هل كان يتوقع نقيب الممثلين الدكتور أشرف زكى أن مجرد إعلان القرارات التى أخذها فيما يتعلق بتحديد نشاط الممثلين العرب فى الأعمال الفنية فى مصر سيكون له كل ردود الأفعال هذه، التى كان آخرها البيان الصادر عن الجامعة العربية والرافض لهذه القرارات؟ يبدو أنه لم يكن يدرك أن الأمور قد تصل إلى هذا الحد، فقد تعدت حدود مصر والعالم العربى ليصل صداها إلى الصحافة العالمية. فها هى جريدة لوفيجارو الفرنسية تنشر مقالا 30 أبريل الماضى حول هذا الجدل الذى تعدى اليوم المجال الفنى ليحمل أبعادا أخرى.
صناعة السينما تخسر!
"إنها فكرة غير عاقلة وغبية"، كان هذا تعليق مروان حامد، مخرج فيلم عمارة يعقوبيان، الذى لا يفهم لماذا تريد نقابة الممثلين وضع قيود على نشاط الممثلين العرب فى مصر، الذى يزداد عددهم بالفعل فيها. كان نقيب الممثلين قد أصدر قراراً بمنع الفنانين العرب من الاشتراك فى أكثر من عمل مصرى واحد (فيلم أو مسلسل تلفزيونى) فى العام، إذ يرى "أن العديد من العرب الذين يأتون للعمل فى المجال السينمائى يأخذون بذلك مكان الفنانين المصريين الذين تخرجوا من المعهد العالى للسينما والمعهد العالى للفنون المسرحية". أدى هذا الإجراء إلى إثارة الجدل حوله داخل المجال السينمائى فى مصر، حيث يصفه البعض "بالعنصرية"، فى حين يعرب البعض الآخر عن قلقه تجاه النتائج الاقتصادية والفنية لهذه القرارات على صناعة السينما فى مصر.
ثرواتنا الفنية
ويستكمل مروان حامد مستنكرا هذه الإجراءات: "لا أدرى ما الذى يخفيه هذا القرار، ولكنه لا يحمل أى معنى من وجهة النظر الفنية. يعرف الفنان من موهبته وليس من جنسيته، فلا أحد ينكر موهبة الفنانة التونسية هند صبرى بطلة فيلم عمارة يعقوبيان. بأى حق إذن تمنع مثل هذه الموهبة من العمل؟ ". ثم يؤكد على أن هذا التيار من الممثلين العرب يعكس ازدهار صناعة السينما فى مصر وتفاعلها مع العالم العربى. "نحن نعتمد اليوم على التمويل العربى وتوزيع الأفلام فى الدول العربية فى المنطقة. إن كثيراً من أبطال السينما المصرية قديما، مثل فريد الأطرش، لم يكونوا مصريين. وهذا ما يصنع ثروتنا الفنية".
كانت هوليوود العرب!
يحذر المخرج الشاب مروان حامد : "إذا لم يتركوا لى حرية اختيار أفضل الممثلين لأفلامى، لن أقوم بالتصوير أبدا فى القاهرة". ولم يثر وضع أسماء الفنانين العرب، خاصة التونسيين واللبنانيين والسوريين، على قمة الأفيشات، أى جدل حتى الآن فى مصر التى تفتخر بكونها "هوليوود العرب"، والتى مرت بعصرها السينمائى الذهبى فى الأربعينيات والخمسينيات، عندما كانت تنتج ما يقرب من مئة فيلم فى العام. انحدرت بعدها السينما المصرية لتعود مرة أخرى فى السنوات الأخيرة من حيث الكم والكيف.
حجاب الفن
من ناحية أخرى يقول بعض المنتجين والمخرجين إنهم يلجأون إلى الممثلين العرب نتيجة لرفض زملائهم المصريين القيام ببعض الأدوار لأسباب دينية. منذ عشر سنوات، ارتدت عدة ممثلات مصريات الحجاب، واعتزلت بعضهن العمل الفنى للتفرغ للعبادة. فى حين أن البعض الآخر مثل حنان ترك لا تقبل الآن سوى الأدوار التى تتلاءم معها بعد قيامها بارتداء الحجاب. يفسر الناقد يوسف شريف رزق الله هذا الأمر قائلا: "يعكس تطور المجتمع المصرى. لقد استورد المصريون الذين عاشوا فى السعودية ودول الخليج أسلوب حياة وفكراً امتد تأثيره إلى السينما : ممنوع القبلات على الشاشة، ممنوع ارتداء الملابس غير اللائقة، وما إلى ذلك".
وتقول المنتجة ماريان خورى، ابنة أخت يوسف شاهين، آسفة: "إن أسلوب السينما النظيفة يفقر الإبداع". هل كان المخرج مروان حامد سيجد ممثلة مصرية تقبل القيام بمشاهد الإثارة الجنسية غير المباشرة فى "عمارة يعقوبيان؟" فى الوقت الذى صرحت فيه الحكومة عن تحفظها قانونيا على قرار عدم مشاركة العرب سوى فى عمل واحد فى العام.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة