أشكال جديدة من التسويق ظهرت فى سوق الكتاب للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام على أقصى تقدير. بدأ الأمر فى حدود ضيقة، فقد كانت حفلات التوقيع تقام لكبار الكتاب والأدباء. وحكراً على دار واحدة ومكتبة وحيدة، هما دار الشروق ومكتبة ديوان، كلاهما نجحا فى تقديم نظام للتسويق و"تنجيم" الكاتب بشكل يعتمد على اسمه ومدى شعبيته فى الأوساط الخارجة عن حدود الأدب، وجدران مقاهى المثقفين و"قعداتهم" فى وسط البلد.
ساقية عبد المنعم الصاوى والمكتبات الجديدة والمراكز الثقافية بتنوع أنشطتها ومشاركة العديد من دور النشر فى المعارض الخارجية، كل تلك الكيانات نجحت فى كسر احتكار كبار الأسماء لحفلات التوقيع، ونجحت فى جعل "حفل التوقيع" وسيلة لتسليط الضوء على الكتاب، وزيادة نسبة التوزيع.
فى الأسابيع القليلة الماضية أقيمت أكثر من عشر حفلات توقيع لكتاب أغلبهم من الشباب، من بينهم الروائى طارق إمام الذى نفدت الطبعة الأولى من روايته "هدوء القتلة" لأسباب عديدة كان من بينها حفل التوقيع الذى أقامته له مكتبة ديوان. وفى فرع "ديوان" بمصر الجديدة أقيم حفل توقيع للروائى محمد صلاح العزب صاحب "سرير الرجل الإيطالى"، وإقامة دار ميريت حفل توقيع له خلال معرض القاهرة الدولى للكتاب.
ظهور العديد من وكالات الدعاية وتسويق الثقافة والتى كادت خلال فترة التسيعينيات أن تصبح فى خبر كان، وهو ما فتح الباب عن آخره أمام العديد ممن يجمعون بين تورطهم فى الثقافة ـ بشكل أو بآخر ـ وإجادة فنون التسويق، أو على الأقل تعلمه.. بدأت الصورة الكاملة لترجمة "الأيجنت" أو الوكيل الأدبى على يد وكالة سفنكس، ثم توالت صور الدعاية لدى وكالات نشر وتوزيع وتسويق عديدة.
من وكالات الدعاية وتسويق الأدب إلى "استاندات" المولات والمحلات التجارية الكبيرة والسوبر ماركت انتقل الكتاب، وبالتالى أصبحت سمعته أكثر تفاعلاً مع القارئ أو "الزبون"، فقد انتقل الكتاب إليه فى أماكن اعتاد أن يرتادها.
ظاهرة المولات والمحلات التجارية ظهرت فى السنوات الأخيرة، وتواكب معها اتجاه قطاع لا يستهان به من الشباب "لموضة" الأدب العالمى، وظهور عناوين لافتة بالنسبة لهم فى ساحة النشر، مثل "شفرة دافنشى" لدان براون، إضافة لصدور رواية "عمارة يعقوبيان" ومن بعدها "شيكاغو" لعلاء الأسوانى وبعض العناوين الجذابة وتداول أخبارها فى الصحف، جعل مثل تلك الكتب وغيرها يطاول "ستنادات" الهمبورجر والجبن والحلويات والملابس والأجهزة المنزلية.
المدونات ثم "الفيس بوك" أصبحا طريقين جديدين لدخول جمهور لا علاقة له بالأدب إلى ساحة الأدباء، ومعرفة أخبار حفلات توقيعهم والحوارات التى تجريها الصحف معهم. فهناك الآن أكثر من 100 مجموعة ـ على أقل تقدير ـ حول الكتب والمجموعات القصصية والروايات ودواوين الشعر، بعضها يتمتع بزيارات ونسبة مشاركة عالية، وبعضها يبقى فى حدود ضيقة، إلا أن الكتاب وحده يبقى مستفيداً من سباق الكتّاب ودور النشر.