انتظرت دمشق حتى الذكرى الحادية عشرة لرحيل الكاتب المسرحى السورى سعد الله ونوس لتحيى ذكراه للمرة الأولى بشكل رسمى فى إطار برنامج "متواضع"، اقتصر على بعض النشاطات فى قرية حصين البحر الساحلية، مسقط رأس الأديب الراحل.
وأوضحت ابنة الكاتب الراحل ديمة ونوس فى حديث لوكالة الأنباء الفرنسية أن إحياء ذكرى رحيل ونوس "جرى لأربعة أعوام بعد رحيله وكانت تنظمه أمى (أرملة ونوس فايزة شاويش) بجهد شخصى، وتستضيف مجموعة من رجال المسرح والشعر والغناء"،أحيى الذكرى اللبنانى مارسيل خليفة والمصرى محمد منير.
وأشارت ديمة ونوس إلى أن "العمل الفردى غير مرحب به هنا، والاحتفال السنوى توقف لأن أمى تعرضت لمضايقات كثيرة". وتضيف "كان سعد الله ونوس يعتبر أن المسرح حالة جماعية وكان سيفرح لرؤية عرض مسرحى يقدم فى قريته، فما كان يعنيه أكثر هو تفاعل الجمهور مع الممثلين وتفعل الجمهور بين بعضه وكيف يفهمون ويرون هكذا عروض. "
لكن ديمة ترى أن "احتفالية اليوم وفعالياتها كانت فقيرة، ولم يعلن عنها كما يجب كما لم يدع إليها الكثيرين"، موضحة أن "الحضور هذه المرة كان قليلاً جداً يقتصر على أهل القرية، أما حضور الاحتفاليات الأولى فكان يبلغ آلاف القادمين من دمشق والمدن المجاورة للقرية".
من جهه أخرى، اعتبرت ابنة الراحل أن "هذه الاحتفالية أقرب إلى رفع العتب، ولم يبذل جهد حقيقى لتقام بشكل ناجح ولتكون باسم مبدع من مبدعى سوريا فى وقت تحتفل دمشق بكونها عاصمة للثقافة العربية".
بدأت فعاليات الاحتفال عبر كلمات تستحضر ونوس ألقيت فى مدرسة القرية. وقد حضر كثيرون من أهل حصين البحر، إضافة إلى عدد قليل من المدعوين من قبل احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008، التى رعت الاحتفال. وألقت أمينة الاحتفالية، حنان قصاب حسن، كلمة مقتضبة أكدت فيها أنها فوجئت عندما علمت فى اللحظات الأخيرة أنها ستلقى كلمتها فى المدرسة، وكانت تظن أن ذلك سيتم قرب ضريح ونوس.
وأضافت بعد الاحتفال، بينما كانت تشق طريقها إلى الضريح بين الحضور، أنها ارتبكت ولم تستطع قول ما تريده، مشيرة فى شىء من الأسى إلى أن حديثها كان سيخرج حقيقياً أكثر لو كانت قرب الضريح، وتذكرت اللقاءات التى جمعتها بالأديب الراحل فى سنواته الأخيرة عندما كانت تعمل على كتابة "القاموس المسرحى". وقالت فى كلمتها إن ونوس "استطاع فى أعماله التى كتبها بين المرض وسرير الموت أن يعيش تلك اللحظة المتأرجحة بى الحياة والخلود".
من جهته، أكد عجاج سليم مدير المسارح والموسيقى على الأثر البالغ الذى تركه ونوس، لافتاً إلى أن "المفهوم الونوسى للبشر سمح لبقايا النور فى أرواحنا أن تشع بدون خوف". واستحضرت الجملة الشهير لونوس "إننا محكومون بالعمل، وما يحدث لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ" فى أحاديث من استذكروه، ومنهم أرملته فايزة شاويش، التى تساءلت ما إذا كان ونوس سيبقى مصراً على كلماته تلك إن قضيت له حياة أطول، لأنه "حقيقى ومؤمن بإنسانيتنا، أعتقد أنه كان سيبقى مصراً على كلماته. "
جملة ونوس أيضاً كانت محفورة على ضريحه الذى تعلوه صخرة، قال البعض إنها تمثل قبعته التى لازمته فى صوره، وإلى جانبها جملة أخرى تقول "رحلة فى مجاهل موت عابر". وقبل أن يتناوب شعراء شبان على إلقاء بعض القصائد قرب الضريح، ألقى الشاعر السورى عادل محمود قصيدته "هوية" التى بدت وكأنها مرثية لونوس. لكنه أكد أن قصيدته ليست موجهة إلى ونوس، بل هى "رثاء ذاتى، ولذلك قد تبدو أنها منطبقة على سعد الله".
ويشير عادل محمود إلى علاقة طيبة كانت تربطه بونوس إذ كانا جارين فى السكن "وكثيراً ما سهرنا وتبادلنا النقاش فى الهموم والمشاكل"، حسب قوله. ويقول أيضاً إنه عندما ألقى الشعر "فى لحظة، ظننت أن سعد الله يسمعنى. كنت أرى ابتسامته العجيبة التى لا تعرف منها أن كان يعجبه ما يحصل أم لا". وفى المناسبة نفسها، عرضت مسرحيتان: واحدة لطلاب فى المعهد العالى للفنون المسرحية بعنوان "العميان"، يختلط فيها الممثلون فى سيرهم المتعثر، مع الجمهور.
لمعلوماتك..
◄ سعد الله ونوس (1941-1997) من أبرز المسرحيين العرب الذين لاقت أعماله اهتمام استثنائيا.
◄ توقف عن النشر والكتابة بعد الاجتياح الإسرائيلى للبنان عام 1982، وعاد ليكتب فى أوائل التسعينات، بينما كان يعانى من مرض السرطان وتوفى على أثره.
◄ من مسرحياته "الفيل يا ملك الزمان" و"الملك هو الملك" و"طقوس الإشارات والتحولات" و"منمنمات تاريخية" و"الأيام المخمورة" التى نشرت سنة رحيله. وكان آخر ما كتبه "الحياة أبدا" التى نشرت فى 2005 .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة