قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن غلاء الأسعار دفع المصريين إلى منافسة المواشى للحصول على الخبز، وذلك فى الحلقة الأولى من سلسلة تقارير خصصتها الصحيفة لمتابعة تداعيات أزمة الغذاء العالمى على الوضع فى مصر، والتى اعتمدت فيها على شهادة عينات من رجل الشارع المصرى.
وأشارت الجارديان إلى أن ثمة مقولة مأثورة يرددها المصريون وهى "أن لا أحد يموت جوعاً فى مصر". إلا أن مشكلة الجوع فى مصر تفاقمت لتصل إلى مستويات غير مسبوقة وغير متوقعة مع ارتفاع أسعار البترول والحبوب فى العالم لترتفع معها أسعار الأرز والمكرونة التى كان الفقراء يعتمدون عليها فى غذائهم، ليركزوا على السلعة الوحيدة التى لا غنى عنها لأى مصرى سواء فى الطبقات الفقيرة أو المتوسطة ألا وهى الخبز المدعم ردىء الجودة ـ على حد وصف الصحيفة ـ والذى يعيش عليه نصف عدد سكان مصر الذين يعيشون بأقل من دولار فى اليوم.
وتؤكد الجارديان أن أزمة رغيف الخبز فى مصر هى موضوع الساعة الذى يفرغ فيه المصريون طاقة الغضب العارمة المختزنة بداخلهم من فشل السلطات الرسمية ولامبالاة المسئولين، وهذا يضاف على الأزمة التى أسفرت عنها محاولات الحكومة لإصلاح نظام دعم السلع الغذائية والذى يلتهم الجزء الأكبر من ميزانية الدولة والبنود المخصصة للصحة والتعليم فضلاً عن سعى الحكومة لدعم الصادرات وزيادة الاستثمارات الأجنبية بزراعة الفواكه التى تصدرها لأسواق أوروبا على حساب القمح.
وقابل مراسل الصحيفة بعضاً من سكان حى المرج الذين يتكدسون بأعداد كبيرة فى الشقة الواحدة التى تحتوى على أثاث بالغ التقشف ويقارن بين هذا الحى وأحياء وسط القاهرة الفاخرة ومبانيها التى أقيمت على طرز المعمار الفرنسى والبلجيكى.
وتشكو تلك الشريحة من المصريين من أن دخولهم المحدودة التى كانت بالكاد تكفى احتياجاتهم الأساسية أصبحت الآن لا توفر لهم الحد الأدنى من الحياة، ويقولون " لا تسألوا عمن وراء هذه الأحوال التى نعيشها، فأنتم تعرفون من".
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس مبارك طالب كلاً من الجيش والسلطة بسد العجز فى إنتاج الخبز، وأن الحكومة قامت بشراء المزيد من القمح لترتفع الواردات هذا العام إلى أكثر من النصف، لكن أزمة الخبز جعلت البشر ينافسون المواشى حيث يقوم بعض أصحاب الأفران ببيع الخبز كعلف بأسعار تزيد على أسعار رغيف الخبز.
ويرى الخبراء أن أزمة الغذاء الحالية جاءت نتيجة ارتفاع أسعار البترول التى دفعت بمحاولات إنتاج الوقود الحيوى كبديل أرخص للطاقة.
وقالت الجارديان إن المصريين خرجوا إلى الشوارع فى مظاهرات غاضبة، احتجاجاً على الغلاء، إلا أن الغالبية تخشى المجاهرة بالغضب والاعتراض على سياسات الحكومة خوفاً من بطش سلطات الأمن، لذا أصبحت أصوات المعارضة المكتومة فى داخل الصدور تتردد فى كواليس الحياة الخاصة وبلغت الحد بالدعاء إلى الله بزوال نظام مبارك وحكومته والذى يرى هؤلاء أنه السبب وراء تفاقم أوضاع البلاد وإن كانوا لا يستطيعون تقديم تفسير لذلك سوى أنه يعطى باليمين لتأخذه الحكومة باليسار.
أما الإخوان المسلمون فهم قابعون فى خلفية الأحداث دون أن يحركوا ساكناً مما أثار خيبة الأمل بين مؤيديهم. ويقول عصام العريان أحد القياديين البارزين فى الجماعة أن تنامى الفساد وسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء وقضى على الطبقة المتوسطة.
ويضيف العريان أن سياسة الجماعة هى أن توضح للناس أن الأزمة سياسية قبل أن تكون اقتصادية. وفى ختام التقرير تنقل الصحيفة عن العريان قوله إن القوة الحقيقية فى مصر هى الجيش، وحذر من مخاطر وقوع انقلاب عسكرى على مستقبل البلاد ودعا إلى التفكير فى سبل تغيير الأوضاع الراهنة.
الجارديان: المصريون ينافسون "المواشى" على الخبز
الأربعاء، 28 مايو 2008 05:27 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة