"ظاهره الرحمة وباطنه العذاب"، بهذه العبارة استهل المستشار مرسى الشيخ رئيس مركز دراسات العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان الندوة التى نظمها المركز أمس بعنوان "قانون جديد للحقوق السياسية والانتخابات" لمناقشة قانون تنظيم الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 الذى صدر فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر وجرت عليه العديد من التعديلات حتى الآن.
وصف الشيخ هذا القانون بأنه "قواعد راسخة للحرمان من مباشرة الحقوق السياسية"، حيث تظل فى يد السلطة للتحكم فى العملية الانتخابية ابتداء من القيد فى جداول الانتخابية، وانتهاء بتعيين رؤساء وأمناء اللجان العامة والفرعية، وهى المهمة التى يقوم بها وزير الداخلية ومعاونيه. وقال الشيخ إن هذا جعل العملية الانتخابية مجرد مظهر كاذب لممارسة الديمقراطية بهدف تثبيت دعائم الحكومة وسيطرتها على أعضاء السلطة التشريعية أومن تريدهم من أحزاب المعارضة المستأنسة و الباحثين عن الحصانة.
وأشار الشيخ إلى أن الأحداث الأخيرة التى شهدتها البلاد من تزوير انتخابات المحليات وإقصاء العديد من المواطنين والقوى السياسية عن المشاركة فيها وعدم احترام أحكام القضاء، يجعل الانتخابات كالحرث فى الماء، مما يترتب عليه انهيار الدولة وضياع هيبتها واحترامها أمام العالم، مرجعاً ذلك إلى أن بقاء أعضاء بالسلطة التشريعية أو المحليات رغم بطلان عضويتهم بموجب أحكام قضائية من شأنه تهديد أية قوانين أو اتفاقيات دولية بالبطلان ويعرض الاقتصاد القومى للخطر.
وأبدى الشيخ دهشته من ورود مادة العقوبات وجرائم الانتخابات الداعية إلى الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية فى المادة الأولى من القانون 73 لسنة 1956 ، ويرى أن المعتاد فى القوانين المتعارف عليها أن تأتى مادة العقوبات فى مؤخرة نص القانون، كما أكد أن العقوبات الواردة فى القانون مجحفة وفيها ظلم واضح وحرمان صريح للمواطنين من ممارسة حقوقهم السياسية، لافتاً إلى أهمية المواجهة الشعبية والقضائية المباشرة لظاهرة شراء الأصوات التى استشرت هذة الأيام بأساليب "فجة".
وطالب فاروق العشرى القيادى بالحزب الناصرى بإلغاء إدارة الإنتخابات بدأً من القيد فى الجداول وإنشاء الدوائر وانتهاءً بإعلان النتيجة من وزارة الداخلية وإقصائها من أى دور بهذا الشأن، ونقل هذه الإدارة إلى وزارة العدل مع وضع الضوابط من خلال اللجان الانتخابية التى تضمن عدم خضوع وزير العدل لرغبات السلطة.
ونبه العشرى إلى ما أسماه بالكارثة الكبرى التى تتمثل من وجهة نظره فى "لجان الوافدين والقيد الجماعى" حيث إنه لايشترط أن يكون لديهم بطاقة انتخابية، كما أن القانون يتيح لهم إثبات شخصيتهم أمام جهة الانتخاب بأى وسيلة دون اشتراط البطاقة الشخصية . واقترح العشرى أن يعلن رؤساء اللجان النتائج مباشرةً فى مكان ويوم انتهاء الفرز، وأن يرفعوا تقاريرهم إلى وزير العدل ولا يترك هذا لوزير الداخلية .
واتفق معه الدكتور محمود رمضان رئيس حزب الأحرار فيما يخص تعديل نص العقوبات فى القانون 73 خاصةً من المادة 41 حتى المادة 49 والتى تنص على معاقبة المواطن مرتين فى حال ارتكاب مخالفة انتخابية، بالحبس والحرمان الأبدى من المشاركة الانتخابية، وأوضح رمضان أن نص القانون يحمل تفرقة جائرة على أساس الجنس (ذكر أو أنثى) فيما يخص مطالبة الأنثى بتقديم طلب مسبق لتقييدها بالجداول الانتخابية، مما يهدد حق المرأة فى مباشرة حقوقها السياسية.
وانتقد رمضان مادة القانون التى تحرم كل شخص يوصف بأنه مرجعية دينية مثل "شيخ الأزهر أو البابا" على سبيل المثال من مباشرة حقوقه السياسية مشيراً إلى أن هذا النص مطاط ويحتوى على "شمولية ومراوغة". من جانبه أكد المستشار إبراهيم عبد الجواد رئيس الإدارة المركزية للشئون القانونية على ضرورة إلغاء نسبة الـ 50% الخاصة بالعمال والفلاحين فى التكوين العام للسلطة التشريعية، مبرراً ذلك بجهل العديد منهم بالفكرالسياسى وعدم قدرتهم على مخاطبة ومجاراة المسئولين ، بالإضافة إلى أن هناك أشخاصاً ليسوا بعمال ولا فلاحين ومن بينهم وزراء فى الحكومة يقومون بترشيح أنفسهم تحت بند العمال والفلاحين.
وأشار عبد الجواد إلى ضرورة تشكيل لجنة عليا للانتخابات بقرار من وزير العدل، وليس من وزير الدخلية، على أن تشكل اللجنة برئاسة رئيس محكمة النقد أو رئيس مجلس الدولة، وعضوية ثلاثة من القضاة يتم اختيارهم عن طريق الجمعية العمومية، وسبعة من الشخصيات العامة يتم اختيارهم من نقباء النقابات المهنية فى مصر، وتتولى اللجنة وضع وإعداد كل مايتعلق بتنظيم العملية الانتخابية بدلاً من القوائم العشوائية التى تضعها وزارة الداخلية.
وأكد عبد الجواد فى نهاية كلمته على وجود جماعات مصالح تورط الرئيس مبارك وتحرجه فى اتخاذ قراراتٍ سيئة، ووصفهم بالقتلة، بحجبهم كل الأصوات أو التقارير التى تعكس صوت الشعب وهمومه عن رئيس الجمهورية، وذكر منهم أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى الحاكم.
واتفق المشاركون على أهمية وضع جداول انتخابية جديدة طبقاً للثابت ببطاقة الرقم القومى للمواطن، وأن تكون هى عنوانه الانتخابى، وأن تظل الجداول مفتوحة طوال العام على أن يتم غلقها قبل موعد الترشيح لانتخابات المجالس التشريعية بأسبوعين، وأن يقوم رؤساء اللجان بالتوقيع على كل ورقة تصويت توضع فى صندوق الاقتراع، حتى يتم القضاء على ما يسمى بـ "الورقة الدوارة" أو استبدال الصندوق بآخر تم تسويد أوراقه بمعرفة الداخلية.
وأكد المشاركون على ضرورة تجميع صناديق الانتخاب بعد عملية الاقتراع لكل دائرة فى مكان واحد ليشرف عليها قاض واحد، وأن يتحمل المرشح مسئولية الموكل عنه داخل اللجان إذا ارتكب أى خطأ يضر بالعملية الإنتخابية .
خبراء القانون فى ندوة لمناقشة "قانون جديد للحقوق السياسية" - تصوير ماهر اسكندر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة