فتحى الشوادفى

ثقافة البغبغة والزن على الدماغ

الجمعة، 30 مايو 2008 12:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعانى العقل العربى من حالة زهايمر أفقدت بعض مثقفيه القدرة على التمييز. وأمسى الوقوف على الرأس اعتدالاً، و الدلالات المزيفة واقعية، وإهمال أصول المعانى تطوراً ، وانتقلوا بحسن أو سواء نية من تحفيز الهمم إلى خانة تكسير المجاديف ومن خانة صناع الرأى لخانة البغبغة من بغبغان، وتحولوا بقدرة قادر من باحثين عن الحقيقة لمزيفين للواقع أو على اقل تقدير مروجين للأكاذيب.

يريدون لنا وتحت إلحاح إعلام الزن على الدماغ الذى هو أمر من السحر، أن نرتعب من حزب الله الشيعى باعتباره سرية هجوم إيرانى فارسى على العرب السنة الطيبين الذين غنوا "خلى السلاح صاحى" واكتشفوا أن السلاح يحتاج إلى إصبع ولكن بكل أسف فالإصبع يرتع فى مكان يعرفه نزار القبانى، فإذا وضع عربى الإصبع على المدفع صار إرهابياً وعميلاً إيرانياً حتى لو كان من حماس السنية السلفية ، وحتى إذا دعمهم مسيحى مارونى أو درزى فهو جزء من المؤامرة الشيعية على السنة الطيبين الذين تباركهم وتحميهم أمريكا وإسرائيل.

وحتى تكتمل الصورة فلابد أن تكون المقاومة شيعية وطبعاً فالشيعة مارقون خارجون على الدين وفقاً لمنظومة قلب الحقائق التى جعلت من مجرد الدعوة لنصرة الشيعى المظلوم غير جائزة شرعاً، وبالتالى فالمقاومة حرام ، وحتى تكتمل الصورة فلابد من إسقاط أية صفة غير الصفة الشيعية على كل أفعال واهتمامات حزب الله. فالوطن الذى يبحثون عنه ليس إلا وطناً للشيعة والأسرى الذين يناضل حزب الله للإفراج عنهم تحولوا بقدرة قادر إلى شيعة فقط حتى لو كان سمير القنطار الدرزى الناصرى.

يريدون لنا وتحت إلحاح إعلام الزن على الدماغ، أن نتذكر ديكتاتورية صدام حسين وننسى ما يفعله الاحتلال الأمريكى فى العراق وأن نتعامل معه على أنه ضريبة الديمقراطية والتحرر، ويريدون لنا أن ننسى أن انهيار دولة العراق على أيدى القوات الأمريكية وبمعاونة الدول المحذرة من التمدد الشيعى كان أهم أسباب هذا التمدد وأن المحذرين من الإمبراطورية الإيرانية قدموا لإيران أكبر خدمة بإسقاط الدولة الوحيدة التى كانت قادرة على التصدى لإيران وتركوها قوة وحيدة بين دول تنفق على التسلح أضعاف ما تنفقه إيران ومع ذلك لا تمتلك قوة عسكرية نصف قوة حزب الله.

يريدون لنا وتحت إلحاح إعلام الزن على الدماغ، أن نقتنع بأن حركة حماس مسئولة عن معاناة الفلسطينيين وأنها مجرد حركة إرهابية لا تصلح للحكومة مع أن السادة المعتدلين سبق لهم وألحوا على حماس بترك السلاح والاحتكام للديمقراطية وعندما استجابت لهم ونالت أصوات الفلسطينيين لتحكمهم عاقبوها وعاقبوا الشعب الذى انتخبها وطالبوها بالتنحى بعيداً لأنها ضمن الحلف السورى الإيرانى، ولا يجوز لها التمتع بفضيلة الديمقراطية. ولكن العقلاء الجدد لم يقولوا لنا لماذا تمسكوا بحكومة السنيورة فى لبنان لأنها حكومة الأكثرية وحاربوا حكومة حماس مع أنها أكثر أكثرية.

يريدون لنا وتحت إلحاح إعلام الزن على الدماغ، أن نمحو حقائق التاريخ ونغض النظر عن الواقع الذى نراه ونركز على واقع يرونه هم وأن نستسلم لدلالات غير التى نعرفها، فكل مشروع مقاومة هو مؤامرة خارجية مع أن "الخارجية" تعلن مؤامراتها وتختار عملاءها جهاراً نهاراً.

يريدون لنا وتحت إلحاح إعلام الزن على الدماغ، أن ننسى أن المقاومة فى العراق وفى لبنان وفى فلسطين مشاريع وطنية وليست طائفية، وعلينا أن ننسى الجنوب اللبنانى الذى احتضن آلاف الشهداء منهم الشيوعى والناصرى والبعثى إلى جانب شهداء أمل وحزب الله ، وعلينا أن ننسى أن المقاومة فى العراق وطنية تضم أطياف الشعب العراقى وموجهة ضد الاحتلال الأمريكى وليست حرباً طائفية بين السنة والشيعة، وعلينا أن ننسى أن فلسطين محتلة وأن ثلاثة عقود من الجلوس على موائد المفاوضات لم تسفر عن سلام.

ولكن الحقيقة المؤكدة أن المقاومين لن ينسوا ولن يتأثروا لأنه وبحمد الله لا الفضائيات ولا الإنترنت ولا الصحف تصل الخنادق، أما نحن فقد رأينا أن مقاومة حزب الله الشيعية حصلت من إسرائيل ما لم يحصل عليه المعتدلون، وأن المقاومة السنية فى فلسطين مازالت قادرة على الاستمرار ومازالت "معوجة " فيما انتكست حكومات وجيوش "فـانعدلت"، وأن المقاومة العراقية أجهضت مشروع الشرق الأوسط الأمريكى.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة