"حق السكن" من الحقوق التى كفلها الدستور للمواطن المصرى، إلا أننا نقف معه أمام أزمة حقيقية، فالوزراء يتعاقبون والسياسات تتغير .. وتبقى الأزمة.
وإذا ما توجهت بالسؤال إلى الحكومة: ما العمل وكيف الحل أيتها المسئولة عن الشعب؟، فما تجد منها سوى الرد: وماذا أفعل مع الزيادة الرهيبة فى السكان، قدم لى "البديل" والحل الأمثل للأزمة، وأنا على استعداد لتطبيقه. فيا ترى ما هو البديل ؟
الدكتور رأفت شميس، الخبير بمركز بحوث الإسكان، يقول إن المشكلة الحقيقة فى ثقافة السكن لدى المصريين، فهناك إصرار غريب من جانب الأهل على أن يبدأ أبناؤهم حياتهم الزوجية فى وحدات سكنية لا تقل عن 200 متر، رغم كل الظروف الاقتصادية التى نعانى منها، فالثقافة السائدة لدى البعض تحدد أن يكون الريسيبشن 8 أمتار فى 8 أمتار، وألا يقل عدد الغرف عن ثلاث غرف.
والعديد من الدول،كما يضيف، تغلبت على هذه المشكلة بالمساكن التى يطلق عليها "استديو"، فهى نوعية من المساكن تناسب حديثى الزواج فى البداية على أن يتم الانتقال إلى وحدة سكنية أكبر فيما بعد، وكذلك تناسب كبار السن الذين استقل أبناؤهم بحياتهم. موضحاً أن "مساكن أصغر تساوى تكلفة أقل" ولكن إقناع الناس بالفكرة سيتطلب جهداً مضاعفاً لأننا – كمصرين - نخضع للعادات والتقاليد مهما كانت العواقب التى سنواجهها.
الوحدات السكنية "المغلقة" فى مصر، وفقاً لبعض التقديرات الرسمية، حوالى من 3.7 إلى 5 ملايين وحدة، وهى تمثل إحدى البدائل التى طرحها الدكتور سيف الدين فرج، خبير الاقتصاد العمرانى ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائى، والذى يرى هذا العدد الهائل من الوحدات السكنية المغلقة يعود إلى التأثير السلبى لقوانين تحديد الإيجارات التى أدت إلى الإحجام عن التأجير، واتجاه آلاف المصريين إلى الاحتفاظ بالوحدات السكنية كأحد أهم مستودعات القيمة مع الذهب.
الدكتور سيف يوضح أن "قانون الضرائب العقارية" من التغييرات الكبيرة التى ستتحكم فى أزمة السكن مستقبلاً، لأنه سيؤدى إلى زيادة المعروض من الوحدات السكنية، مشيراً إلى أن تكلفة "تخزين" الوحدات السكنية سيصبح مرتفعاً، الأمر الذى قد يدفع الملاك والحائزين إلى طرحها سواء عن طريق التأجير أو التمليك، حيث سيتم فرض الضريبة على القيمة السوقية للوحدة السكنية.
أصحاب الوحدات السكنية المغلقة، كما يؤكد، سيجدون أن مسالة الاحتفاظ بها سواء للمتاجرة أو للأبناء والأحفاد، أمر مكلف للغاية، وأنه – أى القانون - سيمتص معظم الزيادة التى كانت ستأتى بمرور الوقت على سعر الوحدة. وظاهرة تخزين الوحدات السكنية تتعارض مع الاتجاه الحكومى الذى يريد أن يجعل الوضع الإسكانى فى مصر شبيهاً بالخارج بألا يبقى العقار خالياً سوى لساعات أو أيام.
وما تأثير قانون الضرائب العقارية على الإسكان المتوسط؟ يجيب الدكتور سيف: من المتوقع أن يشهد العام الأول لصدور قانون الضريبة العقارية دخول السوق ما يتراوح بين 30 و40 ألف شقة من الوحدات "المغلقة"، وهذا لن يؤثر على هبوط أسعار الوحدات السكنية بشكل كبير، ولكن سيساعد على استقرار الأسعار، خاصة مع النقص الواضح للإسكان المتوسط ودون المتوسط بمصر.
رفع دخل المواطن مع خفض القيمة الإيجارية هو البديل الذى يطرحه الدكتور أحمد راشد، رئيس قسم العمارة بجامعة المنصورة، والذى يوضح أن دخل المواطن هو المشكلة الكبرى، ومع عودة الدولة لنظام بطاقات التموين، ما المانع إذن أن تعود إلى ما اتخذته فى الستينيات من قرارات بتحديد القيمة الإيجارية بداية من 10%ثم 15%ثم 35%، وكانت القيمة الإيجارية تحدد عن طريق لجان مختصة تحددها بـ 5%من قيمة الأرض و8%من قيمة المبنى ويتم توزيعها على الوحدات السكنية. وأكد أن الإيجار بنظام القانون الجديد الذى طبق فى عام 1998 لم يقض على مشكلة السكن.
محمد الحلو، مدير الشئون القانونية بالمركز المصرى لحق السكن، تناول فى طرحه لتحديد بدائل السكن من زاوية مختلفة، فهو يرى أن يقوم أصحاب المصانع فى المناطق الصناعية ببناء وحدات سكنية للعاملين فى تلك المصانع، ويكون ذلك من ضمن البنود الأساسية فى التعاقد مع هيئة التنمية الصناعية التى تقوم بمنح الأاضى الصناعية، مع إمكانية أن تساهم الدولة بتقديم خدمات المرافق مجاناً لهذه المساكن، وهذا النموذج فى حال تطبيقه سيساهم فى القضاء على العديد من مشكلات الإسكان والزحام وأيضاً سيعمل على خلق مجتمعات جديدة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة