"ليس أمامنا سوى أحد حلين إما أن نلغى التعليم الدينى تماماً ونكون دوله علمانية مدنية أو نكون دوله دينية مدنية, وبالتالى نسمح بإنشاء الجامعة الكاثوليكية فى مصر" هكذا علق ممدوح نخلة الناشط الحقوقى بعد أن أعلنت الكنيسة الكاثوليكية مؤخراً عن عزمها على إنشاء جامعة كاثوليكية خاصة يمولها رجال أعمال مسيحيون، وعلى الرغم من أنه لم يتم الإعلان بعد عن تصور نهائى لكليات الجامعة وما المواد التى ستدرس بها إلا أن فكرة إنشائها أثارت عدداً من التساؤلات حول الهدف من إنشاء جامعة مسيحية فى مصر، وهل ستكرس هذه الفكرة للطائفية فى مصر أم أنها خطوة على طريق احترام التنوع الدينى والثقافى فى المجتمع المصرى. اليوم السابع طرحت هذا التساؤل على عدد من المسئولين والمفكرين ورجال الدين المسلمين والمسيحيين.
" بدأ الأب رفيق جريش المتحدث باسم الطائفة الكاثوليكية فى مصر كلامه قائلاً:
"هناك170 مدرسة كاثوليكية فى مصر تخدم أكثر من 70 % من المسلمين بل وتخرج منهاكبار المسئولين فى الدولة مثل يوسف بطرس غالى و ممدوح البلتاجى وأيضاً عصمت عبد المجيد"؛ ويرى الأب رفيق أن الكنيسة لديها الخبرة التى تمكنها من إقامة الجامعة بل وضمان نجاحها باعتبارها امتداداً لدور الكنيسة فى مجال التعليم ويؤكد جريش أن الفكرة فى حد ذاتها ليست جديدة "فمنذ أكثر من عشر سنوات طرحت الكنيسة الكاثوليكية فكرة إنشاء الجامعة لكنها تعطلت بسبب وفاه المطران الذى كان سيهب الأرض لإقامة الجامعة ولسفر أحد القائمين على الفكرة إلى لبنان"
وبينما ينفى جريش أن تكون فكرة إنشاء الجامعة نوع من ردة الفعل على عدم استيعاب الأزهر لطلاب مسيحيين وعدم وجود جامعة موازية للأزهر. يرى الناشط الحقوقى ممدوح نخلة أن تطبيق مبدأ المساواة يستدعى السماح للطوائف الأخرى بإنشاء جامعات خاصة بهم "والجامعة الكاثوليكية ستتميز عن الأزهر فى قبول جميع الطلاب سواء المسلمين أو المسيحيين" وهى الفكرة التى يعترض عليها المفكر القبطى جمال أسعد، فالقضية بالنسبة له ليست جامعة مسيحية مقابل جامعة إسلامية "هذه الفكرة تكرس للطائفية وتحول مصر إلى لبنان آخر، وهذا مناخ غير صحى ولا يصلح فى مصر" وأضاف أن هناك كليات إكليريكية فى مصر لتعليم الدين المسيحى "ما الحكمة فى إنشاء الجامعة؟"
وكانت الكنيسة الكاثوليكية قد أعلنت أنه فى حال الانتهاء من إعداد فكرة الجامعة بشكل نهائى سوف يتم عرض الأمر على وزارة التعليم العالى للحصول على ترخيص لإنشائها؛ الأمر الذى يصفه الدكتور على رضا- مستشار وزير التعليم العالى ورئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام- بغير المقبول "لا أفهم لماذا تسعى الكنيسة الكاثوليكية لإنشاء جامعة على الرغم من أن الطائفة الكاثوليكية فى مصر محدودة العدد" وأضاف رضا أن الموقف من إنشاء مثل هذه الجامعة يجب أن يكون مرهوناً بحاجة المجتمع المصرى لها وما الذى ستضيفه للتعليم العالى وما نوعية التعليم الذى ستقدمه، لكنه أبدى اعتراضاً على تسمية الجامعة بالكاثوليكية "هذا يؤدى إلى التحزب الدينى، والأزهر لا يسمى بالجامعة الإسلامية".
د. حاتم البلك ـ أمين المجلس الأعلى للجامعات الخاصة ـ أشار إلى أن وزارة التعليم العالى لم تتلق أى اقتراحات بهذا الشأن مؤكداً على أن الأمر متروك لمجلس الجامعات فى ظل الضوابط والقوانين، وأضاف "لا يوجد بقانون إنشاء الجامعات الخاصة ما ينص على إنشاء جامعة على أساس دينى".
على الجانب الآخر بدت فكرة إنشاء جامعة "كاثوليكية" مثيرة لانتقاد بعض رجال الدين من طوائف أخرى فالقمص صليب متى ساويرس عضو المجلس الملى للأقباط الأرثوذوكس رفض التعليق على الفكرة مبرراً ذلك بأن الكنيسة الكاثوليكية فرع من فروع الفاتيكان وأضاف "نحن لا نعلم توجهاتها وعلاقاتها بمصر" , لكنه أكد على أنه لا يصح أن تؤسس الجامعات على أساس دينى بل لابد أن يتاح التعليم للجميع" أما كمال زاخر منسق عام جبهه العلمانيين الأقباط فيرى أن إنشاء الجامعة الكاثوليكية يرسخ قواعد المواطنة ويؤكد السلام الاجتماعى وأضاف"خبرة الكنيسة الكاثوليكية فى التعليم تبشر بنجاح الجامعة بل وارتفاع المستوى التعليمى بها" وتوقع زاخر أن يكون الإخوان المسلمين فى مقدمه صفوف المعترضين على إنشاء الجامعة المسيحية.
وخلافاً لتوقعات زاخر أكد على لبن ـ عضو لجنة التعليم بمجلس الشعب عن كتلة الإخوان المسلمين ـ على ترحيبه بفكرة إنشاء الجامعة "لا مانع فى ذلك وهناك العديد من المدارس الكاثوليكية التى تخدم المسيحيين والمسلمين أيضاً" وأضاف أنه تمت الموافقة على إنشاء الجامعة الأمريكية فى مصر بالرغم من ترويجها لأفكار أوروبية غريبة على المجتمع المصرى، فلا مانع من إنشاء جامعة مسيحية حتى لو كانت لتدريس علوم دينية "من حق الكنيسة أن تجد مكاناً تدرس فيه علومها لتخرج واعظين لشرح هذا الدين".
وهو ما اتفق معه السيد عسكر- عضو مجلس الشعب عن كتلة الإخوان المسلمين- الذى يرى أن هذا حق مشروع للكنيسة الكاثوليكية ويقول "لا أرى أنه هناك مشكلة فى مسمى الجامعة المسيحية ويجب الاهتمام أولاً بما يتم داخل هذه الجامعة وليس مسماها" الآراء غير المتوقعة لأعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين لم تفاجئ ممدوح نخلة الناشط الحقوقى حيث قال "إنهم يدعمون التعليم الدينى ورفضهم لإنشائها يعنى أن لديهم ازدواجية فى المعايير" بينما يعلق الدكتور إكرام لمعى
ـ رئيس لجنه الإعلام فى الطائفة الإنجيلية ـ قائلاً "إما أن تقبل جامعة الأزهر الطلاب المسيحيين فى كليات كالطب أو الهندسة وغيرها، أو تقتصر على التعليم الدينى وبالتالى لا يكون هناك ما يستدعى إنشاء جامعة مسيحية تتشابه فى دورها مع دور الأزهر وتستوعب طلاباً يرفض الأزهر استيعابهم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة