"مشكلة مصر الكبيرة هى أن هناك الكثير من المصريين".. هذا ما قاله الرئيس حسنى مبارك هذا الأسبوع، عندما أطلق حملة جديدة لتطوير سياسات مصر السكانية، فى الوقت الذى تتصدى حكومته لطوابير الخبز الطويلة وأعمال الشغب بسبب حصص الدقيق.
وقالت صحيفة واشنطن بوست، إن مبارك منذ أن تولى الحكم عام 1981، حث المصريين على أن تكون الأسر صغيرة.. وذلك عندما كان عدد سكان البلاد 40 مليون نسمة، وهو ما يقارب نصف عدد السكان الحالى الذى يقدر اليوم بحوالى 81 مليون نسمة. حيث يرى الكثير من المصريين أن الأسر الكبيرة تعد مصدراً للأمان المادى.
وأشارت الصحيفة إلى أن مبارك جدد هذه الجهود فى أوقات المحن الاقتصادية، مثل الأزمة الحالية التى تتمثل فى ارتفاع أسعار الغذاء والأجور الزهيدة ونظام التوزيع الفاسد وغير الكفء، والذى يؤدى إلى استمرار طوابير الخبز المدعم لساعات طويلة.
وتطرقت الصحيفة إلى أحداث "البرلس" السبت الماضى، قائله: إن الآلاف فى مدينة البرلس المطلة على البحر المتوسط، قاموا بحرق الإطارات والدخول فى معارك مع الشرطة لإظهار غضبهم بشأن خطط الحكومة لتوزيع حصص الدقيق على المخابز بدلاً من الشعب. وكان عشرة مصريين على الأقل قد لقوا مصرعهم هذا العام بسبب طوابير الخبز.
ووفقاً لتقديرات الـ"سى أى إيه" عن الحقائق المتعلقة بدول العالم لعام 2008، تحتل مصر المركز السادس عشر بين الدول الأكثر نمواً على مستوى السكان فى العالم، وهى أكبر دولة عربية من حيث السكان. وتلد كل سيدة فى مصر 2.7 طفل فى المتوسط، فى حين يقل هذا المعدل فى الولايات المتحدة إلى 2.1 طفل لكل سيدة.
ونقلت الصحيفة عن مصريين رأيهم فى تحديد النسل، يقول أبو محمود، صاحب محل لمستلزمات الأطفال، رفض ذكر اسمه خوفاً من المشاكل مع الحكومة، إن لديه خمسة أبناء وكان يتمنى أن يكون لديه 12، ويتابع: "فى كل مرة يتحدث فيها الرئيس إلى الشعب، يبدو وكأنه يقول لهم من أين سآتى بالغذاء لأطعمكم جميعاً؟" ويضيف: "إن الله هو الذى يطعمنا".
ويرى أبو محمود أن الحكومة إذا استغلت الأموال التى تنفقها على حملات تنظيم الأسرة فى شراء الغذاء، فإن ذلك سيكون أفضل.
أما نجيب محمد أحمد (60 عاماً)، الذى يخرج كل يوم، بحثاً عن وظيفة من أجل الإنفاق على أبنائه الخمسة وتعليمهم "ليس خطأنا أن لدينا أطفالاً، بل هو خطأ الحكومة التى لا تقدم لنا ما يكفى.. فهذا البلد فيه الكثير من الموارد، لكن الحكومة تأخذها كلها".
وأشارت الصحيفة إلى أن الإسلام لا يحرم تنظيم الأسرة، وقد قامت مصر بتنظيم الكثير من الحملات المتعلقة بهذه القضية فى الماضى، منها الحملات التلفزيونية فى التسعينيات، والتى أظهرت أن الأسر الصغيرة تعيش فى رفاهية، فى حين تعيش الأسر الكبيرة فى حالة من الفقر.
كما أن عمالة الأطفال هى حقيقة فى حياة الفقراء فى مصر، والأجور التى يحصل عليها هؤلاء الأطفال تحدد إذا كانت عائلتهم ستأكل أم ستتضوع جوعاً. ويرى ميلاد حنا أن الناس فى مصر يستمعون إلى الرئيس، لكنهم لا يتبعون توصياته لأن إنجاب الأطفال بالنسبة لهم يمثل ضرورة اقتصادية واجتماعية، ويشير إلى أن هذه القضية لا حل لها فى الوقت الحالى.