فتحى الشوادفى

الصحافة الضرورة.. وصحافة الأندر وير

الإثنين، 16 يونيو 2008 12:19 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما من مرة تـُجرى الاستعدادات لإصدار صحيفة ما إلا وتتزاحم عشرات الأسئلة على عقل أصحاب التجربة، مصحوبة بأطنان من القلق والتوتر حول مستقبل الصحيفة "الجنين"، ولا يتوقف حتى بعد الوصول إلى مرحلة الصحيفة "الوليد"، وتبدأ قائمة الأسئلة بسؤال نمطى وتقليدى، وهو لماذا نصدر صحيفة؟ وتحدد الإجابة على هذا السؤال وظيفة الصحيفة وبالتالى سياستها التحريرية وجمهورها المستهدف، وقواعد محاسبة طاقم التحرير وبالتالى معايير النجاح أو الفشل.

وبشكل عام فإن إصدار أى صحيفة يستهدف أحد أمرين، وهما وعى القارئ أو جيبه، وفى كل من الحالتين توجد الطرق المشروعة ويوجد الاحتيال، وسواء التزمت بقواعد وأخلاقيات المهنة وطبيعة رسالة الإعلام أو تحولت إلى "متصحفن" أى مدعى صحافة، فلا يمكن أن تضمن نجاح أو فشل الصحيفة لأن النجاح والفشل لهم أسس ومعايير، يمكن أن تتواجد فى الحالتين، ولا تخلو الحالتين أيضا من صعوبة خاصة فى مجتمع مثل المجتمع المصرى المعقد، من حيث وعيه والمفلس تقريبا من ناحية جيبه، كما أن أى إصدار صحفى سواء كان هدفه وعى القارئ أو جيبه، فهو يحتاج لحد أدنى من الانتشار أو التوزيع وهو أمر ليس من السهل تحقيقه فى ظل المنافسة غير المحدودة بين آلاف وسائط الإعلام التى تملأ الساحة العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص.

وبعبارات أخرى نقول إن الصحافة المصرية توجد فى قائمة "كماليات" مجتمع يعانى الكثير لتوفير "الضروريات"، ويـُشترط لكى تنجح الصحيفة أن تصل للقارئ وترضيه وتدفعه إلى نقلها من قائمة "الكماليات" إلى قائمة الضروريات، وهو ما يعنى عند شريحة، كبيرة من المصريين أن يستغنى عن عشرة أرغفة خبز "من أبو بريزة" ليدفع جنيهاً فى ورق جرايد وهى حسبة صعبة، ولكنها ليست بالمستحيلة بدليل نجاح بعض الصحف الجديدة فى فرض نفسها على ميزانية محدودى الدخل وربما معدومى الدخل، فالحسبة تكمن فى مدى اقتناع القارئ بانتماء الصحيفة إليه وانتمائه هو للصحيفة.

وهناك بعض "المتصحفنين" لا يصدر الصحيفة أو المجلة لكى يقرأها الناس، ولكن لأسباب أخرى من أسخفها و أحقرها ما عايشته بنفسى فى أحد المجلات، حيث اختلفت مع مدير تحريرها حول أسلوب إعادة صياغة الموضوعات الصحفية فقال لى إنت مشكلتك إنك عايز تشتغل صحافة، فلما قلت له إنى أعمل فى مجلة، ووظيفتى هى ديسك مركزى وهى وظيفة صحفية على ما أتصور، فقال لى بالحرف الواحد : احنا ما بنطلعش مجلة علشان الناس تقرأها.. احنا بنطلعها علشان واحدة حلوة وهى داخلة النادى تشتريها، ولما تقعد فى الشمس تفتح رجليها علشان شباب النادى يتفرج على "الأندر وير" بتاعها وهى عايزة تعمل مش واخدة بالها فتبص فى المجلة، هذه الوظيفة التى علمنى إياها المتصحفن إياه لا تختلف كثيراً عن وظيفة الجريدة عند المخبرين فى أفلام زمان، حيث يظهر المخبر دائما يحمل صحيفة تحت إبطه، لا لشىء إلا لنعرف أنه مخبر.

طبعا الست بتاعة النادى والأخ الباشا المخبر ليسوا الحالة العامة لقراء الصحافة فى مصر، فالأغلبية الكاسحة تشترى الصحيفة لكى تقرأها، خاصة وأنه كما قلنا إن بعضهم يستقطع جزءاً من قوته ليشترى صحيفة، فإذا قرأها واحترمها ارتبط بها وانضم إلى درجات نجاحها، وإذا حدث غير ذلك تحولت الصحيفة إلى يد الست بتاعة النادى أو إبط الباشا المخبر أو المخازن، ومنها إلى باعة الدشت ومعهم تتحول الصحيفة من شكلها المعروف إلى قرطاس.

مناسبة هذه السطور هو استعداد جريدة اليوم السابع للإصدار الورقى خلال أيام، وبسبب حالة القلق الحميد الذى عايشته مع العاملين بها وهو قلق لا يتنافى مع ثقتى فى قدرتهم على إصدار صحيفة ناجحة فقد سبق لأغلبهم عمل شربات من الفسيخ، وهم قادرون على الاستمرار فى إنتاج الشربات، ما لم يكن أحلى شربات على الإطلاق.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة