هل حان وقت رد الاعتبار للرئيس الراحل أنور السادات، بعدما لحقت سوريا ـ آخر الممانعين العرب ـ بقطار التفاوض الثنائى المباشر مع إسرائيل، الذى كان السادات أول من ركبه وأياً كانت نتيجة التفاوض؟.
السادات الذى اغتيل فى عام1981، كنتيجة غير مباشرة لإبرامه اتفاق سلام مع إسرائيل فى العام الذى سبقه، نالته نعوتاً وأوصافاً واتهامات غير مسبوقة فى التاريخ تراوحت بين "الخيانة" و"العمالة" و"التفريط" .. إلخ. فهل تبدلت معايير التفاوض – الخيانة -؟
د. عماد جاد، الخبير فى شئون الصراع العربى ـ الإسرائيلى، يجيب: الذين خونوا السادات تحت شعار القومية العربية قبل أكثر من30 عاماً هم من يبدولون الآن معايير التخوين ويقبلون بها.
وأضاف: لكن المسألة تبقى ذات شقين: أحدهما يتعلق بالنظم، والثانى يتعلق بالقوميين أنفسهم، والأولى بعد 30عاماً على مبادرة السادات أدركت أنه لا بديل عن التفاوض، وظهر هذا فى عدة مبادرات عربية بعد اغتيال السادات نفسه بقليل، وجاءت أولى المبادرات من قبل الملك فهد بن عبد العزيز عاهل السعودية الراحل عام 1982، والثانية ظهرت فى قمة بيروت عام 2002، والثالثة طرحتها قمة الرياض 2007.. تدريجياً اكتشف العرب أنه لم يعد هناك سبيل لتخوين المفاوضات. أما الشق الثانى وهو ما يتعلق بتراجع القوميين العرب الذين أصبح الصراع بالنسبة لهم صراع حدود وليس وجوداً، حيث اختلفت الكثير من المعايير.
المفاوضات كانت مجرمة من حيث المبدأ، وأصبحت الآن البديل الوحيد المطروح، لكن هذا ما أدركه السادات ببصيرته السياسية والاستراتيجية منذ دهر.
محمود جامع أحد أصدقاء الرئيس السادات والمقربين منه يقول: إن مسألة رد الاعتبار للرئيس السادات لم تعد الآن بحاجة إلى تقديم أى مبررات من قبل أى طيف سياسى، سواء كان القوميين أو حركات الإسلام السياسى. فمن المؤكد أنه يجب رد الاعتبار لهذا الرجل الذى قدم لمصر الكثير وجعلها بمنأى عن الصراع العسكرى المزمن، لكن الذين يراهنون على العروبة فمن المؤكد أنهم ـ حتى مع إفلاس مشروعاتهم القومية ـ لن يعترفوا بما قام به السادات وسيبقون على تشويه صورته من منطلق أن ما قام به فى النهاية أضر بالعروبة التى يحملون راياتها حتى وهم يشهدون بأم عينهم اليوم مدى بصيرته وسبقه لعصره بعقود من الزمن.
الجماعة الإسلامية فى مصر التى اغتالت الرئيس السادات عام 1981، أعلن قادتها مؤخراً أنه لو عاد بهم الزمن للخلف لم يكونوا ليقدموا على هذه الخطوة تحت أى ظرف من الظروف، أما جماعة "الإخوان المسلمين"، والتى هاجمت السادات بضراوة بسبب تفاوضه مع إسرائيل، فيبدو أنها تتراجع لكن بخجل عن مواقفها السابقة من الرجل.
د. محمد نصار، أستاذ الفلسفة الإسلامية والقيادى الإخوانى، قال: إن الجماعة لم تخن الرئيس السادات بالأسلوب الذى خونه به الآخرون ولكن لدينا قناعة بأن السياق مختلف تاريخياً فى الجانب العربى، لكنه لا يختلف من جانب إسرائيل التى لا تتفاوض بدون أن يكون هناك مقابل باهظ.
وأضاف نصار، اعتراضنا على الرئيس السادات فقط أنه لم يستغل النصر العسكرى الذى تحقق عام 1973.
مع تبدل معايير "التخوين".. مطلوب رد الاعتبار للسادات
السبت، 31 مايو 2008 08:21 ص
الرئيس الراحل أنور السادات
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة