بين روايتى الانتحار و القتل

"الرئيس والمشير" .. فيلم ينتظر حكم المحكمة

الأربعاء، 21 مايو 2008 11:35 م
"الرئيس والمشير" .. فيلم ينتظر حكم المحكمة الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر
كتب محمود التركى وشيماء محمد وهنا حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
محكمة القضاء الإدارى تنظر يوم ٢٩ مايو الجاري، الدعوى القضائية التى رفعها السيناريست ممدوح الليثى والمخرج خالد يوسف، ضد وزارة الثقافة وهيئة الرقابة على المصنفات الفنية، لرفضهما الموافقة على تصوير الفيلم السينمائى الجديد "الرئيس والمشير"، الذى يتناول علاقة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بصديقه المشير عبدالحكيم عامر، والأزمة التى وقعت بينهما عقب نكسة ١٩٦٧، حيث اشترطت المخابرات العامة المصرية إجراء بعض التعديلات على أحداث الفيلم، منها حذف اسم صلاح نصر، رئيس جهاز المخابرات فى عهد عبدالناصر،وعدم الإشارة إلى فكرة انتحار المشير أو قتله. الغريب أن هذا الرفض يأتى فى ظل وجود العديد من المسلسلات والأعمال الدرامية التى يتناول بعضها السيرة الذاتية لجمال عبد الناصر، بينما تتناول الأخرى الفترة التاريخية للحكم الناصري.

ممدوح الليثى كاتب سيناريو الفيلم أوضح أنه ينتظر حكم القضاء العادل يوم 29 مايو الجارى ليخرج فيلمه إلى النور، موضحاً أن علاقة المشير والرئيس تستحق أكثر من عمل سينمائي، لأن العلاقة بينهما كانت قوية جداً وبها الكثير من الكواليس والأحداث، مشيراً أيضاً إلى أنه تحمس لهذه العمل لوجود العديد من التقلبات لهذه العلاقة التى بدأت فى الكلية الحربية وتخرجهما منها عام 1938 ، وإقامتهما سوياً بشقة مشتركة وصعودهما سلم المناصب العسكرية تدريجيا، وخوضهما معاً حرب 1948، والكثير من خلفيات هذه الصداقة القوية. ويشير الليثى إلى أنه وضع نهايتين مختلفتين للفيلم تحملان وجهتى النظر الخاصة برحيل المشير، وهو يعتبر أمرا فريدا من نوعه فى السينما المصرية، ونفى اضطراره إلى ذكر النهايتين لإرضاء الطرفين، وأكد على أن المشاهد العادى عندما يرى الفيلم سيقتنع بالنهايتين .

الكاتب والسيناريست يسرى الجندى يوضح أن علاقة المشير بجمال عبدالناصر تعد من الركائز الأساسية فى مسلسله "جمال عبدالناصر" الذى يصور حاليا ويلعب بطولته مجدى كامل ويخرجه باسل الخطيب "لأنها كانت على المستوى الشخصى علاقة صداقة قوية جدا، حيث كان عامر يتمتع بصفات شخصية نبيلة مثل "الشهامة" و"الطيبة" شجعت ناصر على توطيد صداقته معه، وبسبب هذه الصداقة تغاضى ناصر عن أخطاء كثيرة للمشير، ولولا هذا التغاضى لما وقعت نكسة 1976.

ويشير الجندى الى أن الوقائع المؤكدة توضح أن المشير انتحر وذلك استنادا إلى أكثر من مرجع تاريخى وشهادة ورؤية العين، حيث حاول المشير الانتحار مرة وفشل، ثم نجح فى محاولته الثانية. ونفى الجندى وجود أية اعتراضات رقابية على مسلسله لأنه يعتمد على مراجع تاريخية موثقة، من متخصصين كبار مثل الدكتورة هدى عبد الناصر، مشيرا إلى أنه يقدم فى المسلسل صورة موضوعية للمرحلة التاريخية ككل ذاكراً مالها وما عليها، كما يركز على تفاصيل العلاقة بين المشير والرئيس بكل تعقيداتها.

كما نفى وجود أية اعتراضات من أسرة عبدالناصر، مؤكدا على وجود تعاون شديد بينهم حيث أظهروا له العديد من الأسرار الخاصة بالأسرة وهذا لتأكدهم من أن مسلسلى ليس به تحيز لأحد، وموضوعى إلى أقصى الحدود، ويشمل كل وجهات النظر. وبالنسبة لاختياره وجها جديدا لأداء دور المشير عبدالحكيم الفنان الشاب أحمد صفوت أوضح يسرى أنه الأنسب لأداء هذا الدور، والحكم سيكون للجمهور.

محفوظ عبد الرحمن الذى سبق أن كتب سيناريو فيلم "ناصر 56" علق على انتشار ظاهرة الأعمال الدرامية التى تتناول فترة حكم جمال عبدالناصر، بأنه من واجب مؤلفى الدراما مناقشتها، ليس فى عمل واحد فقط بل من الممكن أن نناقشها فى 10 أعمال أو أكثر، لأن هذه الفترة تمثل دروساً يجب الإصغاء إليها لنتعلم منها، لكن المشكلة استغلال البعض لهذه الفترة للترويج لأفكار غير حقيقية تمس وجدان الوطن مثل أحد الأعمال التى رفض ذكر اسمها وتناولت الفترة الناصرية، حيث صور هذا العمل "السجن الحربى " على أنه بانوراما طويلة لتعذيب الناس فقط طوال أحداث الفيلم بشكل مضحك ومستفز، برغم أن جميع من دخلوا هذا السجن يعرفون أنه طالما ليس لديك معلومات لن تعذب، موضحاً أن هذه الأفلام المغرضة تعد أعمالا سياسية غبية، ونوعا من أنواع الغرور وليس الإبداع.

وعاب عبدالرحمن المحظورات الرقابية التى تفرضها الرقابة على المبدعين والمؤلفين، قائلا "للأسف الرقيب ليس لديه محظورات رقابية واضحة لهذه الفترة" ، ويختار بمزاجه ويُلجم الكُتاب على حسب أهوائه الخاصة"، وطالب بوجود عقلانية وموضوعية فى مناقشة هذه الفترة. أما عن الجهات السيادية التى تتدخل مع الرقابة وتمنع بعض الأعمال التى تتناول فترة الحكم الناصرية، أشار عبدالرحمن إلى أن هذه الجهات تتدخل لحماية نفسها بسبب سوء ما سبق تقديمه عنها فى بعض الأفلام والذى مثل ظلما شديدا وتعمد تقديم إهانات بالغة لبعض رموز جهاز المخابرات فى هذه الفترة خاصة صلاح نصر أحد قيادته، الذى شوهته الأفلام السينمائية وصورته على أنه يقوم بتعذيب الناس فقط، علما بأنه يساهم فى الجهاز ليكون أقوى جهاز مخابرات فى هذه الفترة فى العالم العربي، وتصدى للعديد من المحاولات لإفساد أمن مصر.

وبالرغم من معارضة عبدالرحمن لهذا التدخل إلا أنه يرى أن هذا جاء متأخراً، حيث ظهرت العديد من الأفلام التى شوهت هذه الفترة مثل "الكرنك" و"حدث فى شبرا"، وبخصوص مصرع المشير عبدالحكيم عامر أشار محفوظ عبد الرحمن بأن على الكاتب أن يتقصى الحقائق فى روايتى "القتل والانتحار"، ويدعم موقفه بالأدلة المقنعة، وإذا لم يستطع هذا يجب أن يبتعد عن تلك المنطقة الشائكة. السيناريست

محمد صفاء عامر وصف اعتراضات الرقابة على فيلم "الرئيس والمشير" بـ"قلة الأدب"، موضحاً أنه لا يعرف أسباب الرفض، والرقابة لا يجوز لها أن تعرقل مسيرة الإبداع الفنى بهذه الصورة. وأشار عامر إلى أن مسلسله الجديد "عدى النهار" لصلاح السعدنى يظهر فيه المشير ولكن ليس بطريقة مركزة، حيث يتناول العمل الحالة الاجتماعية للشعب المصرى فى سنة 1966 أى فى العام السابق لوقوع نكسة يونيو 67.

الناقدة السينمائية ماجدة خيرالله ترى أنه لا يجوز للرقابة أو وزارة الثقافة الاعتراض على مشروع الفيلم، ولا يجوز لها الاعتراض على أى إبداع فني، معبرة عن استغرابها من اعتراضات الرقابة على الفيلم الذى يتناول علاقة المشير والرئيس، فى الوقت الذى تنتشر فيه مذكرات الكثير من رجال هذه المرحلة التاريخية والتى أشاروا فيها إلى هذه العلاقة، كما تنتشر مذكرات عبدالحكيم عامر نفسه ونشرت فى بعض المجلات الأجنبية، ولكن الرقابة "لسة عايشة فى مفاهيم خاصة"، وبعد 100 عام سينما مازلنا نتكلم فى بديهيات.

كفيف للأسف لا يحدث هذا إلا فى مجتمعنا فقط، ولم نسمع يوما أن ورثة أية شخصية تاريخية عالمية اعترضت على ظهورها فى أى عمل سينمائى أو فني، بينما نجد فى مصر والعالم العربى سيوفا رقابية عائلية مسلطة على الإبداع بجانب سيوف المصنفات الفنية. وأوضحت خيرالله أنه عندما أعلن ممدوح الليثى عن مشروع فيلم "الرئيس والمشير" تدخلت عائلتا المشير عبد الحكيم عامر والرئيس جمال عبدالناصر للاعتراض على الفيلم وعارضا بقوة فكرته حتى دون قراءة السيناريو ودون أن معرفة أحداث العمل، مشيرة كذلك إلى أنها التقت منذ سنوات بالفنانة برلنتى عبدالحميد التى قالت لها إن المشير دفع للانتحار وأوردت مفهوما غريبا قائلة "المشير اسُتنحر".

وذكرت خيرالله أيضاً أن عائلة عبد الناصر تقول إن المشير انتحر، بينما تقول عائلة المشير إنه قتل، ومن حق أى مبدع أن يتناول أية رواية من الاثنتين، ومن لا يعجبه التناول يقوم بعمل فيلم أو مسلسل من وجهة نظرة الخاصة . وتتمنى خيرالله أن يحكم القضاء المصرى لصالح الإبداع وينتصر لمشروع فيلم "الرئيس والمشير" لأن هذا سيفتح الباب أمام مبدعين آخرين لتقديم أعمالهم الفنية وخروجها للنور.

لمعلوماتك
ظهر المشير عبد الحكيم عامر فى أكثر من عمل فنى منها " ناصر 56" وجسد شخصيته طارق الدسوقى ، وفى فيلم " جمال عبد الناصر" لخالد الصاوى وجسد شخصيته هشام سليم ، وفى مسلسل " العندليب " وجسد شخصيته طارق لطفي.
رشح للقيام ببطولة فيلم "المشير وأنا " الذى كان انتهى الليثى من كتابته عام 2001 على أن يخرجه خالد يوسف ، كل من نور الشريف لأداء شخصية جمال عبد الناصر وأحمد زكى لأداء شخصية المشير، وعقب وفاة زكى رشح ممدوح عبد العليم لأداء الشخصية.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة