باقٍ من الزمن شهران على انتهاء الدورة البرلمانية لمجلس الشعب، ومازال هناك عدد من مشروعات القوانين المهمة التى كان الرأى العام والنواب ينتظرون مناقشتها وإقرارها من المجلس، ويعيب البعض على الدور التشريعى للمجلس أن مدته الزمنية قصيرة، حيث لم يمارس البرلمان خلال هذه الفترة النظر فى القوانين إلا خلال الشهر الأخير. ومع تبقى شهرين للدورة البرلمانية، يصبح إجمالى الوقت المخصص للتشريع ثلاثة شهور، مع الأخذ فى الاعتبار أن الموازنة العامة للدولة سوف يتم مناقشتها. وبحسبة بسيطة إذا كان المجلس يعقد فى المعدل العادى 6 جلسات كل أسبوع، فإن المجلس أمامه 24 جلسة فقط.. فهل هذه الجلسات كافية لإقرار التشريعات التى وعدت الحكومة بتقديمها للمجلس؟!
قانونا المرور والطفل
قبل الإجابة على هذا التساؤل يجب الإشارة إلى نقد عدد من النواب المستقلين والمعارضين للدور التشريعى للمجلس، واعتباره تحولاً من سلطة تشريعية إلى أداة للتشريع، بمعنى أن المجلس لا يشرع إلا القوانين التى تتقدم بها الحكومة، ولا يشرع القوانين التى يتقدم بها النواب، ويستدل النواب على ذلك بأن أدراج لجنة الاقتراحات والشكاوى ممتلئة بعدد من مشروعات القوانين للنواب لم يتم مناقشتها، وحتى تلك التى نوقشت يتم تحويلها للجان المختصة وتقف عند ذلك الحد ولا تأخذ مسارها التشريعى الطبيعى بالمجلس.
وفى محاولة لقراءة القوانين التى من المفترض أن يناقشها المجلس خلال الشهرين المقبلين، يتضح أن "قانون المرور"، الذى يلقبه النواب بقانون "العقوبات"، سيكون أول ما سيناقشه المجلس، ومن المتوقع أن يكون خلال الجلسات المقبلة. ويحتاج قانون المرور لمناقشات مستفيضة من النواب، خاصة أن هناك معارضة شديدة لبعض مواده بسبب تغليظ العقوبات فيه، والتى يراها النواب أنها إجحاف وتعنت للمواطنين.
وهناك أيضاً "قانون الطفل" الذى أقره مجلس الشورى ولم تبدأ اللجنة التشريعية بمجلس الشعب فى مناقشته، وهو أيضاً يعتبر من القوانين المهمة التى تحتاج إلى مناقشة مستفيضة من النواب، حيث إن هناك تحفظات على عدد من مواده من جانب نواب المعارضة والإخوان.
قانون نقل الأعضاء
ومن القوانين الجاهزة لطرحها على مجلس الشعب "قانون نقل وزراعة الأعضاء"، والذى بدأت لجنة الصحة بالبرلمان فى مناقشته منذ إجازة الدورة البرلمانية الماضية، واستكملت المناقشة خلال الدورة الحالية، وأعدت حوله تقرير لعرضه على المجلس، ثم قام الدكتور سرور بتحويله منذ أكثر من شهرين للجنة التشريعية لدراسة مدى مواءمته مع الدستور والقانون، ولم تجتمع اللجنة التشريعية مرة أخرى لمناقشته، وهو ما يعنى أن القانون لن يتم إقراره هذه الدورة بنسبة كبيرة، رغم أن هناك حماساً كبيراً من النواب، خاصة أعضاء لجنة الصحة. لكن رئيس المجلس يخشى من المعارضة الشديدة لنواب المعارضة والإخوان ونواب من الوطنى حول المادة 11 من القانون، والمرتبطة بتحديد سبب وفاة جذع المخ.
قانون الإرهاب
أما القانون الذى يتأهب الجميع لمناقشته، وفى الوقت نفسه تتساوى احتمالات عدم تقديمه، هو "قانون الإرهاب" الذى يفرض التوقيت ضرورة حسم الأمر بالنسبة له، حيث إن العمل بقانون الطوارئ ينتهى فى 31 مايو، وبالتالى يجب على الحكومة إما أن تمد العمل بقانون الطوارئ مدة أخرى ولو عام، أو أنها تتقدم بقانون الإرهاب الذى وعدت الحكومة بأن تجرى حوله مناقشة مجتمعية موسعة. ويرى المراقبون أن الحكومة فى مأزق سياسى كبير، حيث إن الوقت لا يسعفها لإجراء المناقشات الموسعة والحوار المجتمعى حول قانون الإرهاب، وبالتالى فأنها فى حالة تقدمها به سيكون قانون صناعة خارجية منقولاً عن إحدى الدول، وإذا كانت بعض المصادر الرفيعة داخل الحزب الوطنى تؤكد أن صياغة مواد القانون جاهزة، وأنه تم مناقشته داخل الحزب على مستوى قيادى، معتبراً أن الحوار المجتمعى ما هو إلا "صورة ديكور"، حتى لو تم إجراؤه كما حدث من قبل مع التعديلات الدستورية، التى عقدت لها سلسة من جلسات الاستماع فى مجلسى الشعب والشورى، وتم الاستماع لخبراء فى القانون من مختلف التخصصات، ثم كانت النتيجة لا شىء وتم إقرار التعديلات كما جاءت من الحكومة باستثناء تغيير "فاصلة أو نقطة".
إذن السؤال الآن، لماذا لم تتقدم الحكومة بقانون الإرهاب؟، وقد ترتبط الإجابة عن هذا التساؤل بأن انتهاء العمل بقانون الطوارىء، يفرض عليها الإفراج عن جميع المعتقلين فى السجون المصرية، وهو مأزق سياسى غير مقبول من الناحية الواقعية، خاصة مع حالة الحراك السياسى التى تعيشها مصر حالياً. وبالتالى فإن الاحتمال الأقرب إلى التطبيق هو أن تتقدم الحكومة بمد العمل بقانون الطوارىء، على اعتبار أن الوقت غير كافٍ أمامها لمناقشة قانون الإرهاب، ولكن ماذا سيفعل نواب الوطنى الذين أقسموا بعدم الموافقة على تمديد حالة الطوارىء مرة أخرى؟.
قانون العلاوة الاجتماعية
من المتوقع أيضاً أن يناقش المجلس قانون "إقرار العلاوة الاجتماعية" التى أمر بها الرئيس خلال احتفال عيد العمال بنسبة 30%، وهى تحتاج لقانون لأنها تتعلق بأوضاع العاملين بالدولة والحكومة. وإذا كان هذا القانون لا يحتاج سوى جلسة لإقراره لأنه لا يلقى معارضة عموماً من حيث المبدأ، إلا أن نواب المعارضة سيطالبون بزيادات أكثر، خاصة أن هناك نواباً متقدمين بقوانين مماثلة موجودة فى لجنة الاقتراحات والشكاوى.
قانون الإدارة المحلية
ومن أبرز القوانين التى يتوقع أن تقدم مشروعات لها "قانون الإدارة المحلية"، الذى تم تأجيل انتخابات المحليات فى 2006ومد العمل بالمجالس المحلية وقتها، بدعوى أن الحكومة ستتقدم به من أجل تفعيل دور المجالس والوحدات المحلية ورفع كفاءتها. وكان أول من ردد تلك الأسباب الدكتور عبد الأحد جمال الدين ممثل الأغلبية وكمال الشاذلى.
قانون الحقوق السياسية
هناك أيضاً قانون "مباشرة الحقوق السياسية"، الذى سيعيد النظر فى النظام الانتخابى طبقاً لما أقرته التعديلات الدستورية، إلا أن المراقبين يجدون أنه لا يوجد مبرر قوى لتقديم هذا القانون، خاصة مع نجاح الحكومة فى تطبيق سياسة المنع من المنبع فى انتخابات المحليات التى أجريت بالنظام الفردى، وبالتالى فإن أى انتخابات قائمة بالشكل الفردى لن تخيف الحكومة، وحتى إذا أرادت تغيير شكل الانتخابات من فردى إلى قائمة، فإن الأمر ليس ملحا على الحكومة ولا يشكل لها ضرراً من عدم إقراره خصوصاً أن انتخابات مجلس الشعب غير واردة على الأقل فى الأفق.
قوانين أخرى تنتظر
هناك مجموعة من القوانين الأخرى التى ينتظر أن تطرح مشروعاتها على المجلس، وهى: "قانون حرية تداول المعلومات" الذى أعلن وزير الاتصالات عن التقدم به، وكذلك "قانون التأمينات" و"قانون الوظيفة العامة". كما أن هناك "قانون التأمين الصحى" والذى ينتظر الجميع إقراره هذه الدورة، خاصة أن لجنة الصحة بمجلس الشعب عقدت عدة جلسات استماع له، لكنها توقفت.
ويضاف إلى ما سبق "القانون النووى" الذى كان يجب أن تتقدم به الحكومة لمواكبة الاتجاه الجديد بشأن إنشاء محطتين نوويتين والدخول فى مجال تصنيع الطاقة النووية.
وأخيراً، إذا كانت كل هذه القوانين لم تتقدم بها الحكومة، فإن الوضع التشريعى للمجلس سيكون هذه الدورة غير مبشر، وسيكون الاتهام الموجه للحكومة أنها أخلفت وعودها كثيرا وهو ما يمكن اعتباره استمراراً لمسلسل الإخفاقات الحكومية.
قبيل انتهاء الدورة البرلمانية..
أين مشروعات القوانين التى وعدت بها الحكومة؟
السبت، 03 مايو 2008 10:41 ص