أزمة الغذاء صارت المبرر الأوسع انتشاراً وراء رفع أسعار الغذاء فى دول العالم وفى مصر خاصة. ووسط تحذير الخبراء بأن الأزمة مؤهلة للاستمرار والتفاقم، بدأت المنظمات الدولية دق ناقوس الخطر وطرح برامج للتصدى للأزمة، خاصة فى الدول الأكثر تأثراً.
برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة فى مصر، واحد من هذه المنظمات التى نشطت فى مصر على عدة مستويات، فما موقع مصر من الأزمة وما الدور الذى يلعبه البرنامج فى مصر.
"اليوم السابع" حاورت الدكتور أيوب الجوالدة مدير البرنامج فى مصر.
أين مصر على خريطة أزمة الغذاء فى العالم؟
من المعروف أن مصر من الدول متوسطه الدخل وميزانها التجارى يعتبر جيداً، ولذلك فهى أفضل حالاً من دول كثيرة ولا تدخل فى تصنيف الدول الفقيرة، فلديها دخل من البترول والغاز الطبيعى وقناه السويس والصناعة، بدأت تشهد تطوراً ملحوظاً إلى جانب أنها تنتج بعض استهلاكها، بل وتصدر البعض الآخر كالأرز.
لكنها تستورد كميات كبيرة من القمح؟
استيراد سلعة ما لا يعنى أن اقتصاد الدولة ضعيف، حيث أصدر سلعة أملك منها فائضاً، وأستورد أخرى لسد النقص فيها، ومعالجة الفجوة الغذائية الذى يسببها نقصها. ومصر بالفعل من أكبر الدول المستوردة للقمح فى العام، ويعود استيرادها كميات كبيرة من القمح لكثرة عدد السكان، ولأن القمح مادة أساسية، لكنى أؤكد أن مصر لديها ناتج قومى مرتفع.
إذن هل تعتقد أن مصر محتاجة لإعادة تنظيم سياساتها؟
أعتقد أن وزارة الزراعة مازال لديها الكثير من الخطط لزياده الإنتاج الزراعى، ولكن صغار المزارعين هم من فى حاجة ماسة إلى إعاده النظر والتنظيم والدعم، لتشجيعهم على زياده الإنتاج، قد يكون عن طريق تنظيم جمع محصولهم وطرق تخزينه لتقليل الفاقد منه وكيفية تسويقه وهذا الأمر يحتاج إلى دعم من الحكومة ووزارة الزراعة والقطاع الخاص أيضاً.
وما أسباب أزمة الغذاء العالمية؟
أزمة الغذاء، أزمة عالمية تعود أسبابها إلى ارتفاع أسعار البترول الذى أدى بدوره إلى غلاء الأسمدة والبذور ومواد إنتاج الغذاء الأولية بالإضافه إلى تكلفة النقل والتخزين وهى كلها مراحل أساسية يمر بها إنتاج الغذاء، فبالتالى ارتفعت قيمته.
هل هناك دول أكثر تأثراً من غيرها؟
ارتفاع الأسعار ظاهرة أصابت العالم وأزمة الغذاء عالمية، لا تخص دولة على حدة ولا منطقه دون الأخرى حتى أنها وصلت للدول الغنية وبدأت تخرج مظاهرات فى أماكن متفرقة من أوروبا وأمريكا تنديداً بارتفاع الأسعار رغم أنها دول غنية جداً ومنتجة للغذاء.
يشيع البعض أن ارتفاع الأسعار العالمية هو شماعة للحكومات تعلق عليها فشلها فى إدارة الأزمة، فما مدى صحة هذا الكلام؟
بالطبع، لا أعتقد أنه يوجد فى العالم كله دولة "غبية" تتبع سياسات تهدم بها أمنها القومى، فالغذاء يمس أمن المواطن وسلامته وبالتالى أمن الدولة وهى إذا رفعت الأسعار دون مبرر على مواطنيها ستتسبب فى أزمة غذاء داخل محيط الدولة يصعب عليها مواجهتها.
فى بعض الأحيان تنشر الصحف أخباراً عن تراجع أسعار بعض السلع عالمياً، لكنها تظل مرتفعة محلياً، فلماذا؟
منذ سنتين تقريباً لم أسمع أن هناك سلعة انخفضت بل إن الغذاء فى ارتفاع مستمر وصلت بعض السلع فى ارتفاعها إلى 100% والبعض الآخر 80%، بل ويتوقع الخبراء أن يستمر هذا الارتفاع لسنوات أخرى يصعب تحديدها وهو السبب الذى جعل العالم كله يتحدث عن أزمة الغذاء وينبه لها، أما الانخفاض الذى يتحدثون عنه، فقد يكون طفيفاً للغاية ولا يذكر، وبالتالى فلا قيمة له لأن الأسعار سرعان ما تعاود الارتفاع.
يقول خبراء إن العالم ينتج من الغذاء ما يضمن حياة كريمة لكل فرد، فما أسباب الأزمة؟
الأمن الغذائى يعنى أن يحصل المواطن على المواد الغذائية فى أى وقت وبسعر فى متناول يده وفى حدود دخله المتاح، فقد يكون الغذاء متوافراً لكن لا يوجد المال الذى يشتريه به، وبالتالى لن تكون له فائدة وهذا يؤثر على الأمن الغذائى، فالعام يواجه أزمة فقر وليس أزمة إنتاج غذاء.
ما سبب اتجاه بعض الدول لإنتاج الطاقة الحيوية من الحبوب؟
يحدث هذا فى بعض الدول المتقدمة لأنه ثبت علمياً أن إنتاج الوقود الحيوى أرخص اقتصادياً بكثير من استخدام النفط.
هل النسبه المستخدمة من الممكن أن تساهم فى أزمة الغذاء؟
الدول المتقدمة بدأت تستخدمه بكثرة، ففى أمريكا يتم إنتاج 25% من استهلاكهم للطاقة من الذرة وزيت النخيل والسكر فى بعض الأحيان.
وهل هناك بدائل رخيصة للطاقة تحل محل استخدام الحبوب الزراعية؟
يتجه الحديث حالياً فى المؤتمر الذى تقيمه منظمة الأغذية والزراعه "الفاو" إلى تنظيم استخدام الحبوب فى إنتاج الوقود من السكر بدلاً من الحبوب، فهذا لن يؤثر على أزمة الغذاء مثل استخدام القمح والذرة، لأن نقصهما يؤثر سلباً على الفقراء.
ما العلاقه بين التغيرات المناخيه فى العالم وأزمة الغذاء؟
بالطبع هناك علاقة وطيدة بين الاثنين، حيث إن هناك موجات من الجفاف تسود بعض المناطق وموجات من الفيضانات تسود مناطق أخرى، وكلاهما يؤثر على الإنتاج الزراعى فى العالم فمثلاً أستراليا من أكبر القارات المنتجة للقمح، وتعرضت لفياضانات أودت بالمحصول وهذا يؤثر سلباً على إنتاج القمح العالمى.
أين يتركز نشاط برنامج الأغذية العالمى داخل مصر؟
يتركز نشاطنا دائماً فى الأماكن الأكثر فقراً، وفى مصر نعمل فى مناطق الصعيد وسيناء والبحر الأحمر.
على أى أساس تم تصنيف هذه الأماكن على أنها الأكثر فقراً فى مصر؟
هذا التحديد تم بناءً على دراسات دقيقة ورسم خرائط للفقر لتحديد المستفيدين كى نضمن وصول الدعم لمن يستحقه. ولدينا مشروعات لمحاربة الأنيميا بين الأطفال ومحاربة عمالة الأطفال.
ما الذى سيقدمه البرنامج لمحاربة الأنيميا؟
تصل نسبه الأنيميا بين المصريين من 40 إلى 50% ويستحوذ الأطفال على النصيب الأعظم من هذه النسبة، نظراً لضعف الجهاز المناعى لديهم، وهذا يؤثر على نسبه التركيز والذكاء لدى الأطفال، وبالتالى على التعليم، ويرجع ذلك لسوء التغذية. ولذلك بدأنا مشروعاً بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى لإضافه مادتى "الحديد" و"الفوليك أسيد" إلى الدقيق المستخدم فى إنتاج الخبز كمحاولة لمعالجة الأنيميا، وبدأنا المشروع فى أسوان ومحافطة الشرقية، وحالياً فى الفيوم وقنا والأقصر وخلال العام الجارى سنشمل كل المحافظات.
وبالنسبة لمحاربة عمالة الأطفال، ما دور البرنامج؟
يرتفع فى مصر عدد الأطفال العاملين، تحت السن القانونية للعمل، خاصه فى سوهاج وأسيوط والمنيا ونحاول القضاء على ذلك بطرق كثيرة منها، إذا كانت الأسرة بلا عائل يتم تدريب العائل وإيجاد حرفة له وإذا لم نتمكن من سحب الطفل من سوق العمل نتفق مع صاحب العمل على استقطاع ساعات معينة يذهب فيها للدراسة، كما نقدم أدوات مكتبية وملابس ووجبات التغذية للأطفال العاملين.
ما أهداف المسيرة التى نظمها البرنامج أخيراً للقضاء على الجوع؟
دور المسيرة بالإضافة إلى جمع التبرعات، هو نشر ثقافة محاربة الجوع فى العالم والتضامن مع الفقراء وهو ما يقوم به الإعلام، وإقامة مثل هذه المسيرة فى مصر ـ وهى مركز استراتيجى فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط ـ كانت له أصداء عالمية وأتوقع أن يتبعها العديد من دول المنطقه العام المقبل.
