مطالبات بتكتل دولى ضد الوقود الحيوى

السبت، 24 مايو 2008 09:20 م
مطالبات بتكتل دولى ضد الوقود الحيوى تصوير محمد مسعد
كتبت منى ضياء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثارت مشكلة الوقود الحيوى أزمات عديد فى العالم، حيث تسببت فى مجاعات وتظاهرات من أجل البحث عن الغذاء بعدما أدى إلى ارتفاع رهيب فى أسعار الحبوب الغذائية. ورغم ازدياد استغاثات الدول النامية فإن الدول المتقدمة تصر على موقفها. ومن جانبه قام الرئيس مبارك بتوجيه نداءاته خلال دافوس أكبر منتدى للاقتصاد العالمى، قائلا إنه لابد من الحوار العالمى حول الأزمة، كما قام العديد من دول العالم النامى بتشكيل جبهات متفرقة لمقاومة الأزمة كدول أمريكا اللاتينية من جهة، والدول العربية من جهة أخرى ودول أخرى كل على حدة.

تزامن هذا مع دعوة وجهها بعض خبراء الاقتصاد الزراعى المصريين بضرورة إنشاء تكتل عالمى من جميع الدول النامية تقوده مصر للتصدى لهذه الأزمة.. فهل يمكن فى الواقع العملى تشكيل هذا التكتل.. وما حدود قدراته على حل أزمة الغذاء؟

من ناحيته يرى الدكتور محمود عبد الحى أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية بمعهد التخطيط القومى أن فكرة تكتل الدول النامية ضد الدول المنتجة للوقود الحيوى ليست سيئة وإنما لن تؤدى إلى شيء خاصة وأن العلاقات الاقتصادية للدول قائمة على المصالح والحسابات وحتى المعونة أو المنح التى تقدم لدول العالم الثالث لها أهداف معينة، فلا شيء يعطى مجانا ولابد أن نمتلك عناصر القوة التى تمكننا من تنفيذ ما نريد، كما أن إنتاج الوقود الحيوى للدول التى تفعل ذلك يعد بمثابة استراتيجية وأمن قومى لها، ويمكن للدول النامية السير فى هذا الاتجاه تحت مظلة الأمم المتحدة، ولكن الدول النامية فى النهاية لن تنجح فى فرض مصالحها على أحد، فجورج بوش قالها صراحة : " مهمتى هى توفير الغذاء لشعبى " ، بما له من دلالة واضحة أن أمريكا أو غيرها من الدول التى تنتج الوقود الحيوى لن تنظر بعين الاعتبار إلى استجداء الدول المتضررة.

وأكد عبد الحى أن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو أن تتصالح الدول النامية المتضررة مع شعوبها ثم مع بعضها لأن مستقبلها مهدد وتحتاج لاستغلال مواردها بأقصى درجة، موجها الانتباه إلى أن الدول العربية على وجه التحديد لابد أن تحل مشكلة السودان حتى تكون مزرعة العالم العربي، وخصوصا النزاعات الدائرة فى السودان وإذا تم حلها ستحل جزءا كبيرا من الأزمة الغذائية.

وحول قدرة مصر على قيادة مثل هذا التكتل عقب عبد الحى بأن مصر فقدت مركزها الريادى فى العالم العربى لأنها تفتقد عناصر القوة وتعيش الآن حالة من الانزواء والذبول، لافتا إلى أن الدول العربية لم تتمكن من حل مشكلة دارفور ولا لبنان، فكيف بقيادة تكتل دولى ضد كبار العالم؟!

من جانب آخر يرى الدكتور مصطفى أحمد مصطفى خبير الاقتصاد الدولى بمعهد التخطيط القومي، أنه لا يمكن تشكيل جبهة عالمية موحدة من الدول النامية فى الواقع العملى لأن هذه الدول مشتتة بالفعل فى أكثر من منظمة ومظلة مثل منظمة المؤتمر الإسلامي، ومجموعة الـ 77 ( الجناح الاقتصادى لحركة عدم الانحياز )، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة تضامن شعوب آسيا وأفريقيا، وكذلك التجمعات الاقتصادية الإقليمية "الهشة" فى دول الجنوب، وكل هذه المنظمات تصلح لاقتراح سيناريوهات لحل الأزمة ، مؤكدا أن التداخل بين العديد من هذه المنظمات يضعفها ولا يقويها مما يستلزم أن يتم تفعيلها جميعا تحت مظلة الأمم المتحدة لمعالجة الأزمة التى لا تقتصر على الوقود الحيوى وإنما هو ثالوث متكامل يجب على الدول جميعها أن تسعى لحله (الغذاء والطاقة والتغيرات المناخية ) .

يرى الدكتور صلاح طاحون الأستاذ بكلية الزراعة جامعة الزقازيق ومستشار الأمم المتحدة السابق لشئون الزراعة أن هناك بعض المحاولات والأبحاث العلمية التى تقوم بها بعض الدول لإنتاج الوقود الحيوى من مصادر أخرى غير الغذاء، حيث تقوم الولايات المتحدة بإنتاجه من المخلفات النباتية وهذا بإمكانه أن يحدث التوازن الأخلاقى كما أنه ينقى البيئة من مخلفاتها ، إلا أنه على الجانب الآخر له عيوبه أيضا وهو حرمان الأرض من البقايا النباتية التى تعود للأرض مرة أخرى لتجدد خصوبتها ، كما أن جدواه الاقتصادية منخفضة. وعن آخر المستجدات فى هذا النطاق فإن بعض الدول تجرى أبحاثا هامة حول كيفية استخراج الوقود الحيوى من الطحالب الخضراء التى تمتص كمية كبيرة من الطاقة الشمسية ويجعلها العلماء تنمو فى ظروف معينة ويتم استخراج الطاقة منها عبر عمليات علمية معقدة ، إلا أن هذا أيضا مكلف جدا من الناحية الاقتصادية ، لكن الجهود والأبحاث العلمية لابد أن تسير فى اتجاه تقليل التكلفة المادية رغم أنه قد يستغرق بعض الوقت.

استبعد طاحون إمكانية تشكيل الدول النامية لتكتل ضد الدول المتقدمة لمواجهة تحويل الغذاء إلى وقود حيوى لأن هذه الدول بما فيها مصر ليس لها ما يكفى من النفوذ السياسى لإرغام العالم على تغيير أجندته ، معربا عن تخوفه مما فعلته بعض الشركات الأمريكية فى أفريقيا حيث تعاقدت على تأجير مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية خاصة فى المناطق الاستوائية حيث الأمطار الدائمة والخصوبة بموزمبيق على وجه التحديد تزرعها هذه الشركات لحسابها لإنتاج الوقود الحيوى، وجارى التفاوض مع أنجولا حيث إن اختراق الدول الأفريقية سهل والناس بها فقراء، ولكن التخوف الأكبر من الذهاب لجنوب السودان بما يشكله من خطورة مباشرة على أمن مصر الغذائى والحدودى .

قال طاحون إن المبادرات التى تنادى بها دول مجلس التعاون الخليجى بتكتل المجموعة لمواجهة أزمة الغذاء العالمية ، لن تثمر عن أى شيء، خاصة وأن هذه الدول لديها أموال طائلة ولا تملك أجندة من أى نوع .






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة