40 عاما على الثورة الطلابية بالعالم

الأحد، 25 مايو 2008 01:07 ص
40 عاما على الثورة الطلابية بالعالم
(BBC)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم الدمار والموت الذي خلفته الحرب، وانقسام أوروبا الى معسكرين متضادين، والحرب الباردة التي نجمت عن ذلك، كانت الثورة تنمو في رحم المجتمعات الغربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ودفعت الشباب ليصبحو الطليعة المتمردة، 1968 كانت سنة الولادة، وبدأت تتشكل الأيديولوجيا، في أوساط الشباب على أركان النظام القائم، الأخلاقية والسياسية، واختراق لكافة الممنوعات، وانتقل دور قيادة الثورة من "العمال" الى الطلاب والقوى الهامشية في المجتمع، والتي لم يستطع النظام بعد إجبارها على الإنخراط باللعبة والانصياع لقوانينها.

وبدأ الثوار الجدد بالتشكيك في أسس النظرية الماركسية ،التي تنبأت بقيام ثورة بروليتارية وانهيار النظام الرأسمالي، وبدأت بوادر الثورة في الأدب والفن ففى عام 1957 كتب جون أوزبورن مسرحيته "Look back in anger" (أنظر وراءك في غضب)، وهو عنوان كاف للتعبير عن الروح التي كتبت بها المسرحية. ثم تشكلت في بريطانيا حركة أدبية أطلق أعضاؤها على أنفسهم إسم "Angry young men" أو "الشباب الغاضب"، ثم جاء التمرد على الأشكال السائدة في المسرح والشعر والموسيقى في أوروبا والولايات المتحدة.

وهو ما يفسر الطابع الفوضوي للحركات الطلابية، البعيد عن الإنضباط الذي يميز الأيدلولوجيا الماركسية التقليدية وتبنى الثورة الجديدة هدم أركان النظام القائم كهدف، بهيكليته السياسية ومحظوراته الأخلاقية ومؤسساته الإجتماعية وقوانينه بشكل عام، حيث أدار الشباب الغاضبون ظهورهم للمؤسسة الدينية أيضا، ولمعتقداتها، وبدوأ بالبحث عن السعادة على الأرض عوضا عن السماء.

كانت فرنسا مسرحا لأكثر الحركات تنظيما، وإن كانت روح الثورة وجدت طريقها الى الجامعات الأمريكية (وكانت معارضة حرب فيتنام هي وقودها)، وأوروبا الشرقية (حيث التململ السياسي على النظام الستاليني الذي أتي مؤخرا بربيع براغ بعد فشل خريف بودابست قبل ذلك بأكثر من عقد من الزمان)، بل وصلت الى الجامعات العربية (حيث روح المقاومة التي أعقبت هزيمة حرب عام 1967 كانت تربة خصبة للأفكار الراديكالية). فى فرنسا بدأت الأحداث بسلسلة من الإضرابات في الجامعات والمدارس الثانوية، التي حاولت حكومة ديغول قمعها بوليسيا، مما أدلى الى اندلاع معارك شوارع في الحي اللاتيني (الحي الطلابي في باريس). تبع ذلك اضراب عام للطلاب ما لبث العمال أن انضموا اليه ليبلغ عدد المضربين خلال فترة وجيزة العشرة ملايين .

فى الولايات المتحدة لم تستطع التحركات الطلابية إجبار الحكومة على إنهاء حرب فيتنام، وفي أوروبا الشرقية فشلت الحركة التي طالبت بإصلاح النظام الإشتراكي في براغ بعد أن تدفقت دبابات حلف وارسو الى تلك المدينة الجميلة، وقضت على كل أمل في جسر الهوة بين المبادئ المعلنة للإشتراكية والتي لم تكن بعيدة عن ما نادى به الإصلاحيون، والتنفيذ على أرض الواقع، حيث كما يقول الإصلاحيون، لم تقل درجة اغتراب الإنسان في المجتمع الإشتراكي عن النظام منه عن النظام الرأسمالي في المجتمعات الغربية.

أما في العالم العربي فلم يبلغ الحماس لمبادئ الثورة الطلابية مستوى الحركة، بل تبنته بعض التيارات الراديكالية النخبوية في جامعات نخبوية كالجامعة الأمريكية في بيروت، وبعض المثقفين والمفكرين اليساريين، ولذلك لا يمكن الحديث عن أثر ملموس لصعود وهبوط الحركة على الساحة العربية. وبعد مرور أربعين عاما على الثورة الطلابية، ماذا تبقى من مبادئها، وكيف انتهى نشطاؤها ؟

فقد قلب انهيار النظام الإشتراكي عام 1990الكثير من الموازين، وأدى الى انحسار اليسار العالمي حتى بمفهومه الأقل راديكالية، وسارت المجتمعات باتجاه الإستهلاك ولم يعد التغيير وقضايا العالم التي تتجاوز المحيط الشخصي والعائلي المباشر من أهم اهتمامات الشباب والطلاب الجامعيين. وبالنسبة لنشطاء الحركات الطلابية فقد ساروا في ثلاثة اتجاهات مختلفة: منهم من اختار العودة إلى أحضان النظام ويصلوا الى البرلمالن الأوروبي،وهناك أيضا من بقوا على إيمانهم بروح الأفكار التي اعتنقوها.

الجزء الأكبر من نشطاء ثورة الطلاب الذين أصيبوا بالإحباط وجدوا أنفسهم أمام خيارات صعبة، فهزيمتهم لم تعد لهم الإنتماء الى النظام بأخلاقياته ومؤسساته، فاختاروا الحياة على هامشه: رفضوا الانصياع الى قوانينه والتحول الى أدوات منتجة تساهم في تدعيمه، فتحولوا الى "سكان أرصفة".







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة