جائزة يوسف إدريس فى ندوة مرتبكة

الثلاثاء، 20 مايو 2008 05:15 م
جائزة يوسف إدريس فى ندوة مرتبكة يوسف إدريس
كتب هيثم حرب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بوستر كبير يحمل صورة يوسف إدريس، فى أسفله كلام يبدو أنه عنوان لندوة "يوسف إدريس رؤى متجددة ـ من 18 إلى 20 مايو 2008".. ربما هذا هو الملمح الوحيد الذى يدل على أن المجلس الأعلى للثقافة أقام ندوة استعادية "ضخمة" لطرح رؤى يوسف إدريس.. باستثناء البوستر والقاعة التى لايزيد الحضور فيها على أصبع اليد .

لن يختلف مشهد الافتتاح كثيراً عن مشهد حفل الختام، والذى أسفر عن فوز الأديب محمد إبراهيم طه بجائزة يوسف إدريس للقصة القصيرة وقدرها 25 ألفاً. حال الندوة التى امتدت لثلاثة أيام لخصها الكاتب شعبان يوسف حين قال: "كنت أنوى الاعتذار، فالمؤتمر مرتبك كثيراً، وكأننى فى مؤتمر عبثى لكاتب عابر أو إقليمى".

فى الجلسة الافتتاحية من المؤتمر حضر معظم الأسماء الذين سيشاركون فى جلساته، خاصة جلسة الشهادات التى كانت ستمتد حتى المساء لإثبات الحضور، وفى الجلسة المسائية لم يحضر سوى الأديب محمد المخزنجى من مجمل ست شخصيات هم إبراهيم أصلان ود. جابر عصفور وجار النبى الحلو وخيرى شلبى ود. عبد المنعم تليمة.

المخزنجى انطلق من تشريح سيكولوجى ليوسف إدريس، قائلاً إنه كان شهيداً بالمعنى النفسى للكلمة، وهو الذى تختفى لديه حسابات المكسب والخسارة لأجل نصرة الحياة، ساعده على تلك النظرة الظروف التاريخية المحيطة بتكوينه والتى ساهمت فى تشكيل وعيه.. روح الشهيد سيطر على يوسف حتى فى كتابة المقال، حيث شكلت انسياقاً وراء تلك الرغبة الجامعة فى تغيير الكون، وأتصور أن صحف المعارضة لو أعادت نشر تلك المقالات لأصبحت دروساً فى إلهاب المشاعر وتقليب التربة. نافياً أن يكون اتجاهه لكتابة المقال على سبيل الفقر الإبداعى، لأن المبدع الحقيقى لا تجف موهبته، وهو الذى قال عنه طه حسين: "خلق ليكون قصاصاً".

يضيف المخزنجي: استحضر ذلك المخلوق المبدع الذى ظلم كثيراً عندما أتيح لى أن أكون ضمن أفراد أسرته فى المستشفى.. اكتشفت أنه كان يتحرك بروحه وليس بذلك الجسد الضخم، بعد أن شاهدت صور الأشعة التى أجريت على قلبه وكشفت عن مدى التضخم السرطانى الذى أصابه. وتساءلت: كيف كان يعارك ويتحمل كل هذا الظلم وسوء الظن؟.

كلمة جار النبى الحلو التى قرأها بدلاً منه د. حسين حمودة اختار أن يدلى فيها بشهادته عن أول لقاء جمعه به: فى شتاء بعيد فى سبعينيات القرن الماضى دخلت إلى مقهى ريش وكنت فرحاً، لأننى سألتقى بزملاء الكتابة. وفى منتصف المقهى رأيت يوسف إدريس، وكانت المرة الأولى التى أراه فيها، بعد أن عشت مع كتاباته سنوات عمرى. رأيته جالسا بحيث أراه فى المواجهة، وتحول العالم كله إلى عينين حادتين براقتين هما عينا يوسف إدريس، لم ينظر لى وتراجعت إلى الخلف فى بطء وحذر حتى وجدتنى خارج المقهى، وفيما بعد عدت وحكيت له هذا الواقعة..اندهش ثم قال " غريبة هذا ما حدث لى مع طه حسين فى أول مره لقد خفت حين رأيته".

الحلو ذكر أسباب خوفه من يوسف إدريس: التقيت مبكراً بقصصه، وكنت أقرأها باستغراب، فقد كان يكتب عن ناس أعرفهم، كنت أقرأ من قبله العديد من الكتب المترجمة وبعض كتابنا الكبار آنذاك، ولم أشعر فيها سوى بالتسلية، فقط كنت مبهوراً ومازلت بيوسف إدريس وحده.. لا أنسى يوم قرأت قصة "بيت من لحم"، شهقت كأننى سأموت أو أبدأ الحياة من جديد وأعدت قراءتها مرة واثنتين وثلاث حتى خمس مرات وضربت كفا بكف وقلت أى عبقرى كتب هذه.

طرح أحد الحضور سؤالاً حول مدى صدق أو كذب القول بأن يوسف إدريس كان مدمناً للمخدرات، فقال المخزنجى إن يوسف إدريس كان يتحمل ألاماً نفسية شديدة، سرعان ما أصبحت آلاماً جسدية، فوصف له أحد الأطباء دواء "الجافان"، وكان هذا خطأ المؤسسة الطبية؛ لأن الدواء دخل بعد ذلك فى جدول المخدرات، وأنا شخصيا جربته، وهو يكاد يكون مقارباً لتأثير "الأفيون".. فى كل الأحوال لم يكن يوسف إدريس مدمناً، لكنه فقط تعرض لتلك الشائعات من الأجهزة الأمنية وهو ما قاله لى وأصدقه تماماً.

فى جلسة خصصت لمناقشة " القصة القصيرة قبل يوسف إدريس" ذكرالناقد د. عبد الحميد شيحة أن توفيق الحكيم عانى من صحبة "العوالم" وهو أمر كان يخفيه عن أسرته، وحين أصدر أولى مسرحياته أخفاها عن أسرته خوفاً من سطوتهم.

د. حمدى السكوت، أستاذ الأدب بالجامعة الأمريكية، تحدث عن نشأة القصة القصيرة فى العالم العربى والتى بدأت على يد محمد تيمور، الذى مات شاباً، قبل أن يستكمل مشروعه القصصي، ففى "القطار" نجح فى تقديم شكل متكامل للقصة القصيرة، أما يوسف إدريس فقد استطاع الدخول بالقصة إلى مرحلة جديدة، حولت مسارها إلى آفاق الواقعية الرحبة، وهو منهج كان قد شهد نضوجاً لدى الغرب من أمثال بلزاك وأميل زولا الذى كان يزور المشرحة حتى يكتب عن الأموات. مضيفاً أن يوسف قرأ التراث الشعبى و"هضمه" جيداً، ورغم ذلك ادعى أنه لا يعرف التراث العربى الشعبي.

الناقد د. مصطفى الضبع أكد أن يوسف نجح فى التقاط مشاهد إنسانية عادة ما تصادفنا وتمر علينا مرور الكرام، لكنه التقطها بحس قاص يعرف خريطة مجتمعه جيداً ويكتب عما يعرفه. مضيفاً أنه اقترب من المشكلات المسكوت عنها فى رواية "الحرام"، ومجموعة "بيت من لحم".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة