أجمع الفرقاء السياسيون فى الساحة اللبنانية على اختلاف مشاربهم أن لبنان بات يرزح تحت وطأة حصار مليشيا حزب الله التى باتت تسيطر على كل مرافق ومؤسسات الدولة، وهو ما لم ينفه حزب الله نفسه الذى بدأ يدخل على أعتاب مرحلة جديدة من النزاع السياسى على السلطة فى لبنان، يخيم عليها مظاهر التسلح، فى مقابل حالة انكشاف مدى خوار قوى الأكثرية وحلفائها فى الداخل الذين سلموا كل مقراهم السياسية وممتلكاتهم للجيش ليتولى حمايتها بعدما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من بعضها خاصة حادث تلفزيون المستقبل وإذاعة الشرق التابعة لزعيم التيار المستقبل ووضعت بعضها تحت الحصار من قبل حزب الله.
بيروت أصبحت تحت الحصار بيد الانقلابيين ـ حزب الله ـ عنوان الخطاب السياسى الراهن لقوى 14 آذار الذى أعلنه سمير جعجع قائد القوات اللبنانية ، والذى تركز على ثلاثة محاور هى تحمل الجيش المسئولية ، ودعوة الدول العربية والقوى الدولية للتدخل فى الأزمة ، وتأييد حكومة السنيورة حكومة شرعية للبلاد، ويقول د. عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية " السيناريو الجارى بالفعل يؤكد بما لا يترك مجالاً للشك أن بيروت أضحت تحت الحصار فعلياً وما حدث هو انقلاب عسكرى قام به حزب الله ، الذى ظل يمهد لهذا السيناريو منذ وقت ويراكم الأسلحة ويحتركها فى إطار دولة داخل الدولة، وهى قصة أى منظمة دينية مسلحة وسيناريو معاد لما قامت به حماس فى غزة".
وهو التصور الذى اختلف معه د. وليد قزيحه رئيس قسم العلوم السياسية فى الجامعة الأمريكية الذى يرى أن " الموقف مختلف فى غزة، حماس محصورة، بينما حزب الله يسيطر على الدولة، حماس فى موقف ضعيف فى الداخل ومحاصرة بينما حزب الله هو الذى يحاصر الجميع الآن . جعجع الذى راهن على موقف الدول العربية التى أسماها بالمعتدلة من ناحية، والجامعة العربية التى أعلنت من ناحية أخرى أنها بصدد الترتيب لعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب يرى د. سعيد أنه من الممكن أن يواجهوا الموقف ومن ثم تتبدل وتختلف المواقف حيث قال من الممكن أن يتخذوا قراراً بالإضافة إلى التمسك بالمبادرة العربية الثانية بشأن بيروت وهو نزع الشرعية من حزب الله والتعاون مع مجلس الأمن والقوى الدولية لإسقاط هذه السيطرة والنفوذ الذى يخيم على كل أجواء لبنان وتختلف الأمور.وأضاف ما تعول عليه الدول العربية والأطراف الدولية الأخرى هو نوع من الصبر الطويل المدى المقترن بإقصاء القوى الأيدلوجية وشحذ همم حتى يحدث نوع من التقييم المشترك، وهذه مرحلة أولى من السابق لأوانه إدراك ما يمكن أن تسفر عنه الأحداث وذلك لأن كل الأطراف تقريباً لديها مشكلات ، خاصة الولايات المتحدة التى لديها مشكلة العراق ومن غير الملائم لها أن تتصرف حيال المسألة اللبنانية بمنطق الحسم العسكرى .
فى حين رأى د. قزيحه أن اجتماع وزارء الخارجية العرب لن يقدم جديداً وقال وزارء الخارجية العرب لن يفعلوا شىء ولن يتمكنوا من عزل حزب الله وقد ثبت فشل القوى الداعمة للحريرى فى إدارة المسألة وبدوا كفرقاء بالنظر إلى مشهد جمبلاط وهو ضعيف، وكذلك ناشد جعجع قوى الخارج الدعم. ولن تفلح الدعائم اللوجستية فى الوقت الذى أخرج فيه حزب الله سلاحه ، والسنيورة هو الآخر فى مطب قرارت جمبلاط والخوف من خروجه من الحكومة التى ستسحب ثلثا أنصار الحريرى .
قوى الرابع عشر من آذار التى ألقت بتبعة المسئولية على عاتق الجيش ، لحسم الأمور ووقف " الانقلابيين " يتفق المراقبون على أنه يجر لكى يكون طرفاً فى المسألة ، ويقول د. قزيحة إن الجيش وهو فى موطن الضعف الراهن تريد له 14آذار أن يكون فى موقع المتورط وقال جعجع يريد الآن هو وقوى 14 آذار أن يدخل الجيش كطرف فى المسالة وهو توريط للجيش، الجيش من ناحية مركب على أساس طائفى ومن الصعب تدارك احتمالات دخوله فى هذا النفق الذى قد يقضى على تماسك الجيش، الأمر الثانى أن يظهر الجيش مسانداً لقوى بعينها وهو ما يضع قائد الجيش فى موضع حرج إذا كان لديه طموح فى رئاسة الدولة . مضيفاً " نحن الآن أمام معادلة صعبة على الأرض وهى ضعف الجيش ومحاولة إضعافه أكثر بتوليه الأمور توازياً مع ضعف آخر للقوى السياسية التى فرت من المواجهة ، فى مقابل مواجهة دولية وإسرائيل بدأت تتحرك بمحاذات الخط الأزرق".
موازين القوى التى اختلت فى الداخل بفرض سيطرة والحصار واستعراض حزب الله حجم قوته يضفى نوعاً من المخاوف على السينايورهات المتوقعة حو ل الأزمة ويقول د. سعيد حزب الله الآن لا يمانع من حرق لبنان وحسناً فعلت القوى الخارجية تسليم ممتلكاتها للجيش، ومغادرة مواقعها لأنه بات من السهل توقع أن تحدث مذبحة كبيرة ويعلن حزب الله انتصاره فى معركة الداخل، بعدما فرغ لبنان من القوى الحقيقة سواء رجال الأعمال والمثقفين وهجره كل من استطاع أن يؤمن لنفسه ملجأ فى الداخل والسفارات تسحب رعاياها والآن لبنان خال للفقراء والشيعية . فى مقابل أن جنبلاط وكل القوى الأخرى تحت ضغط المخاوف من مسلسلات الاغتيال والمواقف التصعيدية الأخرى .
حزب الله فى معركته الدائرة الأن استطاع أن يبرهن لكل القوى السياسية التى تعارضه أنهم لا يزالون على مسافة أبعد منهم بكثير من حيث موازين القوى . وهو ما جعل وليد جنبلاط يسلم مقرات الحزب وكذلك الحريرى سلموا ممتلكاتهم للجيش وهو ما يعلق عليه د. قزيحه بقوله تداعيات ما يحدث اليوم خطير جداً لأن حزب الله سيمر فيما عزم عليه فى مقابل غطاء مبادرة عربية ومواقف دولية وبالتالى سيكون هناك حالة من الصدام وهذا هو الهدف الذى يريده حزب الله ، الأطراف الدولية هى الأخرى ستكون أمام حالة من الفشل لأنه سيطلب من قوى داخلية مواجهة هذا الصدام من أجل تصفية حزب الله وهو مفترق صعب. متوقعاً أن السيناريو القادم هو أن " حزب الله سيستمر فى ما عزم عليه وجمبلاط والحريرى ومن معهم فى مأزق وأغلق عليهم المطار . وفى النهاية أتصور أنهم بصدد ترتيبات للخروج من لبنان إلى السعودية أو مصر " .
موضوعات متعلقة:
◄حزب الله نيته التخريب وتقف وراءه إيران
◄توقف الاشتباكات بعد سيطرة المعارضة على بيروت
◄حمادة يدعو ساركوزى للضغط على دمشق وطهران
◄تحركات للجيش الإسرائيلى بمحاذاة الخط الأزرق
◄الأزهر يصف أحداث لبنان بـ"الفتن"
◄عباس يدعو الفلسطينيين فى لبنان إلى التزام الحياد
◄الجميل يصف سلاح حزب الله بـ"الانقلابى"
◄حزب الله أخطأ والحل فى نزع سلاح المليشيات
◄حزب الله يخطف لبنان
◄بيروت الدامعة
◄شهادة كاتبة لبنانية من وسط الأحداث فى بيروت
توقعات بمزيد من التردى
بيروت تحت حصار الانقلابيين
الجمعة، 09 مايو 2008 11:10 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة