر مصر أغنياء بالنظر للمبالغ المقررة تحت بند الخطأ، ولو وفرنا هذه المبالغ تتحول بلدنا من دولة فقيرة إلى أخرى غنية جداً.