"ملك أم كتابة"، هذه هى اللعبة الآن داخل مجلس الشعب المصرى حول ما يتردد عن نية الحكومة الإعلان عن مد حالة الطوارئ فترة جديدة بعد أن تقاعست عن التقدم بمشروع قانون الإرهاب ..مصادر برلمانية زعمت بأن تباطؤ الحكومة فى تقديم مشروع القانون مبطن بحالة من الخوف خشية التداعيات التى سيفرزها إقرار هذا القانون الجديد فى ظل حالة الاحتقان التى يشهدها المجتمع المصرى فى أعقاب قرار الحكومة برفع أسعار البنزين والسولار والذى تبعه ارتفاع جنونى لأسعار جميع السلع الرئيسية.
أما الجانب الآخر والذى يمثله نواب البرلمان من جبهة المعارضة فيرى أن حكومة نظيف والتى وصفوها "بحكومة الظلام" لا تخاف، فهى تعمل فى الظلام لتصادر حق الشعب من أجل إعلاء مصلحة النظام ..أياً ما يكون فالكرة الآن أصبحت فى ملعب الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية والذى أكد عام 2006 أثناء موافقة مجلس الشعب بأغلبية نوابه من الحزب الوطنى على مد حالة الطوارئ عامين لتنتهى هذا العام. وقال "إن هذا المد يأتى فى صالح إعداد قانون رادع وفعال لعلاج ظاهرة الإرهاب" وشدد على دور الحكومة فى أهمية الانتهاء من هذا المشروع وعرضه على مجلس الشعب لإقراره قبل انتهاء مدة العمل بقانون الطوارئ .. واليوم يبقى السؤال مفتوحاً حول نوايا الحكومة الحقيقية فى التكتم عن موقفها من هذا الملف الشائك.
الحقيقة التى لا تحتاج جدلاً أن الحكومة ستلجأ إلى حيلة ذكية من خلال التهرب من الحديث فى هذا الموضوع لحين انتهاء فعاليات مؤتمر "دافوس" الاقتصادى والذى بدأت فعالياته الأحد فى منتجع شرم الشيخ وسط حضور عالمى وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى جورج بوش. وبعدها سيقضى الأمر الذى فيه تستفتيان إما بإقرار قانون الإرهاب والذى تم عرضة على المجلس القومى لحقوق الإنسان أو بمد حالة الطوارئ بعد 27 عاماً من الممارسات الشاذة التى عاشها المجتمع المصرى. ستكون أقل قسوة من هيمنة الطوارئ.
فالواقع أشد قسوة فى ظل إقرار قانون الإرهاب الجديد وهو ما يراه العديد من نواب البرلمان كارثة جديدة ستحل بالمجتمع المصرى .. يقول النائب حسين إبراهيم المتحدث الرسمى لكتلة الإخوان المسلمين "إن ثقافة الطوارئ أفرزت أباطرة من رجا ل الشرطة لا يعترفون بحقوق المواطن المصرى", وأكد أن مد العمل بقانون الطوارئ أو إصدار قانون للإرهاب ليس هو الهدف المنشود, لافتاً إلى التعديلات الجوهرية التى أدخلها مجلس الشعب على قانونى الإجراءات الجنائية والعقوبات إبان أحداث الأقصر الإرهابية فى التسعينيات.
وأوضح حسين إبراهيم أن الحكومة ستظل تتكتم نواياها الحقيقية كعادتها لتفاجئ الجميع بقرارها والأقرب إليه مد حالة الطوارئ وهو ما يتعارض مع ما أكده الدكتور مفيد شهاب من أهمية انتهاء الطوارئ وتطبيق قانون الإرهاب.
فى حين يشير النائب إبراهيم الجوجرى وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب إلى استعداد اللجنة لمناقشة مشروع قانون الإرهاب الجديد فور إرسال الحكومة له, مبيناً انتهاء اللجنة المعدة لمشروع القانون من عملها وإرساله إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه لعرضه على البرلمان وذلك قبل 31 من الشهر الحالى.
الدكتور جمال زهران النائب المستقل بمجلس الشعب يرى عدم مشروعية إقرار قانون الإرهاب وسط حالة الاحتقان التى يشهدها الشعب المصرى والدعوات المتكررة إلى الإضراب شهرياً وقال"لم يمر وقت طويل على الجلسة التاريخية التى أقر فيها مجلس الشعب زيادة اعتمادات الموازنة من جيوب المصريين". وأشار إلى أن إقرار الحكومة والبرلمان لقانون الإرهاب جريمة دستورية لن تغتفر للنظام المصرى والذى لن يجرؤ على مناقشة مد حالة الطوارئ فى ظل تواجد الرئيس الأمريكى جورج بوش فى مصر لحضور مؤتمر "دافوس", فضلاً عن وجود العديد من القوانين معروضة الآن على مجلس الشعب، ومن أهمها قانون المدعى العام الاشتراكى ومشروع قانون الضريبة العقارية وقانون المرور الجديد وعليه يصعب مناقشة قانون الإرهاب وسط الفترة المتبقية من عمر الدورة الحالية، اللهم إلا إذا فعلت الحكومة كارثة جديدة وأجازت المشروع وسط موافقة أغلبية نواب الحزب الوطنى تحت قيادة المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطنى ولتذهب الحرية إلى الجحيم.
