وصف مستقبل الطاقة فى مصر بالـ "كارثة" هو الوصف الأمثل، بعد أن تسببت السياسات الخاطئة التى تتبعها الدولة فى تبديد ثروتها النفطية التى تعتبر مصدر الطاقة الرئيسى الآن، وبعد تعطيل مشروع إنتاج الكهرباء عن طريق المحطات النووية فى بداية الثمانينيات وتعليقه، حتى دق ناقوس الخطر منذراً بأزمة طاقة مقبلة إذا استمرت السياسات الحالية ـ خاصة أن البديل النووى كان سيساهم إلى حد كبير فى تقليل الاعتماد على الثروات النفطية من البترول والغاز، بدلاً من استهلاكها فى محطات توليد الكهرباء التقليدية التى تعتمد عليها مصر الآن.
الطاقة تنقسم إلى طاقة غير متجددة قابلة للنضوب فى أى وقت، حسب الاحتياطى الموجود منها، وطاقة متجددة لا تنضب، ولأننا بشكل عام لا نعتمد إلا على الطاقة غير المتجددة، فلابد من التفكير فى بدائل حقيقية.
البديل النووى يبدو الأنسب حالياً لتأمين احتياجات مصر من الطاقة، لرخص تكلفته، ولتوفر موارده لسنوات عديدة، إلا أن البدء فى تنفيذ المحطات النووية الآن يعنى دخولها الخدمة بعد 10 سنوات على الأقل، إن لم يتم تعطيل المشروع أو عرقلته بأى شكل، وهو ما يشكل - حال حدوثه - كارثة محققة ستؤدى إلى أزمة كبيرة فى الطاقة ستشهدها البلاد.
"البترول والغاز الطبيعى فى مصر.. إعادة قراءة فى مفردات الكارثة"، كان عنوان الورقة التى شارك بها الأستاذ الدكتور محمد رضا محرم فى مؤتمر "مستقبل الطاقة فى مصر"، وهاجم فيها السياسات التى تتبعها وزارة البترول بشكل أدى إلى تحول مصر إلى دولة مستوردة للبترول، عن طريق شراء حصة الشريك الأجنبى بالأسعار العالمية.
الطاقة المتجددة خيار مطروح كبديل مناسب للطاقة، روجت له الحكومة لفترة كبيرة، قبل أن يتجدد الكلام عن المشروع النووى ليتحول الاهتمام بالكامل إليه، كما أكد المهندس سمير محمود حسن الرئيس السابق لهيئة الطاقة المتجددة، موضحاً أن مصر تمتلك موارد طبيعية مهولة، تحقق لها الاكتفاء من الطاقة وتؤهلها لتصديرها كذلك، بشرط استغلال هذه الموارد خاصة الرياح والطاقة الشمسية. وأضاف حسن أن مصر تتميز بثراء واضح فى مصدر طاقة الرياح، إضافة إلى وجود مساحات شاسعة غير مأهولة تتيح إمكانات هائلة لإنشاء محطات الرياح وربطها بالشبكة القومية، بل وتصدير الطاقة الكهربائية إلى الدول الأوروبية من خلال شبكات الربط الإقليمى.
الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة فى الأماكن الغنية بها مثل طاقة الرياح بالشواطئ والطاقة الشمسية فى الأماكن الفسيحة مثل المدن الجديدة هى الحل الأمثل لمشكلة الطاقة، كما أشار الدكتور عصام متولى، كبير مستشارى الطاقة والبيئة بالأمم المتحدة بمصر والشرق الأوسط، موضحاً أن هذا يكون مفيداً بشكل أكبر فى الأماكن التى تبعد عن شبكة الكهرباء الموحدة بمسافات تزيد على 25 كيلومتراً، وطالب متولى بإعادة النظر فى مشروع منخفض القطارة لتوليد الكهرباء، الذى توقف دون أسباب منطقية، وشدد متولى على ضرورة الاعتماد على أهل الخبرة وإشراك العلماء والباحثين فى الأمور المتعلقة بهذا الموضوع للوصول إلى أحسن الطرق لاستخدام بدائل الطاقة، حسب التطبيقات المطلوبة والموارد المتاحة.
الوقود الحيوى المولد من النفايات هو أنسب البدائل من وجهة نظر الدكتور محمد رضا محرم، أستاذ هندسة واقتصاديات الموارد المعدنية بجامعة الأزهر، مع التوسع فى استخدام الغاز الناتج عنه كوقود للسيارات وللتدفئة فى المنازل، وأكد محرم رفضه استخدام الحبوب وغذاء الإنسان فى توليد الطاقة. مشيراً إلى المساحة الكبيرة التى يمكن أن يغطيها استخدام النفايات كبديل مناسب للطاقة، مضيفاً أن قش الأرز الذى يسبب حرقه سحابة سوداء كبيرة، يمكن استغلاله فى توليد طاقة تكفى لتدفئة منازل القاهرة بالكامل فى الشتاء بدلاً من تلويث سمائها.
النفط لن يكفى الأجيال القادمة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة