فاطمة خير

منافسة تليفزيونية أقسى من حر الصيف

الخميس، 08 مايو 2008 09:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دقت ساعة المنافسة، لن يكون "الحياة اليوم" الأخير، فقريباً جداً سيبث "ساعة بساعة" ، سيصبح عدد البرامج المرشحة للمشاهدة فى مساء كل يوم سبعة برامج .. حتى إشعار آخر"مساءك سكر زيادة"، "الحياة اليوم"، "90 دقيقة"، "ساعة بساعة"، "البيت بيتك"، "العاشرة مساءً"، و"القاهرة اليوم" (هذا إذا لم نضف إليها "حديث البلد" على قناة "مودرن" لضعف مستواه، وإن كان البرنامج من النوعية نفسها " خبرى ـ حوارى ـ يومى" ) .
سيضطر المشاهد ـ مرغماً ـ على القيام بالاختيار ، فما من أحد قادر على متابعة كل هذا الكم ،سيفرض قانون المنافسة سطوته ، ويكون فعل "الاختيار".
ستتربى لدى المشاهد القدرة على التمييز ما بين الجيد والسىء، لن يصبح متلقياً وحسب؛ سيكون هو القاضى والحكم، ستكتسب عينه المهارة التى لا تتولد إلا برؤية الأفضل.. وسيكون الرهان على جذب الاهتمام؛ بعنصر الجودة وحده، ولن يكون هناك بقاءٌ للأضعف .
"الحياة " دخلت السباق بقوة، فاصل "محمد هنيدى" ملفت للنظر إلى أقصى درجة، فهو يدفعك للتساؤل هل هو فيلم "هنيدى" الجديد ؟ هل هو إعلان؟ هل هو making ؟ هل تنويه عن برنامج سيستضيفه؟ حيرة وارتباك ..و المحصلة : قدرة على لفت الانتباه ، حيث تكتشف أنه " فاصل " يمتد لعدة دقائق ، مشهد تمثيلى كامل نجم من الصف الأول ، طاقم كامل من الممثلين ، ديكور فرعونى، ملابس، ماكياج، وفكرة حلوة، ما يعنى أيضاً إنفاقاً سخياً.
وهذا هو المستوى الذى ينبغى أن تكون عليه الفواصل التليفزيونية، كانت السباقة فى هذا الإطار"Otv"، وتلتها "الحياة" .
المنهج نفسه الذى يعتمد على الصورة عالية الجودة، والفكرة المختلفة وشديدة الخصوصية فى آن، كل ذلك يصب فى صالح صناعة شاشة مصرية ملفتة ومحببة، ما يعنى القدرة على المنافسة، بعد سنوات طويلة ظلت فيها الشاشة الخليجية وحدها فى الملعب، وإن كان الأمريلزمه بعض الوقت، ليس لقلة الكفاءات؛ فالخبرة لا بد أن تلعب دوراً، والقنوات الأقدم تملك بالضرورة حاسية استشعار أكثر خبرة لرغبات المشاهد وطبيعة المتلقى الذى يختار شاشتها، خاصة وأن هذه القنوات تمتلك كودار تعمل فيها منذ سنين طويلة امتزجت فيها بنوعية العمل التليفزيونى الذى تقدمه كل محطة.
المهم .. تتنافس المحطات المختلفة على تحسين الجودة ، بكل قوتها، والفائز الحقيقى هو المشاهد، والنتائج تظهر تباعاً وإن كانت متسارعة ، وكنموذج واضح على هذا برنامج "بدون رتوش" ، الذى يذاع على شاشة "الحياة" وتقدمه د."هبة قطب" ، فالفكرة المحورية للبرنامج ليست جديدة ، السبق فيها كان لقناة "المحور" ، التى كانت تقدم على شاشتها برنامجها الأسبوعى "كلام كبير" ، الأول من نوعه فى مجال الحديث عن "الثقافة الجنسية" ، وبرغم الهجوم الذى تعرض له البرنامج ، إلا أنه استمر ونجح ، بدليل انتقال صاحبته بفكرتها إلى قناة "الحياة" باسم جديد للبرنامج وبعرض أفضل بالتأكيد . انتقال البرنامج لم يشمل تغيير اسمه فحسب ؛ بل وتطوير مضمونه نحو الأفضل ، حيث أصبح يقدم محاور متعددة ومتكاملة لموضوع الحلقة .
ومثال واضح لهذا ، الحلقة التى تناولت فرق السن بين الزوجين، كان الطرح شديد الموضوعية والجرأة ، لم يبدأ بنتائج مسبقة ، حيث تم تناول المشكلة من كل جوانبها الممكنة هل للفرق فى السن عموماً تأثير؟ إذا كانت المرأة أكبر سناً من الرجل ؟ إذا كان الرجل أكبر سناً من المرأة ؟ ، النتائج المحتملة لم يتم تناولها على المستوى الجنسى وحسب؛ وإنما النفسى، والاجتماعى، الأكثر من هذا فإن "الحالة" التى تم الاستعانة بها كان لإمرأة عربية ، ليعطى هذا للبرنامج بعداً عربياً ولا يطرح القضية باعتبارها تحدث فى مصر وحدها . نضج البرنامج ، وهذه هو تأثير المنافسة على المضمون ، العيب الوحيد الذى لا يزال موجوداً ، هو البعد الدينى الذى تعطيه د."هبة" لحديثها الذى يتناول مسائل علمية، و تجاوز ذلك سيجعل البرنامج علمياً بالدرجة الأولى ـ وهى طبيعته بالأساس.
المنافسة أيضاً تظهر بعض العيوب الصغيرة؛ وإن كان لا يلاحظها سوى المتخصصين، الذين يستطيعون التمييز بين نسب الإتقان المتفاوتة ، فيلحظون الأخطاء الصغيرة، وإن كان الخطأ غير مسموح به على شاشة التليفزيون، من ذلك، السهو الذى وقعت فيه قناة "الجزيرة" حين أذاعت ضمن فقرة "الصحافة الإلكترونية" فى برنامج "هذا الصباح" ، ملخصها العادى عن أهم الأخبار فى تلك الصحافة ، وأشارت إلى استمرار اختفاء "إسراء عبد الفتاح" ناشطة الـFacebook الشهيرة ، فى حين أن إسراء كانت قد أفرج عنها فى الليلة السابقة ، ما يعنى غياب التنسيق فى إعداد البرنامج ، لأن مواقع إلكترونية ..وحتى برامج تليفزيونية كانت قد أذاعت الخبر فى الليلة السابقة . أما قناة "العربية" فاعتبرت فى تقرير لها ـ عن أصداء مناقشة قانون الطفل فى مصرـ أن القانون مخالف للدين ، جاء ذلك فى تعليق صوتى على الخبر، دون توضيح أن هذا هو رأى بعض المعارضين، فبدا وكأنه موقف القناة.
أيضاً من النماذج الدالة على التأثير الإيجابى للمنافسة ، المذيعة "رشا الجمال " التى تشارك فى تقديم برنامج "مساءك سكر زيادة " ، فقد تجاوزت كونها مذيعة جميلة، فى برنامج خفيف، لتصبح الأكثر قدرة وسط زملائها على المحاورة، ويتضح ذلك فى تقديمها للفقرة الأسبوعية، التى تستضيف مؤلفاً شاباً ، له إصدار حديث ؛ لتناقشه فيه ، تقرأ "رشا" الكتاب ( أياً كان رواية، مجموعة قصصية، ديوان شعرى" ، فتتمكن من مناقشته بثقة كبيرة واستيعاب لما تقول،يشعر بذلك الضيف فيبادلها الحديث باهتمام ؛ لاحترامها لإبداعه، ويشعربذلك المشاهد الذى يخرج بجرعة ثقافية محترمة ، الأمر نفسه يتكرر فى الفقرة التى تستضيف شخصية سياسية أوأدبية شهيرة ، حيث تكون "رشا " هى الأكثر تمكناً من أدوات حوارها . وتطوير "رشا " لأدائها ؛ جاء ضمن تطوير البرنامج نفسه لينافس على مستوى آخر ، حيث يريد أن يكون أول برامج المساء اليومية ، التى يطالعها المشاهد ليعرف ماذا يجرى فى الدنيا ؛ مع الاحتفاظ بالسمة الأساسية للبرنامج ، باعتباره برنامجاً موجهاً للشباب فى المقام الأول .

للمنافسة أضرار ومزايا .. فهل تسير الشاشات المصرية فى مضمارها، بثقة توازى ما يحمله الأمر من مخاطرة ؟ هذا ما ستثبته الأيام القادمة .






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة