تحتفل إسرائيل الخميس المقبل بالذكرى الستين لتأسيسها، كوطن وملجأ لليهود فى أعقاب الحرب العالمية الثانية والهولوكوست. لكن بسبب صواريخ القسام التى يتم إطلاقها بالقرب من غزة على مدينة سيدروت الإسرائيلية فإن إسرائيل، كما ذكرت، لم تكن تعيش فى سلام طوال العقود الستة الماضية.
سيكون هذا الأسبوع فرصة لتذكر التاريخ المأسوى لدولة قامت على أساس ثقافة قديمة وحركة سياسية "الصهيونية" لا يتجاوز عمرها قرناً من الزمان. وسيتذكر الجميع أن بريطانيا دعمت الحركة الصهيونية من خلال وعد بلفور عام 1917 ثم حاولت مقاومة النتيجة المنطقية وهى ميلاد دولة يهودية.. وبعد ساعات من إعلان ديفيد بن جوريون تأسيس دولة إسرائيل عام 1948. دخلت الدولة الوليدة فى حرب مع جيرانها العرب، وانتصرت فى هذه المرة، وفى 1967، ثم دخلت حربا أخرى فى 1973، واستولت على الضفة الغربية ومرتفعات الجولان وغزة والقدس الشرقية. ولا يزال هذا الإرث يحكم سياسات المنطقة فى السراء والضراء، لكن الإسرائيليين يمكنهم الفخر بدحر العديد من التهديدات لوجود دولتهم.
كما أن إسرائيل، التى تعد الدولة الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط، استطاعت تحقيق نجاح اقتصادى أكثر بكثير من جيرانها مع الأخذ فى الاعتبار المساعدات المقدمة لها من الولايات المتحدة ويهود الشتات. وأصبحت هذه الدولة التى قامت فى صحراء تستخدم تقنيات زراعية قديمة مثل الرى بالتنقيط أحد رواد العالم فى مجال الملكية الفكرية. يقول مارك ريجيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت إن الصورة المثالية للإسرائيلى فى الخمسينيات كانت المزارع المقاتل مثل موشيه ديان أو إرييل شارون، لكنه الآن صاحب شركات تكنولوجية يبيع أعماله لشركة مايكروسوفت.
يعتقد ريجيف أن إسرائيل أصبحت أكثر تسامحاً مما كانت عليه أيام جولدا مائير رئيسة الوزراء السابقة، وينكر وجود هوية فلسطينية فيما مضى، ويقول: "نحن الآن نقبل أن يكون للفلسطينين دولتهم الخاصة"، و"بينما رفض العالم العربى قبول حق إسرائيل فى الوجود، فنحن الآن نتحاور مع نصف العرب، ولدينا علاقات دبلوماسية كاملة مع ثلاث دول عربية أهمها مصر والأردن، كما أن الجامعة العربية تتحدث عن السلام مع إسرائيل. ورغم كل هذه الحقائق، فإن الأمر ليس بسيطاً بالنسبة لسكان سيدرون هذه المدينة التى أنشأت فى الخمسينيات وتفقد الآن الكثير من سكانها بسبب صورايخ القسام، كما أن الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد يسعى لامتلاك سلاح نووى، وأعرب عن رغبته فى محو إسرائيل من خريطة العالم.
ويرى دانى ياتوم عضو الكنيست الإسرائيلى عن حزب الليكود والرئيس السابق للموساد أن إيران هى التهديد الوحيد الذى لا تستطيع أن تحيا معه إسرائيل. وقد أظهر استطلاع للرأى أن اغلب النخبة الإسرائيلية من الأكاديميين ورجال الأعمال قد يغادرون إسرائيل إذا تم التأكد من أن إيران مسلحة نووياً. لكن إيران حتى الآن مجرد كابوس أكثر من كونها تشكل تهديداً وشيكاً.
وما يبدو واضحاً هو أن إسرائيل ليست دولة عادية. "نحلم أن تكون دولة عادية" يقول إيزاك هيرزوج وزير الشئون الاجتماعية. ومن السهل أن نجد مظاهر الحياة العادية فى تل أبيب حيث توجد الأسواق التجارية والاتجاهات الثقافية المختلفة. لكن المسئولين الإسرائيليين يحذرون من أن حزب الله فى جنوب لبنان قد أعاد تسليح نفسه بشكل مكثف منذ الهجوم الفاشل الذى شنه أولمرت عليه قبل عامين، ويمتلك الحزب صورايخ قادرة على الوصول إلى أكبر المدن الإسرائيلية.. ويقول هيرزوج أن الإسرائيليين لا يمكنهم أن ينسوا الهجمات الإرهابية أو تهديدات أحمدى نجاد.
أثبت الهجوم الإسرائيلى على لبنان، وما أعقبه من استيلاء حماس على قطاع غزة أن الانتصارات العسكرية السهلة التى تحققت فى العقود الماضية قد انتهت. ويقول أحد خبراء الإرهاب الإسرائيليين إن الشعب الإسرائيلى يخشى التورط فى مواجهات فى غزة أو جنوب لبنان مع جماعات ليس لديها ما تخسره. "لقد ضربنا حزب الله بقوة، لكننا لم نتمكن من هزيمته.. والإسرائيليون لم يعتادواعلى ذلك".