أثار قرار وزارة التجارة بإلزام شركات إنتاج الحديد بتحديد سعر البيع للمستهلك، ثم إعلان الشركات المنتجة عن الأسعار للمستهلكين خلال الشهر القادم، العديد من الخبراء، حيث اعتبره البعض منهم "فخاً جديداً للمستهلك"، ويحتوى على العديد من العيوب، بل ويحمل العديد من التساؤلات حول: ما هى المعايير التى تم على أساسها تحديد هذه الأسعار؟ وإلى أى مدى سيتم تطبيقها داخل السوق؟ فى حين اعتبره البعض الآخر تجسيداً لـ"حسن النية" من قبل الشركات فى حال التزمت بهذه الأسعار.
يقول جميل بشاي- رئيس مجلس إدارة شركة "بشاى للصلب"- إن استجابتنا لوزارة التجارة والصناعة بتحديد سعر بيع للمستهلك، يدل على حسن نيتنا فى تحديد سعر نهائى نلتزم به أمام المستهلك، معربا عن أمله أن تلتزم الشركات الأخرى بما حددته من سعر ولا تخرج للسوق بعد فترة بأسعار أخرى.
وحول المعايير التى أخذتها شركته عند وضع هذه الأسعار، أكد بشاى أن تحديد سعر البيع جاء بناء على تحديد سعر التكلفة والمواد الخام التى يتم استيرادها طبقا للأسعار العالمية، مشيراُ إلى أن سعر بيع "حديد عز" على سبيل المثال، يعتبر أقل الأسعار لأن شركة الدخيلة لا تستورد المواد الخام، بل تعتمد فى كثير من إنتاجها على الحديد الخردة، وبالتالى فإن التكلفة تكون أقل من الطبيعى أن يكون سعر البيع أقل.
من جانبه قال الدكتور محمد البيومي- عضو بالاتحاد النوعى لحماية المستهلك- إن هذا القرار لن تلتزم به شركات حديد التسليح، لأنها لم تلتزم من قبل بجميع الاتفاقيات السابقة التى تمت بين الوزارة والمنتجين، أو بين الغرفة التجارية والشركات المصنعة للحديد، وتساءل: كيف سيلتزم التجار والمنتجين بهذه القرارات؟ مضيفاً أن المستهلك هو الضحية الأولى والأخيرة فى هذه "اللعبة" التى تتم بين الحكومة والشركات، معربا عن أسفه لما شاهده أمام أحد مصانع عز بالقليوبية. فقد تجمهر العديد من الأشخاص احتجاجاً على رفض المصنع بيع كمية الحديد المطلوبة لبناء منازلهم، فكيف ستتعامل هذه الشركة مع المستهلكين بعد ذلك؟
وأضاف البيومى أن هذا القرار يدخل ضمن حزمة القرارات "الفاشلة" التى تتعامل بها الحكومة لحل هذه الأزمة، التى لن تنتهى ـ من وجهة نظره ـ إلا بوضع قوانين صارمة ضد أى احتكار لحماية المستهلك. وأكد على أن الوزارة ألقت الكرة فى ملعب الشركات لكى تحدد هى أسعار البيع للمستهلك وهذا "خطأ كبير"، فالحكومة هى التى يجب أن تحمى المستهلك وتحدد له الأسعار ثم تنفذ الشركات وتلتزم بالبيع بهذه الأسعار وليس العكس.
ويقول الدكتور حمدى عبد العظيم - رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقا - إن قرار وزير التجارة والصناعة بالتزام شركات الحديد بتحديد سعر بيع للمستهلك، ينطوى على العديد من العيوب. "فمن المفروض أن تكون هناك مبادئ عامة تطبق على جميع الشركات من تحديد تكلفة الخامات، وعلى أساس هذا يتم تحديد تكلفة التصنيع والمنتج، ولكن هذا القرار يقوم على تحديد هامش الربح وعليه يتم تحديد سعر البيع للمستهلك".
وأضاف أن الحكومة دورها معرفة حجم التكلفة ومعدل أرباح هذه الشركات، ويتم حساب السعر على أساس هامش الربح ومعدل التكلفة، ولكن ما تقوم به الشركات الآن من تحديد سعر البيع للمستهلك إنما يقوم على أساس مصلحتها ومنفعتها فقط دون النظر إلى المستهلك الذى تعتبر مصلحته هى الهدف الأول من هذا القرار، مؤكدا أن ما صرحت به الوزارة أنها ستتابع مدى تطبيق هذه الأسعار المعلنة وأنها ستتخذ الإجراءات القانونية فى حالة وجود أى مخالفة ما هو إلا "وهم كبير". فالحكومة ـ وفق رؤيته ـ أضعف وأفشل من أن تتابع التجار وكيفية تعاملهم مع السوق، مشيرا إلى أن الأيام القادمة ستشهد ارتفاعا فى أسعار الحديد، وستثبت فشل قرارات الحكومة، التى مازالت تتشدق بأنها تراعى المستهلك وتبحث عن حمايته من أى ممارسات احتكارية.
اعتبروه فخاً جديداً للمستهلك
الخبراء: تحديد سعر بيع الحديد للمستهلك قرار معيب
الثلاثاء، 10 يونيو 2008 11:45 م