تطوير، تعديل، إلغاء، إضافة "مصطلحات دائماً ما ترددها وزارة التربية والتعليم حول نظام الثانوية العامة، وبالرغم من ذلك يبقى الوضع كما هو عليه"، وجاءت توصيات المؤتمر الأخير لتطوير التعليم برعاية الرئيس حسنى مبارك لتضيف "جودة التعليم" مصطلحاً جديداً لضمان استمرار عملية التطوير بل وجودتها. أنشئت الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد فى يونيو 2006 وبدأت عملها فعلياً فى نوفمبر 2007، ولكن هل التعليم فى مصر كان "بالجودة" التى أخرت إنشاءها حتى الآن؟ أم أن حال التعليم المصرى تدهور وحان الوقت لضبط جودته؟! حول هذه القضايا كان لنا الحوار التالى مع الدكتور مجدى قاسم رئيس هيئة التعليم والاعتماد.
ألا تعتقد أن قرار إنشاء الهيئة جاء متأخراً؟
بالطبع، كان من المفترض أن تنشأ الهيئة منذ عشر سنوات على الأقل، ولكن الفكرة رفضت من جانب بعض الأشخاص فى الوسط التعليمى بوزارة التربية والتعليم نظراً لعدم اقتناعهم بها وبعدم أهميتها، بالرغم من أن مثل هذه الهيئات متواجدة فى دول عديدة كالهند وأمريكا وألمانيا.
وهل غيّر الرافضون للفكرة موقفهم الآن ؟
قرار إنشاء الهيئة صدر بالفعل وهى تابعة لرئاسة مجلس الوزراء وبالتالى فهى مستقلة عن وزارة التربية والتعليم ولها حق عقاب المؤسسات التى لا تطبق معايير الجودة.
ما رأيك فى نظام التقويم الشامل الذى اقترحته الوزارة كبديل عن نظام الامتحانات؟
التقويم الشامل نظام جيد وهام، ولكن لا يلاءم هذه المرحلة، لأن تطبيقه يستلزم أولاً إعادة النظر فى الكثير من المعوقات مثل أزمة تكدس الطلاب بالفصول واستعاده الثقة فى النظام التعليمى وحل مشكلات المعلمين والارتقاء بخبراتهم فى طرق التدريس، وأيضاً لابد من الارتقاء بمستوى "المحاسبية" حتى يطبق النظام بطريقة عادلة ليؤدى الغرض منه.
وهل بالفعل هذه المشكلات سيتم حلها قبل تطبيق النظام؟
أعتقد أن نظام التقويم الشامل سيأخذ وقتاً أطول لأنه يحتاج لحل مشكلات التعليم قبل التطبيق، لكن العودة إلى نظام السنة الواحدة فى الثانوية سيكون أسرع كثيراًً.
إدخال مادة البحث العلمى كانت من بين عناصر الخطة الجديدة ما تعليقك عليها؟
لابد للقائمين على تنفيذ هذه التوصيات اتباع منهجية التعليم بحل المشكلاتproblem) solving) والذى يُتبع فى الكثير من المؤسسات التعليمية بالخارج، وبالتالى يجب إدخال هذه المنهجية فى كافة المقررات منذ المراحل الدراسية قبل أن نقرر مواداً لا يتوفر لها معلموها كمادة البحث العلمى، أى أن حل مشكلات التعليم لا يأتى بوضع مادة للبحث العلمى ولكن بوضع منهجية لحلها أولاً.
هل ترى أن القرارات الأخيرة قفزة على مراحل كان ينبغى اجتيازها أولاً أم أنها مناسبة للفترة الزمنية المقترحة لتطبيقها؟
اتباع أسلوب حل المشكلات فى التعليم ونظم الامتحانات يمكن أن يخفض من نسبة الدروس الخصوصية وزيادة رضاء الطلاب وأولياء الأمور واقتناعهم بالنظم التعليمية فى مصر، وبالفعل هناك كليات تسير على هذا النهج مثل كلية الطب جامعة قناة السويس بالإسماعيلية والتى يلاحظ فيها انخفاض نسبة الدروس الخصوصية.
وما رأيك فى القرار الصادر بتعديل نظام الثانوية العامة إلى عام واحد تمهيداً لإلغاء نظام السنتين؟
أعتقد أن هذا النظام سيخفف من عبء الدروس الخصوصية على الأسرة المصرية، كما أنها ستمكن خريج الثانوية العامة من الالتحاق بعمل ثم يعاود الالتحاق بمستوى أعلى من الدراسة. وبالتالى يتحقق مبدأ التعليم على مدى الحياة والمطبق فى كل دول العالم. كما أن ذلك سوف يخفف الضغط على الطلاب وبالتالى ينخفض اختناق الثانوية العامة ليرتقى الطالب بذاته مدى الحياة.
ولكن هذه الفكرة طرحت أكثر من مرة ولم تنفذ، ألا تعتقد أن هناك إمكانية لعدم التفعيل؟
قرارات المؤتمر الأخيرة سيتم تحويلها لمجلسى الشعب والشورى بعد صياغتها من خلال مجلس الوزراء وبالتالى يتم اعتمادها وتفعيلها، لذلك أعتقد أن هناك إمكانية لتفعيل هذه القرارات.
وهل رعاية الرئيس للمؤتمر الأخير ستزيد من إمكانية تفعيل القرارات؟
بالطبع، إن رعاية الرئيس للمؤتمر ستزيد من تطبيق قراراته لأنه لا بديل عن تطوير الثانوية العامة، وهذا يستلزم إتاحة فى الجامعات والأماكن بها نظراً لأن نسبه الملتحقين فى مصر ـ من سن 18 إلى 23ـ بالجامعات حوالى 28% بينما فى الكثير من دول العالم تصل إلى40 و45%، ولأن عجلة التنمية تتحدد بنسبة الدارسين فى المرحلة الجامعية لابد من زيادة فرصة التعليم العالى وتخفيف الاختناق بمرحلة الثانوية العامة.
ما هو دور هيئة ضمان جودة التعليم فى عملية تطوير التعليم الأخيرة؟
الهيئة بصفة عامة منوطة بضمان الجودة والتطوير المستمر فى التعليم أى إصدار إقرار من الهيئة بأن هذه المؤسسة تطبق المعايير المطلوبة وعلى مستوى جيد من الأداء وبالتالى نطمئن إلى أن أداءها راق ونستعيد بذلك ثقة المجتمع فيها، هذا يأتى من خلال وضع الهيئة للمعايير الأكاديمية ومعايير الاعتماد لكافة مؤسسات التعليم بالتعاون مع المستفيدين كأولياء الأمور ومجالس الأمناء والطلاب والوزارات المعنية بالتعليم بالإضافة إلى الاستفادة من عدد من علماء مصر الذين ساهموا فى وضع تلك المعايير.
وماهى معايير الاعتماد ؟
هى معايير أو نقاط مرجعية يتفق عليها بحيث تمثل المستوى المطلوب للأداء فى التعليم، فهناك محوران أساسيان تعنى الهيئة بتطبيقهما هما، القدرة المؤسسية يقصد بها الكلية أو المدرسة، أى مدى قدرة المؤسسة على استيعاب الطلاب وقدرتها إدارياً على تمكين الطلاب والمعلمين من القيام برسالتهم وتوفير الإمكانيات المادية كالفصول والمعامل، والمحور الثانى الفاعلية التعليمية، وهى عبارة عن بعض المعايير التى تتعلق بالطالب والخدمات التى تقدمها المؤسسة له ومرونة المناهج التى يدرسها واحتواؤها على كافة المقومات التى تعينه على عملية التعليم والتعلم وبالتالى يتم مسألة الإدارة التى تتبعها المدرسة.
ألا يتداخل ذلك مع عمل مركز تطوير المناهج ؟
مركز تطوير المناهج تابع لوزارة التربية والتعليم بينما هيئة ضمان الجودة أنشئت على المستوى القومى، فالهيئة هى التى تضع المعايير بهذه المناهج التى يلتزم بتطبيقها مركز التطوير وبالتالى يضع مراراته وبرامجه استناداًً إلى هذه المعايير التى تراجعها الهيئة بعد صدورها للتأكد من مدى مطابقتها للمعايير الموضوعة مسبقاً.
وطبقاً لهذين المحورين، كيف ترى وضع التعليم فى مصر؟
هناك العديد من المشكلات التى يعانى منها التعليم سواء فى المحور المؤسسى أو الفاعلية التعليمية، لكن بالإصرار يمكن حلها خاصة من ترسيخ مبدأ "المحاسبية" لأى مسئول عن نتيجة عمله سواء بالإيجاب أو السلب حتى تأخذ الأمور منحى جيداً ومتطوراً، لأن المشكلات لا تتعلق بالإمكانيات المادية فقط بل بالإهمال والتسيب وغياب الرقابة وهى أمور تحتاج لإعادة النظر فيها.
كيف سيتم "محاسبة" المؤسسة التى لا تلتزم بتطبيق تلك المعايير؟
الهيئة ستقوم بتشكيل فريق منها من أربعة أشخاص لمدة أربعة أيام لمراجعة تلك المؤسسات للتأكد من مدى تطبيقها لهذه المعايير، لكى تحصل على الاعتماد من الهيئة أى الاعتراف بها كمؤسسة تعليمية فى مصر، وسيكون الإجراء المتخذ بالاتفاق مع الوزير المختص كما سيتم حرمان المؤسسة من قبول طلاب جدد بها لمدة سنة لحين الانتهاء من حل مشكلاتها.
وكيف سيكون وضع الطلاب فى هذه الحالة ؟
سيتم استمرار الطلاب المتواجدين بالمدرسة لحين الانتهاء من المرحلة الدراسية، لكن لن يتم قبول طلاب جدد فى العام الدراسى التالى وهذا نوع من العقاب الذى سيجعل المدرسة تفكر كثيراً حتى لا تتعرض لذلك.
لكن هذا العقاب يترتب عليه تكدس الطلاب فى مدارس أخرى، ألا ترى أن هذا العقاب غير إيجابى ؟
لا، لأن المؤسسة التعليمية عندما تدرك أن هناك عواقب لعدم اعتمادها من الهيئة ستأخذ على عاتقها الاستعداد والتأهيل، وأيضاًً الدولة ستقوم على توفير الإمكانيات لتكون مدارسها على المستوى المطلوب، لكن تخوفنا من تكدس الطلاب بالمدارس يعنى أننا سنترك كل المؤسسات التعليمية بلا اعتماد ولا مراقبة من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد وبالتالى ستنهار هذه المؤسسات التعليمية.
هل دور الهيئة ينتهى بمجرد حصول المؤسسة التعليمية على شهادة الجودة والاعتماد؟
من المخطط أن يتم اعتماد جميع المدارس أى حوالى 50 ألف مؤسسة تعليمية تشمل أيضاً مدارس التعليم الفنى على مدى خمس سنوات وهى مدة قصيرة ولكننا سنحاول بكافة جهودنا، ودور الهيئة مستمر من خلال الدور الرقابى على هذه المؤسسات بزيارات متابعة بعد الاعتماد لمعرفة مدى الالتزام بتطبيق المعايير بعد الحصول على شهادة الاعتماد والتى سيتم سحبها إذا لم تلتزم المؤسسة بذلك.
وما هى رؤيتك للمؤسسات التعليمية طبقاً لهذه المعايير؟
كان هناك معايير أعدتها وزارة التربية والتعليم عام 2003، وتحاول الوزارة الالتزام بهذه المعايير ونحن فى انتظار رد الوزارة على الهيئة عن المدارس التى سوف يتقدمون بها هذا العام. والهيئة ستساعد جميع المؤسسات التعليمية على النهوض بها لتتمكن المؤسسة من إعداد الدراسة الذاتية لها والتى تستطيع من خلالها رصد كافة أوضاعها وتناقش مدى التزامها بالمعايير الخاصة بالاعتماد وتقديمها للهيئة لكى تتحقق من مثل هذه الدراسة.
رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد
الدكتور مجدى قاسم: إنشاء هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد تأخر كثيراً
الأربعاء، 21 مايو 2008 12:18 ص
الدكتور مجدى قاسم رئيس هيئة التعليم والاعتماد - تصوير أحمد إسماعيل