شيء جميل أن تتحول أحلام الإنسان لحقيقة، خاصة إن كان بذل مجهودا لتحقيق هذا الحلم. بل أجمل من ذلك أن تستشعر من داخلك أنك تجنى ثمار جهودك وتتقدم بمسيرتك فى الحياة إلى الأمام. كل هذه المعانى استشعرتها واقعا ملموسا فى تصرفات ومشاعر زملائى من أبناء اليوم السابع، والتى حصلت على الترخيص، فقد وجدت ضحكات اختلطت بدموع الفرحة وحركات امتزجت بآمال تتعلق بغد مشرق فى الانتساب لبلاط صاحبة الجلالة، وشبابا أبى إلا أن يتعلق بأستار القلم، وصحفيات حالمات بتحقيق الذات الصحفية وعودة زمن الصحافة الجميل.
إنها الفرحة بعد الانتظار وبذل الجهد والعرق، إنها الفرحة التى من المؤكد سيعقبها مزيد من العمل الجاد والتجرد الكامل لمهنتنا العظيمة، إنها البداية لطريق وعر لا مكان فيه إلا لصحفى مهنى يسعى لتأدية الأمانة التى فرضها عليه الوطن وصاحبة الجلالة. ولقد فرض على قرار إصدار الصحف الجديدة، الذى تأخر كثيرا، مجموعة من الأسئلة، على رأسها إذا كان إسعاد الناس وفتح أبواب العمل متوقفا على قرار حكومى من جهة ما وتوقيع قلم لمسئول ما، فلما التأخر ولما الروتين القاتل ولما البيروقراطية الخانقة ولما قتل الأحلام ؟
إن أبناء شعبنا يحلمون أيضا بأحلام بسيطة مرتبطة ارتباطا كاملا بقرار حكومى أو توقيع مسئول.. فهذا شاب يلهث خلف فرصة عمل تفتح له آفاق الاستقرار وتيسر له طريق الزواج، وهذا موظف يأمل أن يزيد راتبه بضع جنيهات يتقى بهم شر الغلاء ويستعين بهم على مطالب الأبناء، وهذا فلاح يحلم بانتظام (نوبة المياه) وخفض أسعار الأسمدة، وهذا طالب يريد مناهج بسيطة تؤهله لسوق العمل وتنقذه من نيران الدروس الخصوصية، وهذه امرأة تحلم برغيف العيش بعد أن رأت العشرات يتهاوون صرعى فى طابور الخبز، وهؤلاء تجار أٌغلقت شركاتهم بسبب الاحتكار والفساد، وهذا سياسى يحلم أن تكون الكلمة الفاصلة لصندوق الانتخاب المطهر من التزوير.
إنها أحلام بسيطة لشعب عظيم لكنها تصطدم بواقع حكومى أبى إلا أن يسقط أحلام المواطن المصرى من حساباته. ومازلنا لم نفقد الأمل فى غد تتضافر فيه كل الجهود من أجل تحقيق الأحلام والخروج من النفق المظلم الذى أشعر الكثير منا بالكآبة. بل مازلنا نحلم بإصلاح حقيقى يجنى منه المواطن المصرى الثمار ويمتزج فيه المسئول بالمواطن والحاكم بالمحكوم لنقيم منظومة حب وطنية ترفع وطننا إلى أعلى عليين، بل مازلنا نحلم بمصر خالية من الفساد وأباطرة الاحتكار وغلاء الأسعار الذى ألهب ظهورنا جميعا. إنها خواطر فجرها فى نفسى قرار إصدار الصحف الجديدة، وعلمنا أن الحلم لابد أن يتغلب على الواقع، بل وسيصنع واقعا جديدا مادام هناك تصميم على تحقيقه، ولذلك "لو بطلنا نحلم نموت".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة