دعوة الأسد لزيارة باريس تثير جدلاً واسعاً

الأربعاء، 18 يونيو 2008 02:35 م
دعوة الأسد لزيارة باريس تثير جدلاً واسعاً
إعداد ديرا موريس عن مجموعة من الصحف الفرنسية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا تسعى فرنسا بإصرار لاستعادة علاقاتها مع النظام السورى، رغم التعارض، على صعيد جميع القضايا الشرق أوسطية، بين سياسة كل من باريس ودمشق، والتى تأثرت العلاقات بينهما تدريجياً منذ وصول بشار الأسد للحكم فى عام 2000؟، هذا هو السؤال الذى طرحته جريدة لوموند الفرنسية، مشيرة إلى عدد من أوجه الاختلافات بين سياسة كل من البلدين: ففى الوقت الذى تساند فيه سوريا المعارضة فى لبنان، بدءاً من حزب الله، لا تبخل الدبلوماسية الفرنسية بمساندتها للأغلبية.
فى حين تستمر فرنسا فى الرهان على السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، تأوى دمشق رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، خالد مشعل. وأخيراً، إذا كانت إيران هى الحليفة الأولى للنظام السورى فى المنطقة، فإن باريس إلى جانب لندن وبرلين وواشنطن، لا تكف عن الضغط على طهران لكى توقف برنامجها النووى.

على الرغم من كل تلك الاتجاهات السياسية المختلفة بين البلدين، يبدو أن الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى بدأ فى تطبيق سياسة أكثر مرونة تجاه سوريا، سواء فيما يتعلق بلبنان، وذلك فى أعقاب توقيع اتفاق الدوحة بين الأغلبية والمعارضة اللبنانية، أو فيما يتعلق بالعلاقات السورية مع إسرائيل، كما تعكسها الاتصالات بين هذه الأخيرة ودمشق بواسطة تركيا.
من أهم مظاهر التحول فى السياسة الفرنسية تجاه سوريا، هى دعوة الرئيس السورى، إلى جانب 50 رئيس دولة آخرين، للمشاركة فى قمة يوم 13 يوليو فى باريس بشأن الاتحاد من أجل المتوسط، ثم حضور العرض العسكرى بمناسبة الاحتفال بذكرى عيد الثورة الفرنسية فى 14 الذى يقام فى اليوم التالى، وقد أثارت هذه الدعوة انتقادات كثيرة فى الصحافة الفرنسية.
فقد نشرت جريدة ليبراسيون مقالاً تحت عنوان "الديكتاتور السورى بشار الأسد، ضيف رسمى فى احتفالات 14 يوليو". ذكر المقال كيف تمثل دعوة الرئيس ساركوزى لنظيره السورى مفاجأة حقيقية، حيث كان بشار الأسد لا يزال يعامل منذ عدة أسابيع فقط "كمنبوذ" داخل المجتمع الدولى، وكذلك العالم العربى، نتيجة احتمال تورط النظام السورى فى اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى السابق رفيق الحريرى، وكيف وصف الزعيم الدرزى وليد جمبلاط هذه الدعوة بأنها "عار على الشعب الفرنسى". وقد أشارت الجريدة كذلك إلى الصحفيين والمثقفين الذين ألقى بهم النظام السورى فى السجون لدفاعهم عن حرية التعبير، حتى أن منظمة "مراسلين بلا حدود" وصفت دمشق بأنها "عاصمة الردع". فضلاً عن ذلك، وصفت الجريدة دعوة بشار الأسد بأنها "صدمة لعدد من الدبلوماسيين الفرنسيين الذين لا يزالون يذكرون مقتل السفير الفرنسى لويس ديلامار، الذى وجه الاتهام فيه إلى دمشق. بالتأكيد لم يكن بشار الأسد وقتها فى الحكم، ولكن سياسة النظام السورى لم تتغير منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد وحتى الآن".

من جانبها، أكدت جريدة لوفيجارو، نقلاً عن الرئاسة الفرنسية، أن الرئيس السورى "ليس بأية حال من الأحوال ضيف شرف تلك الاحتفالات"، وأن ضيف الشرف هو الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، مشيرة إلى أن دعوة بشار الأسد تثير جدلاً واسعاً فى فرنسا، وأن الأوساط السياسية الفرنسية "لا ترحب بحماس بهذه الدعوة". فقد أكد الحزب الاشتراكى أن مشاركة الأسد فى قمة الاتحاد من أجل المتوسط يوم 13 يوليو "أمر جيد"، ولكنه وصف مشاركته فى الاحتفالات فى اليوم التالى "أمر يفتقر إلى الحكمة". أما فرنسوا بايرو، رئيس حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية، فقد دعا "إلى التفكير بتأنى قبل دعوة الرئيس السورى".

وقد خلصت معظم الآراء إلى أنه قبل عدة أسابيع من إطلاق مشروع الاتحاد من أجل المتوسط بباريس فى 13 يوليو، تعتقد فرنسا أنه لا ضرر من التخفيف من حدة العلاقات بين البلدين، وإضفاء بعض الدفء عليها، وذلك داخل إطار لم تظهر ملامحه بالتحديد بعد. أما على الجانب السورى، ترى دمشق أن الاستفادة من هذا التقارب المحتمل مع فرنسا من شأنه مساعدتها على الخروج من العزلة الدبلوماسية التى تعانى منها.

إلا أن لهذه الحسابات حدوداً كما ترى جريدة لوموند: فهل يعتبر النظام السورى أن علاقته مع فرنسا تمثل هدفاً فى حد ذاته؟ أم هل تعتبرها فرصة للإصلاح من علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية التى فرضت ضدها عقوبات فى 2004، وهى الوحيدة القادرة على إعطاء سوريا الضمانات اللازمة لتأمين وجودها؟ إذا كانت سوريا قد أجرت هذه الحسابات، عليها إذا انتظار الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية، مما يعنى أن التقارب المحتمل بينها وبين فرنسا قد لا يعطى ثماره على الفور".

لمعلوماتك..
ولد بشار حافظ الأسد فى11 سبتمبر 1965.
تخرج طبيب عيون من جامعة دمشق فى 1988، ودرس لفترة قصيرة فى لندن، ثم عاد عام 1994 بعد وفاة أخيه باسل الأسد فى حادث سيارة بدمشق.
تولى رئاسة الجمهورية العربية السورية فى عام 2000 بعد وفاة أبيه حافظ الأسد إثر استفتاء عام.
حدث انفراج فى بداية عهده فى مجال الحريات وسميت تلك الفترة الوجيزة ربيع دمشق، والتى شهدت ظهور العديد من المنتديات السياسية والانفتاح على الصعيد الاقتصادى فى البلاد، ولكن ما لبث أن شهدت سوريا اختناقات بعد غزو العراق واغتيال رفيق الحريرى والحصار الأمريكى على سوريا، حيث عادت الحالة الاقتصادية إلى ما كانت عليه أيام والده الرئيس حافظ الأسد.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة