كان الله فى عون المسئولين عن فيلم "نمس بوند"، الذى يلعب بطولته هانى رمزى وتأليف طارق عبد الجليل وإخراج أحمد البدرى، الذين أحالتهم الرقابة على المصنفات الفنية إلى وزارة الداخلية متلبسين بتهمة تناول شخصية ضابط فى الفيلم السينمائى الذى كان مقرراً عرضه مساء الأربعاء، رغم أن الرقابة كانت حصلت على الموافقة الأمنية بتصوير الفيلم وهو لا يزال جثة هامدة "سيناريو يعنى". ولكن يبدو أن الرقابة والعاملين فيها يسيطر عليهم الرعب المطلق من مجرد تناول أية شخصية تعمل فى جهاز الشرطة ولو كانت "عسكرى"، ويبرر الرقباء مواقفهم الغامضة دائماً بأن هناك اتفاقاً ضمنياً جرى بين الرقابة والداخلية بالحصول على موافقة لجنة تشكلها الداخلية وتشاهد الفيلم فى صورته النهائية لتصرح بعرضه.
وكان يفترض ـ طالما أن الرقابة تتحلى بدرجة عالية من الجبن الآدمى اللا مسبوق ـ أن تقوم هى بإرسال الفيلم إلى الداخلية لتبت فى أمره بمجرد الانتهاء من تصويره قبل أكثر من شهر، ولكن هذا لم يحدث، واكتشفت أسرة الفيلم حين ذهبوا إلى وزارة الداخلية أن الرقابة لم ترسل لهم شيئاً، وأمام إلحاحهم ليلحق بالموعد المقرر للعرض، تم إرسال نسخة منه، وتشكلت لجنة من عدد من ضباط الشرطة أثنت على الفيلم ولم تبد تعليقها على أى شىء فيه، لدرجة أن بعضهم تعجب من إصرار الرقابة لعرض الفيلم عليهم، وهو الذى يتناول شخصية ضابط شرطة تدفعه الظروف للانتقال فى العمل إلى أكثر من إدارة إلى أن يستقر فى المباحث ويكلف بالتحقيق فى جريمة قتل رجل أعمال فى ظروف غامضة، ويتحلى الضابط بخفة دم عالية، إلى جانب هوايته فى مشاهدة أفلام "جيمس بوند" لدرجة أن زملاءه فى العمل يلقبونه بـ"نمس بوند" بدلاً من "شريف النمس".
الغريب فى الأمر أن السيد على أبوشادى يصرح باستمرار حال مواجهته بهذه الأمور أن عليه مائة رقيب وأنه يرغب فى ترك موقعه، وأنا أتساءل: لماذا يتلكأ فى اتخاذ قراره بالرحيل طالما أنه غير قادر على مواجهة المائة رقيب الذين يضغطون عليه ويحاولون توجيه ضربة قاضية إلى الإبداع الفنى، وهل ينتظر أبو شادى أن تطلب نقابة الأطباء أو المحامين أو الصحفيين وغيرها أن تشاهد أى عمل فنى تدور أحداثه حول طبيب أو محامى أو صحفى وغيرهم.
هل يعتبر المسئولون فى شتى الوزارات والمحافظات أن تشبثهم بأماكنهم رغم افتقارهم الوصول إلى مستوى الأداء المأمول والمطلوب والمرجو يعد صدقة علينا وعبئاً ألقيناه على عاتقهم دون رغبة منهم، وتفانياً فى العطاء الذى لا يقابله إلا الجحود منا ليل نهار.
إن موقف أبوشادى فى ضيقه وضجره من مسئوليته عن الرقابة على المصنفات الفنية لا يختلف كثيراً عن موقف محافظ كفر الشيخ اللواء أحمد زكى عابدين فى تعليقه على موقفه مما حدث من أهالى البرلس فى محافظته والذين تظاهروا على الطريق الساحلى الدولى بسبب أزمة رغيف العيش والذى أكد فيه على أن " شغلانة المحافظين شغلانة وسخة".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة